MMS: دراسة إعادة الاتصال المغناطيسي بالقرب من الأرض

تمت جدولة إقلاع المركبة الفضائية (متعددة النطاقات لدراسة الغلاف المغناطيسي) أو اختصاراً (MMS) في 12 مارس / آذار من عام 2015. تتألف المهمة من أربعة مركبات فضائية لرصد ظاهرة تُعرف بإعادة الاتصال المغناطيسي (magnetic reconnection)، التي لا تحدث على الأرض بشكلٍ طبيعي غالباً، لكنها تحدث بشكل منتظم في الفضاء.

 

ضِمن عملية إعادة الاتصال المغناطيسي تحصل عملية فيزيائية أساسية، حيث تقوم خطوط الحقل المغناطيسي بالاقتراب من بعضها وإعادة الانتظام بشكلٍ انفجاري، مما يؤدي إلى انطلاق الجسيمات في المجال بسرعة تقارب من سرعة الضوء.

 

قد تبدو العملية معقدة قليلاً، لكنها موجودة في قلب بعض من أكثر الحوادث الفضائية وضوحاً. خذ على سبيل المثال الانفجار العملاق الذي حصل فوق الشمس في 12 يوليو / تموز 2012، والذي أدى إلى ظهور أضواء ملونة في القسم الشمالي من الأرض، وطقس فضائي بالقرب منها استمرا بضعة أيام، حيث قامت عملية إعادة الاتصال المغناطيسي بتحفيز عدد هائل من الأحداث على طول المسافة من الشمس إلى الأرض.

 

بدأ كل شيء في تمام الساعة 12:11 مساءً بتوقيت شرق الولايات المتحدة في يوم 12 يوليو/ تموز عام 2012, عندما قادت عملية إعادة الاتصال المغناطيسي الحاصلة في الغلاف الجوي للشمس "الإكليل" إلى توهج شمسي. لا يعرف العلماء حتى الآن وبشكلٍ محدد السبب الكامن وراء إطلاق واحدة من هذه الانفجارات العملاقة للضوء والأشعة السينية، لكنهم يعرفون أن إعادة الاتصال المغناطيسي، التي بدأت في مناطق الحقول المغناطيسية المعقدة والشديدة، هي المسؤولة في النهاية.

 

في الغالب، تحصل الانفجارات الشمسية، كالتوهجات، بوجود نوع مختلف من الانفجارات التي تعتبر نتيجة لإعادة اتصال تُعرف بالتدفق الإكليلي الكتلي (CME). والتدفق الإكليلي الكتلي عبارة عن سحب عملاقة من المواد الشمسية التي ثارت متجهةً إلى الأعلى وبسرعة كافية للإفلات من جاذبية الشمس والاتجاه نحو الفضاء.

 

في 12 يوليو/ تموز، انفلت التدفق الإكليلي الكتلي من الشمس بسرعة وصلت إلى 850 ميل في الثانية الواحدة، وتوجهت في خطٍ مستقيم نحو الأرض كما هو موضح في عملية المحاكاة للتدفق الإكليلي الكتلي التي تم إنتاجها باستخدام نموذج يُعرف بـ نموج إنليل (Enlil model) في مركز النمذجة في مركز غودارد للطيران الفضائي التابع لناسا في غرينبلد -ميريلاند.

 

المواد الموجودة في التدفق الإكليلي الكتلي مكونة من جسيمات مشحونة وساخنة جداً تُعرف بالبلازما. تحمل هذه البلازما حقولاً مغناطيسية طوال رحلتها. في 14 يوليو / تموز عام 2012 وبحوالي الساعة الثانية بعد الظهر بتوقيت شرق الولايات المتحدة، وبعد سفرها على مدار يومين، اصطدمت هذه الخطوط المغناطيسية المحاذية مع الحقل المغناطيسي المحيط بالأرض -وهو عبارة عن فقاعة عملاقة تُعرف بالغلاف المغناطيسي (magnetosphere) -ليتعرّض بدوره مباشرةً لنوبة أخرى لإعادة الاتصال المغناطيسي.

 

تتجه خطوط الحقل المغناطيسي للأرض بشكلٍ طبيعي من قطبها المغناطيسي الجنوبي نحو قطبها الشمالي. وفي بعض الأحيان، تتجه خطوط الحقول المغناطيسية داخل التدفق الإكليلي الكتلي في الاتجاه نفسه، ويُعتبر هذا التصادم الناتج عن هذه العملية تصادماً لطيفاً؛ إذ أنّه يتم صد المواد الشمسية الموجود في التدفق الإكليلي الكتلي، فلا يتأثر الغلاف المغناطيسي للأرض بشكلٍ كبير.

 

ولكن، لم تكن هذه هي الحالة مع هذا التدفق الإكليلي الكتلي؛ حيث اتجهت خطوط الحقل المغناطيسي داخله باتجاه معاكس لخطوط الحقل المغناطيسي حول الأرض -كما هو موضح في المخطط القادم من مستكشف التركيب المتطور التابع لناسا، أو المعروف اختصاراً بـ ACE، والموجود مباشرةً خارج مجالنا المغناطيسي.

 

يُوضّح هذا المخطّط شدة مركبة الحقل المغناطيسي الأرضي (شمال / جنوب) المتواجدة في وقت محدد. وفوق الخط المتوسط، يُوضح المخطط وجود حقول مغناطيسية تتجه للشمال كما هي الحال مع الأرض، وأسفل هذا الخط نُشاهد حقولاً مغناطيسية تتجه نحو الجنوب.

