هل جاءت الحياة من المذنبات: فيليه يجد دليلاً على أن المُذنبات مختبراتٌ كونية

 تُبين الصورة أعلاه مشهداً لمذنب شيريوموف-جيراسيمينكو 67P/Churyumov-Gerasimenko وهالته المميزة التقطته المركبة الفضائية روزيتا Rosetta التابعة لوكالة الفضاء الأوروبية European Space Agency بواسطة الكاميرا الملاحية من على مسافة 171 كيلومتراً (106 أميال) من مركز المُذنب. 
AP Photo/ESA/Rosetta/Navcam

 


يقول العلماء أن مِسبار فيليه (Philae) تمكّن من جمعِ بياناتٍ تدعم النظرية القائلة بأنّ المذنبات يُمكنها أن تلعب دورَ مُختبراتٍ كونية يجري داخلها تجميعُ وتركيب عددٍ من العناصر الأساسية للحياة. 

استخدم فيليه، الذي يُعتبر جزءاً من مهمة روزيتا التابعة لوكالة الفضاء الأوروبية، أداتين منفصلتين للبحث بدقة عن الجزيئات خلال عملية هبوطه الصعب على سطح مذنب شيريوموف-جيراسيمينكو 67p في شهر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي. 

وفي ورقةٍ علمية نُشرت يوم الثلاثاء في مجلة "Science"، ذكر الباحثون أنهم أمضوا أشهراً عديدة في تحليل البيانات، واستنتجوا أن 67p يحتوي على 16 مركباً عضوياً على الأقل، أربعة منها لم تُكتشف فوق مذنبات من قبل، بما في ذلك الأسيتون (acetone).

وفي هذا السياق يقول مارك ماكورين Mark McCaughrean كبير علماء وكالة الفضاء الأوروبية: "المذنّبات مُحمّلة بموادَ خام مثل الماء، وثاني أكسيد الكربون، والميثان، والأمونيا، التي تعتبر جميعها ضرورية لتجميع وتركيب الجزيئات العضوية الأكثر تعقيداً، وقد يكون ذلك ناجماً عن فوتونات الأشعة فوق البنفسجية القادمة من الشمس أو الأشعة الكونية، أو بسبب الصدمة التي تحصل عندما تصطدم المذنبات بسطح كوكب مثل الأرض في أول عهدها".

من غير المعروف حتى الآن فيما إذا كانت الجزيئات المعقدة المكتشفة فوق تعود إلى المراحل المُبكرة من تاريخ نظامنا الشمسي، وبعدها اندمجت بالمذنب، أم أنّها تشكّلت لاحقاً. ويُضيف ماكورين: "في كلتا الحالتين يبدو أن المذنبات أماكن جيدةٌ جداً لإيجاد لبِناتِ البناء الأساسية للجزيئات التي يمكن أن تكون قد استُخدمت لاحقاً في عملية نًشوء الحياة".

يرفض ماكورين، الذي لم يكن جزءاً من الدراسة، التقارير الأخيرة التي ذكرت أن أدلةً على الحياة وُجدت فوق المذنب؛ لكنه يقول أن المركبات ما قبل الجنينية (prebiotic compounds)، المُكتشفة فوق المذنب قد تكون موجودة في جزيئات معقدة أخرى مثل الحموض الأمينية التي قدمت إلى المكان جراء تصادم كوكبي. 

أما البروتينات (Proteins)، التي تُعد عناصر أساسية في الكائنات الحية، فهي مُؤلفة من سلاسل طويلة من الحموض الأمينية (amino acids)، وأبسطها الغليسين (glycine)، حيث اكتُشفت في مواد تم الحصول عليها من ذيلِ مذنبٍ آخر زارته بعثة ستار داست (Stardust) التابعة لناسا قبل بضعة أعوام

 

 
لم يكتشف علماء فيليه أية حموض أمينية فوق 67p حتى الآن، لكنّ ذلك لا يعني بأي حالٍ من الأحوال أنها غير موجودةٍ البتّة. ولأن فيليه كان قادراً على إجراء تجارب على مدار 60 ساعة فقط قبل نفاذ الطاقة في بطارياته، لم يتمكن العلماء من إنجاز بعض الأعمال التي كانوا يأملون الانتهاء منها. 

مؤخراً، الشهر الماضي، استيقظ المسبار الفضائي من وضع السبات، لكنّ وكالة الفضاء الألمانية DLR المسؤولة عن تشغيله لم تستطع حتى الآن تأسيس اتصالٍ قوي معه من أجل استئناف العمل على التجارب العلمية. ولا زال لدى العلماء أملٌ في أن يتمكنوا من العودة للعمل أثناء دوران المسبار وسفينته الفضائية الأم روزيتا حول المذنب، ومرافقتهما له في مداره ورحلته في الفضاء. من جهة أخرى، يتمثل الحدث المهم القادم والذي سيقع بتاريخ 13 أغسطس/آب، في وصول المذنب إلى أقرب نقطة له من الشمس المعروفة بنقطة الحضيض (perihelion).

وإلى جانب اكتشافاتهم المتعلقة بالتركيب الكيميائي للمذنب، نشر العلماء مجموعةً من المعلومات الجديدة المتعلقة بتضاريس المُذنب الصخرية وسطحه القاسي مما يُمهّد الطريق أمام البعثات المستقبلية التي ستستهدف دراسة المذنبات. ويُعلّق ستيفان أولاميك Stephan Ulamec مدير مشروع فيليه: "بالفعل، لقد تعلمنّا على الأقل شيئاً واحداً من عملية الهبوط الأولى التي قمنا بها فوق سطح المذنب، لكن بالنسبة لنا، مشكلة ارتداد المسبار عن السطح أثناء هبوطه أكبر من مشكلة غوصه في أرض المُذنّب". 

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات