حجم المياه على المريخ سابقاً أكبر من المحيط المتجمد الشمالي للأرض

وفقاً لعلماء ناسا الذين استخدموا مراصد أرضية لقياس آثار الماء في الغلاف الجوي للكوكب الأحمر، احتوى المحيط البدائي للمريخ على كميات من الماء أكثر من تلك الموجودة في المحيط المتجمد الشمالي لكوكب الأرض. كان العلماء يبحثون عن سبب ترك هذا المخزون الهائل من الماء للسطح. ظهرت تفاصيل الحسابات و المشاهدات في مجلة العلوم Science في عددها الصادر هذا الخميس.

يقول جيرونيمو فيلانوفا (Geronimo Villanueva) وهو عالم في مركز غودارد للطيران الفضائي التابع لناسا في غرين بلت بولاية ماريلاند ، والمؤلف الرئيسي للورقة الجديدة: "تقدم دراستنا تقديرات قوية جدا لكمية الماء التي احتوى عليها المريخ فيما مضى، و ذلك من خلال تحديد كمية الماء المفقودة في الفضاء، نستطيع بهذا العمل أن نفهم بشكل أفضل تاريخ المياه على المريخ".

ربما قبل نحو 4.3 مليار عام، احتوى المريخ على كمية كافية من المياه لتغطية كامل سطحه بطبقة من السائل يبلغ عمقها 450 قدماً (137 متراً)، وعلى الأرجح أن المياه شكلت محيطاً احتل ما يقارب نصف الكرة الشمالي من المريخ، وبلغت سماكته في بعض المناطق أكثر من ميل واحد (1.6 كيلومتر).

يعتمد التقدير الجديد على تفاصيل المشاهدات التي قدمها التلسكوب الكبير جدا VLT التابع للمرصد الأوروبي الجنوبي ESO في شيلي ومرصد (W.M Keck) ومرصد ناسا للأشعة تحت الحمراء في هاواي. وبواسطة هذه الأدوات القوية، تمكن الباحثون من تمييز العلامات الكيميائية لشكلين مختلفين قليلاً من الماء في الغلاف الجوي المريخي. أحدها هو H2O المألوف بالنسبة لنا، والآخر هو HDO وهو تغير يحدث بشكل طبيعي عندما يتم استبدال ذرة هيدروجين بأخرى أثقل منها تدعى (الديتريوم).


وبمقارنة نسبة HDO وH2O في مياه المريخ حالياً، إلى نسبتها في مياه محتجزة في نيزك مريخي يعود إلى 4.5 مليار عام، يستطيع العلماء قياس التغيرات المتتابعة في الغلاف الجوي وتحديد مقدار المياه التي هربت إلى الفضاء.

قام الفريق بعمل خرائط لمستويات كل من H2O وHDO عدة مرات خلال ست سنوات تقريباً، أي ما يعادل ثلاث سنوات مريخية. أنتجت البيانات لقطات فوتوغرافية عالمية لكل مركب، بالإضافة إلى نسبتها. وتكشف الخرائط الأولى من نوعها عن تغيرات إقليمية تدعى (المناخات المصغرة) و (التغيرات الموسمية)، ومع ذلك فإن المريخ الحديث عبارة عن صحراء.

كان الفريق مهتماً بشكل أساسي بمناطق المريخ القريبة من قطبيه الشمالي والجنوبي، لأن القمم الجليدية القطبية تحوي على أكبر خزانات المياه المعروفة على الكوكب. ويعتقد أن المياه المخزنة هناك تمتلك تطور المريخ خلال الفترة المسماة (حقبة طوفان نوح) التي انتهت قبل نحو 3.7 مليار عام مضى.

 تمكن الباحثون من خلال قياسات الماء في الغلاف الجوي، من تحديد المقادير أو الكميات النسبية لهذين النوعين من المياه في مناطق القمم الجليدية الدائمة للكوكب. تخبر هذه الوفرة في القمم الجليدية الباحثين عن كمية مياه المريخ التي تم فقدها -يزيد حجمها بمقدار ست مرات ونصف عن كمية المياه في القطبين حالياً. وهذا يعني أن حجم مياه محيط المريخ القديمة بلغت على الأقل 20 مليون كيلومتر مكعب (5 مليون ميل مكعب).


بالاعتماد على سطح المريخ حالياً، فإن الموقع المحتمل للمياه هو السهول الشمالية، و هي مرشح جيد تبعاً لطبيعة الأرض المنخفضة. و من شأن المحيط القديم أن يكون قد غطى 19% من سطح الكوكب، مقارنةً بالمحيط الأطلسي الذي يغطي 17% من سطح الأرض. يقول مايكل ماما (Michael Mumma) وهو أحد كبار مركز غودارد و المؤلف الثاني للورقة: "مع خسارة كوكب المريخ لتلك الكميات من الماء ، فإن الكوكب كان رطبا جدا لفترات طويلة".

تدرس ناسا المريخ بواسطة مجموعة من المركبات الفضائية والعربات ضمن برنامج الوكالة لاستكشاف المريخ، من ضمنها روفر أوبرتيونيتي (Opportunity) وكريوزيتي(Curiosity) ومركبة الأوديسة (Odyssey) ومركبة الاستطلاع المدارية المريخية ومسبار مايفن (Maven) الذي وصل إلى الكوكب الأحمر في أيلول/سبتمبر 2014 لدراسة الغلاف الجوي العلوي للكوكب.

في عام 2016، مهمة هبوط على المريخ تدعى (InSight) ستهبط لتلقي نظرة أولى على أعماق المريخ، تشارك الوكالة أيضاً في المهمات الخارجية للمريخ التابعة لوكالة الفضاء الأوروبية ESA في الأعوام 2016 و2018، يتضمن ذلك التزود بالاتصالات الراديوية لمركبات وكالة الفضاء الأوروبية لعام 2016، وعناصر مهمة لأدوات بيولوجيا الفضاء في روفر المريخ (ExoMars rover) لعام 2018.

ستحمل عربات ناسا الفضائية المتجهة للمريخ عام 2020 أدوات لإجراء أبحاث علمية غير مسبوقة وتقنيات اكتشاف على الكوكب الأحمر. يسعى برنامج استكشاف المريخ التابع لناسا لوصف المريخ كنظام ديناميكي؛ بما في ذلك بيئته القديمة والحالية، والدورات المناخية، وإمكاناته الجيولوجية والبيولوجية. بموازاة ذلك، تعمل ناسا على تطوير رحلات فضائية بشرية لازمة لبعثات الذهاب والإياب للمريخ في عام 2030.

 

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

اترك تعليقاً () تعليقات