زحل وإنسيلاديس ينتجان نفس كمية البلازما

وجد العلماء العاملون على مهمة كاسيني في كلية لندن الجامعية الدليل الأول على أنه من المحتمل أن الغلاف الجوي الأعلى لكوكب زحل، الذي عصفت به الرياح الشمسية، قد أطلق كمية كلية من الكتلة لكل ثانية إلى الغلاف المغناطيسي الخاص به مساوية لتلك التي يطلقها قمره إنسيلاديس.


إن الأغلفة المغناطيسية عبارة عن نطاقات في الفضاء والتي تتأثر بشدة بالحقول المغناطيسية لكوكب قريب لها، ويمكن أن تحتوي على جسيمات مشحونة على هيئة بلازما من مصادر خارجية وداخلية.


في حالة كوكب زحل، يطرد قمره إنسيلاديس الماء من السُّحب الجليدية المتأينة لـ H2O+ وO+ وOH+ ومن ثم يتم نقلها إلى الغلاف المغناطيسي. أما بالنسبة للمشتري، فإن قمره آيو يمنح البلازما من براكينه الكبريتية، بينما الغلاف المغناطيسي للأرض تقوده الرياح الشمسية، ولكن يتم تغذيته بواسطة الرياح القطبية من الغلاف المتأين – وهو الطبقة الجوية المتأينة بفعل الإشعاعين الشمسي والكوني.


وضّحت مهمة كاسيني مسبقًا أهمية قمر إنسيلاديس على أنه المصدر الرئيسي للكتلة بالنسبة للغلاف المغناطيسي لزحل، لكن تعد هذه المرة الأولى التي لوحظ فيها الغلاف المتأين لزحل يقوم بمنح معدل إنتاج مماثل من الكتلة.


تشير الدراسة المنشورة في صحيفة البحوث الجيوفيزيائية إلى حدث تم قياسه بواسطة مركبة الفضاء كاسيني في يوم 21 أغسطس/آب عام 2006 بينما كانت تجتاز الذيل المغناطيسي لزحل – وهو جزء مضغوط ومقيد من الغلاف المغناطيسي بفعل الرياح الشمسية. وذلك الانضغاط يسبب تغييرات ديناميكية كبيرة والتي ينتج عنها أشفاق قطبية تحتوي على أيونات وإلكترونات مشحونة بالطاقة.


عند وقت القياس، ضُغط الغلاف المغناطيسي لزحل بفعل قوة ضغط ديناميكية كبيرة من الرياح الشمسية، ولاحظت مركبة الفضاء كاسيني عن بُعد شفقًا قطبيًا بالقرب من القطب الشمالي لزحل. كما أن تركيبة الجسيمات التي في الذيل المغناطيسي التي قاستها المركبة كاسيني كانت في غير حالتها الطبيعية. اختفت الأيونات السابقة، لكن قاست كاسيني جسيمات أخرى بدلًا منها، وتحديدًا أيونات H+، والتي تتسق مع التدفق الخارجي المتوقع القادم من الغلاف المتأين من الغلاف الجوي الأعلى لزحل.


قالت طالبة الدكتوراة والمؤلفة الأولى، ماريانا فيليسي Marianna Felici (مختبر مولارد لعلوم الفضاء بكلية لندن الجامعية): "من خلال قياس تدفق الجسيمات في الذيل المغناطيسي وتحديد أماكنها في نطاق التدفق الخارجي الشفقي، استنتجنا أن الكتلة الكلية المطلقة لكل ثانية قد تكون مساوية لمعدل إطلاق الكتلة الكبير من إنسيلاديس. وإن كمية الكتلة التي تظل في الغلاف المغناطيسي غير معلومة، والكمية التي تنفذ من خلال الذيل المغناطيسي وتنضم إلى الرياح الشمسية مجهولةٌ كذلك".


تلك هي القياسات الأولى التي تستقصي دور التدفق القادم من الغلاف المتأين في كوكب كبير كهذا، وتعطي صورة أكثر ديناميكية للغلاف المغناطيسي لزحل. من المعروف أن الغلاف الأيوني للأرض هو مصدر مهم للكتلة أثناء فترات النشاط الجيومغناطيسي الشديدة عند ملاحظة "رياح قطبية"، ولكن كانت تلك هي المرة الأولى التي يتم فيها قياس مصدر الكتلة في الغلاف المتأين لزحل بشكل مباشر.


قال أندرو كوتس Andrew Coates، وهو مؤلف مشارك في الورقة البحثية ومحقق مشارك في مهمة كاسيني: "لا تتوقف كاسيني عن إبهارنا. فأولًا، وجدت أن السُّحب على إنسيلادوس هي المصدر الرئيسي للغلاف المغناطيسي الغني بالماء والذي يتسرب في النهاية خارج الكوكب. والآن، نجد أن الضغط الذي تتسبب فيه الرياح الشمسية تسمح لأيونات أخف كثيرًا من الهيدروجين بالهروب من الغلاف الجوي الأعلى لزحل أحيانًا."


تتقدم كاسيني نحو النهاية حيث ستسمح لها عملية التشكيل المداري الجديدة بتكوين صورة أوضح للدور الذي يلعبه الغلاف المتأين كمصدر للكتلة في زحل. ستكون تلك الدراسات مكمّلة لمهمة جونو، والتي تهتم أيضًا بمصادر تركيبات الأغلفة المغناطيسية. من المقرر وصول جونو لزحل في شهر يوليو/تموز سنة 2016.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات