الشمس الحارقة كما تُرى بالأشعة السينية

تُظهر هذه الصورة الجديدة التي تم تجميعها من لقطات متعددة بواسطة عدة تلسكوبات المناطقَ النشيطة المتوهجة من الشمس. يمثل اللون الأزرق الأشعة السينية عالية الطاقة التي تم تصويرها بواسطة صفيفة تلسكوب قياس الطيف النووي التابعة لناسا المعروفة اختصارا بـ "نوستار" (NuSTAR)، كما تظهر الأشعة السينية ذات الطاقة المنخفضة التي تم تصويرها بواسطة مركبة هينود اليابانية باللون الأخضر، أما الإشعاع الشديد فوق البنفسجي الذي تم تصويره بواسطة المرصد الديناميكي الشمسي (SDO) التابع لناسا، فهو يظهر باللونين الأصفر والأحمر.

المصدر: NASA/JPL-Caltech/GSFC/JAXA.
 


تضيء الأشعة السينية سطح الشمس على هيئة باقة من الألوان الساطعة في هذه الصورة الجديدة التي تضم بيانات من صفيفة تلسكوب قياس الطيف النووي والمعروفة اختصارا بـ"نوستار" (Nuclear Spectroscopic Telescope Array) أو اختصارا (NuSTAR) التابعة لناسا. تظهر هذه الأشعة السينية عالية الطاقة التي تم رصدها بواسطة نوستار باللون الأزرق، في حين أن اللون الأخضر يمثل الأشعة السينية ذات الطاقة الأخفض التي تم التقاطها بواسطة مُستقبِل الأشعة السينية على متن المركبة اليابانية "هينود" (Hinode) وهذه الكلمة اليابانية تعني "شروق الشمس". ويشير اللونان الأصفر والأحمر إلى الضوء فوق البنفسجي الذي تم التقاطه بواسطة المرصد الديناميكي الشمسي (Solar Dynamics Observatory) أو اختصارا (SDO) التابع لناسا.

عادة ما تقضي نوستار جل وقتها في استكشاف أسرار الثقوب السوداء والمستعرات العظمى وكذا الأجرام الأخرى عالية الطاقة في الكون، كما يمكنها كذلك تفحُّص الأجرام القريبة من كوكبنا الأم، بما فيها الشمس.

يقول آيان حنّا Iain Hannah من جامعة غلاسكو-إسكتلندا، الذي عرضَ الصورة الجديدة في الثامن من يوليو/تموز في الاجتماع الفلكي الوطني للجمعية الفلكية الملكية في لاندودنو-ويلز: "في هذا المشهد، يمكننا رؤية بضعة مناطق نشيطة على الشمس. لقد بدأت الشمس بالخمود في دورتها الحالية، ولكنها لن تصل إلى أدنى نشاط لها إلا بعد حوالي سنتين من الزمن".

تعجُّ هذه المناطق النشيطة على الشمس بالثورانات الشمسية (flares)، وهي اندلاعات عنيفة تحدث على سطح الشمس تقذف جسيمات مشحونة وإشعاعا عالي الطاقة. وهي تحدث حين تتلامس خطوط المجال المغناطيسي مع بعضها البعض ثم تتفرق قبل أن تتجمّع مجددا. ونظرا لحساسيتها الشديدة، فإن نوستار تعجز عن رؤية الثورانات الكبيرة، لكنها تستطيع أن تساعد في قياس طاقة الثورانات الميكروية الأصغر (microflares) التي لا تنتج إلا جزءا من مليون من الطاقة التي تنتجها الثورانات الكبيرة.

يمكن لنوستار أن تكتشف الثورانات النانوية (nanoflares) التي تعادل الطاقةُ الصادرة عنها جزءا من مليار من طاقة الثورانات المعتادة. وقد تساعد الثورانات النانوية في تفسير ظاهرة السخونة الشديدة غير المتوقعة في الغلاف الجوي للشمس (الإكليل الشمسي)، على الرغم من صعوبة التقاطها نظرا لصغر حجمها، ولكنّ الثورانات النانوية قد تصدر أشعة سينية عالية الطاقة بحيث يمكن التقاطها نظرا للحساسية التي تتمتع بها نوستار. ويشتبه الفلكيون في أن هذه الثورانات الصغرى، مثلها مثل أقرانها الكبيرة، تقوم بإصدار الإلكترونات بسرعات هائلة، حيث يُصدر الإلكترون الأشعة السينية عالية الطاقة أثناء اندفاعه.

يقول حنّا: "ما زلنا بحاجة إلى أن ينخفض النشاط الشمسي بدرجة أكبر خلال السنوات القليلة القادمة لنتمكن من تحري هذه الظواهر"، ويتابع حنّا موضحا أن الشمس لا تزال تصدر نوبات غير متوقعة من النشاط المرتفع رغم اقترابها من النهاية الهادئة لدورتها التي تستمر لـ11 عاماً.

يشعر الفلكيون كذلك بالحماسة لاستخدام الصور التي تلتقطها نوستار للشمس بهدف تحديد النقاط التي تتحرر منها الطاقة الناجمة عن الثورانات. وفي حين أنه من المعروف أن الطاقة تتحرر عموما في الطبقات العليا من الغلاف الجوي للشمس، إلا أن مواضع التحرر والآليات المسؤولة عن ذلك بعينها لا تزال غير معروفة بشكل دقيق.

بالإضافة إلى ذلك، فإن علماء الكونيات أيضا يتطلعون إلى استخدام الأرصاد الشمسية التي تقوم بها نوستار. كما تمتلك نوستار فرصة ضئيلة في كشف الجسيمات المفترضة للمادة المظلمة التي تدعى بالأكسيون (axion)، بالإضافة إلى حل بعض ألغاز الشمس الأخرى. وتعد المادة المظلمة مادة غامضة تتوفر في الكون أكثر بخمس مرات من المادة النظامية (المادة العادية و المرئية لنا) التي تؤلف الأجسام اليومية وكل ما يُصدر الضوء. 

يقول برايان غريفنستيت Brian Grefenstette من معهد كاليفورنيا للتقانة في باسادينا، وهو أحد الفلكيين في فريق نوستار: "إن الأمر الرائع بخصوص نوستار هو أنها أداة متعددة الاستخدامات، فهي تتيح لنا تصيُّد الثقوب السوداء التي تقع على بعد ملايين السنين الضوئية، كما تمكّننا كذلك من معرفة معلومات جوهرية عن النجم الذي يقبع بجوارنا".

تعدّ البعثة نوستار بعثة استكشاف صغيرة بقيادة معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا Caltech وإدارة مختبر الدفع النفاث في باسادينا-كاليفورنيا لصالح إدارة البعثات العلمية الخاصة بناسا في واشنطن. وقد تم تطوير نوستار بالتعاون مع الجامعة التقنية الدنماركية ووكالة الفضاء الإيطالية، أما المركبة الفضائية فقد صنعتها شركة Orbital Sciences في دولِس-فرجينيا. ويوجد مركز العمليات الخاص بالبعثة في بيركلي-الولايات المتحدة، أما مركز البيانات الرسمي فهو في مركز أرشيف الأبحاث العلمية في الفيزياء الفلكية عالية الطاقة التابع لناسا.

أما بالنسبة للبعثة هينود، فترأسها وكالةُ استكشاف الفضاء اليابانية، بمشاركة كل من وكالة الفضاء الأمريكية ناسا والشركاء الأوروبيين.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المصطلحات
  • مركز غودارد لرحلات الفضاء (GSFC): هو واحد من المراكز العلمية التي تقوم ناسا بتشغيلها. المصدر: ناسا

اترك تعليقاً () تعليقات