هل تُفسر الكائنات الحية الدقيقة تضاريسَ المذنّبات؟

صورة مُقرّبة لمُذنب 67 بي/تشوريوموف-جيراسيمنكو 67P/Churyumov–Gerasimenko التُقطتْ من على مسافة 130 كم من سطح المُذنّب باستخدام أداة أُوسِيريس OSIRIS (أداة نظام التصوير البَصري والتحليل الطَّيفي واﻷشعة ما تحت الحمراء عن بُعد) التابعة لمركبةِ الفضاء رُوزيتا Rosetta. هذا وتَظهرُ العديدُ من التضاريسِ بوُضوح في هذه الصورة، بما فيها: الصخور، والفوهات، والمُنحدرات الحادة على سطحِ المُذنّب.
حقوق الصورة: ESA/Rosetta/MPS for OSIRIS Team MPS/UPD/LAM/IAA/SSO/INTA/UPM/DASP/IDA


مُذنّب 67 بي/تشوريوموف-جيراسيمنكو 67P/Churyumov–Gerasimenko الذي كان قد خَضع لدراسةٍ تفصيليةٍ ودقيقةٍ من قِبَل مَركبتي الفضاء روزيتا Rosetta وفيليه Philae التابعتين لوكالة الفضاء الأوروبية منذ شهر سبتمبر/أيلول 2014، هو عبارة عن جرم سماوي ذي تضاريس مُميزة لم يتوقع العلماء وُجودها عليه. من جهة أخرى، قام رائدا فضاء بطرح تفسيرٍ جوهري غير اعتيادي للسبب وراء تشكُّل تضاريس مُذنّب تشوري بهذا الشكل حيث قالا بأن الكائنات الحية الدقيقة هي المسؤولة عن تشكيل النشاط على المُذنّب.

 

من جهته، قام الدُكتور ماكس والِيس Max Wallis من جامعة كارديف University of Cardiff بعرض أفكار رائدي الفضاء هذين أمس الإثنين (السادس من يوليو/تموز) خلال فعالية اللقاء الفلكي الوطني National Astronomy Meeting الذي عُقد في سايمرو Cymru في بلدة لاندودنو Llandudno الواقعة في ويلز.

هذا وقد أظهرت البيانات التي أرسلتها روزيتا وُجود مُذنّبٍ ذي شكلٍ غير منتظمٍ يُشبه شكل البطة بأبعادٍ قُدِّرت بحوالي 4.3 في 4.1 كم. ويبدو أن المُذنّب يمتلك قِشرةً سوداءَ تعلو طبقةً من الجليد. كما تُظهر الصورة المُلتقطة للمُذنّب بِحارًا مَلساء كبيرة، وفُوهاتٍ ذات قيعانٍ مُسطحة، وسطحًا تتخلله العديد من الصخور العِملاقة. أما بُحيرات الفُوهات على سطح المذنّب فهي عبارة عن مُسطحاتٍ مائيةٍ كانت قد تعرّضت للتجمُّد مرتين وتعلوها المُخلفات والبقايا العُضوية. كما تُوجد على سطحهِ أخادِيدُ مُتوازية مُرتبطة بعملياتِ الالتواءِ والانثناءِ التي تُعزى بدورها إلى الشكل غير المُنتظم والفَص المُزدوج الذي يتمتع به المُذنّب، ما يُؤدي إلى تَشكُّل كثيرٍ من الكُسور والشُّقوق في طبقة الجليد الواقعة أسفل القشرة أثناء دوران المُذنّب.


في هذا الشأن، يقولُ الدكتور وَاليس وزميله البروفيسور تشاندرا وِيكراماسينغ Chandra Wickramasinghe، مُدير مركز باكنغهام لعِلم الأحياءِ الفلكي Buckingham Centre for Astrobiology بأن هذه التضاريس جميعها مُتناسقة، إذ تحتوي على خليط مِن الجليد والمواد العُضوية التي تتماسك تحت تأثير حرارة الشمس خلال رِحلة المُذنّب في مدارهِ في الفضاء حيث الظروف مُلائمةٌ لدعمِ الكائنات الحية الدقيقة.

وحسبَ نموذجهم ذاك، قد تحتاجُ الكائناتُ الحية الدقيقة إلى وُجود مُسطحاتِ ماءٍ سائلٍ لكي تتمكن من استعمار المُذنّب، ويُمكنها أيضًا أن تستوطنَ الشُّقوق الموجودة في طبقات الجليد والثلج. من المعروف أن الكائنات الحية التي تحتوي أجسادُها على أملاحٍ مُضادةٍ للتجمُّد لديها قُدرة جيدة على التكيفِ مع هذه الظُّروف، حتى إن بعضها يكون نشيطًا وقادرًا على الحركة عند درجاتِ حرارةٍ مُنخفضةٍ جدًا تصلُ إلى حوالي -40 درجة سلسيوس.

من جهة أخرى، كانت بعض المناطقِ المُضاءة بنور الشمس على سطح مُذنّب 67 بي/تشوريوموف-جيراسيمنكو قد شَهِدت درجاتِ حرارةٍ مُماثلة خلال شهر سِبتمبر/أيلول الماضي عندما كان المُذنّب على مسافة 500 مليون كلم من الشمس حيث تم تسجيلُ وُجود انبعاثاتٍ غازيةٍ ضعيفة عليه. لكن حالما يبدأ المُذنّب بالوصولِ إلى أقربِ مسافةٍ له من الشمس -المعروفة بنقطة الحَضيض الشمسي (perihelion) والبالغة 196 مليون كم- تبدأ درجاتُ الحرارةِ بالصُعود وتزداد معها الانبعاثات الغازية على سطحه، ما يعني أنه بإمكان الكائنات الحية الدقيقة أن تنشطَ وتتحركَ بشكلٍ أكبر من ذي قبل.

من ناحيته قال الدُكتور وَاليس: "لقد أظهرت مركبة الفضاء رُوزيتا بالفعل أنه لا يجبُ النظرُ إلى هذا المُذنّب على أنه جرم سماوي مُتجمد وخامِد، بل هو مكانٌ يدعمُ الكثيرَ من العمليات الجيولوجية، ويمكن أن يكونَ مُناسبًا للحياة المجهرية أكثر من المِنطقة القُطبية الشمالية والجنوبية على كوكبنا".

كذلك أشارَ كُلٌّ من وَاليس وويكراماسينغ إلى أن هُناك دليلاً إضافيًا على وُجود الحياة على المُذنّب يتمثل في العددِ الكبيرِ من الجُزيئات العُضوية المُعقدة التي كَشف عنها فيليه وقامت بتصويرها رُوزيتا باستخدام الأشعةِ ما تحتَ الحَمراء.

من جِهة أخرى، عَلّق البروفيسور ويكراماسينغ على هذا الأمرِ قائلاً: "إذا كانت مركبة رُوزيتا قد عثرت على دليلٍ يُؤكد وُجود حياةٍ على المُذنّب، فسيُعدُّ ذلكَ حَدثًا هامًّا يُمكن تكريسُه للإشادةِ بمُساهماتِ عالم الأحياءِ الفلكية الرائدِ في مجاله السِّير فريد هُويل Fred Hoyle، وجعلِ هذا الاكتشافِ مُناسبةً للاحتفالِ بالذكرى المِئوية لمِيلاده".

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات