مشهد لحرائق الغابات في سبيريا
التُقطت بواسطة جهاز التصوير الطيفي متوسط الدقة التابع لناسا في 18 مايو/أيّار 2014
سيقوم مرصد الكربون المداري 2 التابع لناسا (NASA's Orbiting Carbon Observatory-2) والذي انطلق في 2 يوليو/تموّز، قريباً بتقديم حوالي 100000 قياسٍ عالي الدقة يومياً لتراكيز ثنائي أكسيد الكربون في كافة أرجاء العالم. علماء الغلاف الجوي متحمّسون لذلك الأمر. لكن من أجل فهم العمليات التي تتحكم بكمية غاز الدفيئة (greenhouse gas) الموجود في غلافنا الجوي، هم بحاجةٍ إلى معرفة معلوماتٍ أكثر من مجرّد مكان وجود ثنائي أكسيد الكربون الحاليّ، فهُم يحتاجون إلى معرفة أين كان موجوداً من قبل. وهذا الأمر يتطلب المزيد من البيانات لاكتشاف ذلك.
يقول ديفيد بيكر David Baker من جامعة كولورادو في فورت كولينز: "إلى حدٍّ ما، أنت تحاول أن تعود بالزمان والمكان إلى الوراء. تعكسُ جريان الرياح لتحدد متى ومن أين خرج ثنائي أكسيد الكربون على سطح الأرض لتعطيكَ بالتالي القياسات التي تراها الآن".
استخدم هاري بوتر محوّل زمنٍ سحريٍّ للسفر إلى الماضي. أمّا علماء الغلاف الجوي فيستخدمون نوعاً من النماذج الحاسوبية المعروفة بنموذج النقل الكيميائي، حيث يجمع هذا النموذج العمليات الجوية المكتشفة في النموذج المناخي مع المعلومات المتعلقة بالمركبات الكيميائية الهامّة متضمّنةً تفاعلاتها و مصادرها على سطح الأرض والعمليات التي تُزيلها من الجو –الأمر الذي يُعرف بالمصارف "sinks".
استخدم بيكر حريقاً في غابةٍ كمثالٍ لشرح كيفيّة عمل نموذج النقل الكيميائي، إذ يقول: "في مكان اشتعال النار، عند تلك النقطة من الزمن، تحصل على نبضة من ثنائي أكسيد الكربون في الغلاف الجوي جراء احتراق الكربون الموجود في الخشب. تقوم رياح النموذج بنفخه إلى الأمام، فتأتي عمليات المزج وتمدّد الكربون خلال الغلاف الجوي لينتشر الغاز بعد ذلك وبشكلٍ تدريجي أكثر فأكثر في عمودٍ يتم في النهاية نشره في كافة أرجاء العالم".
تستطيع بعض النماذج أن تعود بالزمن إلى الوراء انطلاقاً من نقطة العمود لتصل إلى الحريق، بمعنى آخر- تعود للبحث عن مصادر ثنائي أكسيد الكربون المحمول جوّاً. التفاعلات والعمليات التي لابد أن يتمّ محاكاتها معقّدة للحد الذي يلجأ معه العلماء إلى تدوير نماذج النقل الكيميائية الخاصة بهم للأمام والخلف خلال الفترة الزمنية ذاتها عشرات المرات، ليعدّلوا النموذج مع الأدلّة الجديدة التي تكشفها كلُّ مجموعة نتائج. يقول بيكر: "بشكلٍ أساسي، أنت تبدأ بالزحف نحو حل. ربما لن تزحف بشكلٍ مستقيم نحو الأجوبة المُثلى، لكن يُمكنك تصحيح مسارك على طول الطريق".
أشارت ليزلي أوت Lesley Ott، مصمّمة نماذجٍ مناخيّة من مركز غودارد لرحلات الفضاء والتابع لناسا في غرينبلد بميريلاند، لحقيقةِ أنّ محاكاة النقل الجوي لثنائي أكسيد الكربون هو شرطٌ أساسي من أجل تطوير الطريقة التي تحاكي بها نماذج المناخ العالمي دورة الكربون وكيف ستقوم بالتغيّر مع تغيّر مناخنا. تقول أوت: "إذا حصلْتَ على الجزء المتعلق بالنقل بشكلٍ صحيح، يُمكنك فهم الجزء المتعلق بالمصادر والمصارف. ستقوم البيانات الأكثر والأفضل نوعيةً التي يقدّمها مرصد الكربون المداري 2 بخلق توصيفٍ أفضل للكربون العالمي".
أفاد بيكر أن حجم البيانات المقدّمة من مرصد الكربون المداري ستطوّر المعرفة بمجال عمليّات الكربون باستخدام نطاقٍ أكثر دقّة من الموجود حالياً، فيقول: "مع كل هذه التغطية، سنصبح قادرين على معرفة ما يجري على الصعيد الإقليميّ"، كما أشار إلى مجالات الحجم في ولاية تكساس أو فرنسا.
ويضيف أيضاً: "سيساعدنا هذا الأمر على فهمٍ أفضل لكيفية امتصاص الغابات والمحيطات للكربون. هناك عمليّاتٌ تنافسيّة واسعة، ونحن لسنا واثقين حاليّاً أيّها الأكثر أهميّة".
وجّهت Ott أيضاً إلى أنّ تطوير الطريقة التي تتصرف بها نماذج المناخ العالمي، والتي تُمثل ثنائي أكسيد الكربون، ستقدم فوائداً تتخطّى مجتمع البحث العلمي.
تقول Ott: "إنّ معرفة كيف تكون الاستجابات الدولية والوطنية للتغير المناخي أمرٌ صعبٌ جداً. يحتاج الساسةُ إلى الأجوبة بسرعة. علينا حاليّاً أن نثق بعددٍ قليلٍ جداً من المراقبات التي تدرس ثنائي أكسيد الكربون. سنحصل على تغطية أفضل بكثير ذلك لأنّ كميّةً كبيرةً من البيانات ستأتي إلينا وربّما نكون قادرين على رؤية مميزات مفصّلة حول دورة الكربون بشكل أفضل والتي فاتتنا سابقاً".
أخذ البيانات القادمة من OCO-2 بالزمن إلى الوراء قد يكون خطوةً إضافيةً إلى الأمام على طريق فهمِ التغيّر المناخي والتأقلم معه.