 

وفي هذه الحالة، سيلاحظ وجود فترة واسعة من الزمن للحقل المغناطيسي القوي والمتجه جنوباً في 15 و16 يوليو/تموز. ولمرات عديدة وكلما كانت الحقول المغناطيسية للتدفق الإكليلي الكتلي متجهة بشكلٍ معاكس لخطوط الحقل المغناطيسي الأرضي، كانت عملية إعادة الاتصال المغناطيسي تحصل مباشرةً عند حدود المجال المغناطيسي الأرضي.

 

خلال هذه الفترة من عملية الاتصال المغناطيسي المتكررة، اخترقت عواصف من المواد الشمسية المجال المغناطيسي للأرض لتتحرك إلى الفضاء القريب منها. وفي الفيديو التالي الخاص بالمجال المغناطيسي للأرض يُمكنك مشاهدة كيفية إعادة انتظام خطوط الحقول المغناطيسية في مقدمة المجال المغناطيسي، لتنطلق مجدداً في الخلف على شكل يشبه طبقات البصل. ومع انطلاق المزيد من الخطوط، فإنّ مزيدا من الطاقة تّلقى في نهاية ذيل الغلاف المغناطيسي للأرض، والمعروف بالذيل المغناطيسي (magnetotail)، مما يُؤدي إلى ظهور ما يُعرف بالعاصفة الجيومغناطيسية (geomagnetic storm).

 

يُبيّن الفيديو مدى إثارة الغلاف المغناطيسي للأرض بعد مرور التدفق الإكليلي الكتلي. إنّ أحداث الطقس الفضائي هذه قد تؤدّي إلى ضغط مقدمة الغلاف المغناطيسي بحيث تُصبح الأقمار الصناعية عرضةً للإشعاع المؤذي خارجه. ويُمكن للتغير المغناطيسي أن يُحفّز تيارات كهربائية تجري في شبكات خطوط الطاقة على الأرض، مما قد يُشكل خطراً على محولات الطاقة أو انقطاعاً في خدمات شبكات الطاقة.

 

ويُمكنك في الفيديو مشاهدة كيفية اتصال خطوط الحقل مع بعضها ومن ثمَّ انفصالها من جديد على الجانب اليميني من الأرض -في الذيل المغناطيسي. ومع تزايد عدم استقرار الذيل المغناطيسي، فإننا نرى أمثلة إضافية على إعادة الاتصال المغناطيسي. تُطلِق حوادث إعادة الاتصال هذه جسيمات نحو الأرض، فتصطدم مع الجسيمات الموجودة في الغلاف الجوي لتكوّنَ الشفق القطبي. وتوضح الصورة التالية اللون الأحمر والأرجواني للشفق القطبي الذي حدث في ميسوري بتاريخ 15 يوليو/ تموز 2012.

 

مدار MMS سيحملها على طول عملية إعادة الاتصال المغناطيسي عند أنف المجال المغناطيسي للأرض على مدار عام كامل، وبعد ذلك ستنتقل للتحليق في مناطق إعادة الاتصال المغناطيسي في الذيل المغناطيسي. ستُقدم MMS لنا مشهداً ثلاثي الأبعاد لهذه العملية أثناء حصولها، مما يُعطينا كميات غير مسبوقة من المعلومات ستساعد العلماء على الوصول إلى فهم أفضل لسبب الكامن إطلاق هذه العملية والتأثيرات الناجمة عنها بالقرب من الأرض.

 

ثم تستطيع بعد ذلك مجموعات مثل مركز النمذجة التابع لناسا أخذ هذه المعلومات لتحسين النماذج مثل تلك المشاهدة هنا، والتي يُمكن استخدامها من قبل مركز التنبؤ بالطقس الفضائي التابع لـ NOAA لإجراء عمليات التنبؤ بالطقس الفضائي، وNOAA هو المصدر الرسمي الحكومي لتنبؤات الطقس الفضائي والتحذيرات والمراقبة.

 

MMS هي المهمة الرابعة في برنامج المجسات الأرضية - الشمسية التابع لناسا. قام مركز غودارد ببناء وتركيب واختبار المركبات الفضائية، وهو المسؤول عن عمليات الإدارة الإجمالية للمهمة. يقود معهد الأبحاث الجنوبي الغربي في سان انطونيو -تكساس فريق الأجهزة والأدوات العلمية. وستُجرى عمليات تطوير لسلسلة أوامر الأجهزة والتخطيط للعمليات العلمية في مركز عمليات MMS العلمية في مختبر الغلاف الجوي وفيزياء الفضاء بجامعة كولورادو في بولدر.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المصطلحات
  • عاصفة جيومغناطيسية (geomagnetic storm): هي اضطراب مؤقت في الغلاف المغناطيسي للأرض، وينتج عن موجة صدمة الرياح الشمسية، وسحابة الحقل المغناطيسي التي تتفاعل مع الحقل المغناطيسي للأرض.
  • الغلاف المغناطيسي (Magnetosphere): هي المنطقة من الفضاء التي تكون قريبة من جسم فلكي ما ويتم داخلها التحكم بالجسيمات المشحونة من قبل الحقل المغناطيسي للجسم.
  • الإدارة الوطنية للغلاف الجوي والمحيطات (NOAA): وهي منظمة حكومية أمريكية تعنى بدراسة الغلاف الجوي والمحيطات، وNOAA اختصار لـ National Oceanic and Atmospheric Administration.

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات