تلسكوب بلانك يُقدّم لمحة أخرى عن الكون البدائي

قدّم تلسكوب بلانك الفضائي نتائج أربع سنوات من المراقبة، ووفرت هذه النتائج نموذج قياسي لعلم الكون أكثر دقّة، ووضع قيوداً جديدة على خصائص المرشّحين المحتملين للمادة المظلمة. هذا هو الإستنتاج الذي توصّل إليه علماء الفلك العاملين في مهمة وكالة الفضاء الدولية (ESA) والتي كلفت 700 مليون يورو.

 

يدرس بلانك كثافة وإستقطاب الموجات الرادوية للخلفية الكونية (CMB)، وهي بقايا حرارية من الإنفجار الكبير، مما لا شك فيه أن هذه النتائج ستُحبط علماء الفلك، لأنّ بلانك فشل في تسليط الضوء على أحد أكبر أسرار الفيزياء مثل, من ماذا تتشكل المادة المظلمة والطاقة المظلمة التي يبدو أنّها تسيطرعلى الكون.

 

عمل بلانك من عام 2009 إلى 2013، وتمّ نشر أول البيانات في مارس من العام الماضي، وتضم البيانات درجات الحرارة التي أُخذت خلال الأشهر ال15 الأولى من عمليات الرّصد، وسيتم نشر مجموعات بيانات أكثر في وقت لاحق، وسيتم مراجعة هذه البيانات في مؤتمر في فيرارا-إيطاليا، تحت إسم ("بلانك 2014 – درجات الحرارة والإستقطاب للأمواج الماكروية").

 

حتى وقت قريب كشف العلماء عن إختلاف سابق بنسبة 1 – 1.5% بين بلانك والتلسكوب السابق له-مسبار ناسا WMAP – أما الآن فقد إنخفض هذا الإختلاف إلى 0.3% بسبب قياس " الحرارة المطلقة" خلال المهمّة.

 

إحدى أكبر التحديات أمام بلانك هي فصل الغبار عن إستقطاب ال CMB في حزم الترددات حول 100-200 غيغاهيرتز، حيث أنّه لايمكن التمييز بين الإنبعاثات القادمة من الطرفين. مع أخذ ذلك الأمر في الحسبان تم تصميم بلانك بحيث يمتلك قناة مخصصة لمراقبة الغبار المستقطب، وهي قناة ال353 غيغاهيرتز.

 

يقول مارك-أنطوان ميفيل-ديشين (Marc-Antoine Miville-Deschênes) من معهد الفيزياء الفلكية (Institut d'Astrophysique Spatiale) في أورسياي-فرنسا:"مع الاستقراء الصحيح في التردّد، أصبح من الممكن استخدام بيانات ال 353 غيغاهيرتز لتنظيف قنوات ذات تردّد أقل و الحصول على إشارة CMB نظيفة." ويضيف:" ومن المثير للإهتمام أنّ قناة 353 غيغاهيرتز تجلب أيضاً معلومات جديدة عن المجال المغناطيسي لمجرّة درب التبانة".

 

ويخبر ميفيل-ديشين موقع Physicsworld.com أنّ هذه هي المرّة الأولى التي تمكنوا فيها من الحصول على صور مماثلة وأن " بلانك يقدم لنا كل البيانات عن السماء. وسوف نكون قادرين على الإجابة عن أسئلة أساسية أُثيرت منذ أكثر من 60 عاماً عن دور المجال المغناطسي في تكوين النجوم".

 

غربلة المادة المظلمة


إستبعد أحدث قياس من بلانك لإستقطاب CMB فئة من نماذج للمادة المظلمة والتي تتضمن إبادة الجسيمات في الكون المبكّر. تمّ تطوير هذه النماذج لشرح زيادة البوزيترونات في الأشعة الكونية والتي تمّ قياسها بواسطة ثلاث تجارب مستقلّة – بعثة باميلا (PAMELA)، ومطياف ألفا المغناطيسي وتلسكوب فيرمي الفضائي لأشعة غاما.

 

كشف تعاون بلانك أيضاً بأنّ لديه ولأول مرة " رصد لا لبس فيه" للآثار التي خلفتها النيوترونات البدائية على ال CMB . ويُعتقد أن هذه النيوترونات قد تمّ إطلاقها بعد ثانية واحدة من الإنفجار الكبير، وذلك عندما كان الكون معتماً بالنسبة للضوء ولكن شفافاً لهذه الجسيمات المراوغة.

 

وضع بلانك حداً أعلى (0.23 eV/c2) لمجموع كتل ثلاث أنواع من النيوترونات المعروفة. وبالإضافة إلى ذلك فإنّ البيانات الجديدة تستبعِد وجود النّوع الرابع من النيوترينو المُفضل لدى بعض النماذج.

 

بلانك مقابل BICEP2


على الرّغم من هذه البيانات الجديدة، فإنّ تعاون بلانك لايقدّم لنا أي تفسير للجدل القائم حديثاً حول إحتمالية رصد نوع بدائي من إستقطاب ال CMB المُسمّى ب (B-mode) من قبل علماء الفلك العاملين في تلسكوب BICEP2،  فإذا تمّ تأكيد هذا الرصد سيكون دليلاً قاطعاً على التضخم المُتسارع للكون المبكر – يعتقد علماء الفلك أن هذا التوسع المُتسارع حدث خلال 10-35 ثانية بعد الإنفجار الكبير.

 

قام بلانك في وقت سابق من شهر سبتمبر بتحليل جديد لإنبعاث الغبار المُستقطب في مجرتنا، وأظهر أن ذلك الجزء من السماء الذي يراقبه BICEP2 لديه غبار أكثر بكثير مما كان مُتوقع، وعلى الرغم من أنه لم يستبعد تماماً ادّعاء BICEP2 ولكنه ثبّت بأنّ إنبعاثات الغبار تشكل جزءاً كبيراً من إشارة BICEP2 ومنذ ذلك الحين عملا معاً على التحليل المشترك للبيانات، ولكن النتائج لم تُعلن بعد. 

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات