روزيتا تصل إلى هدفها

روزيتا تصل إلى هدفها

 

بعد رحلة استمرت عقداً من الزمن، تصل روزيتا، مركبةُ الفضاءِ التابعةُ لوكالةِ الفضاء الأوروبية، إلى هدفها حاملةً معدّات ناسا الثلاث، لتكون بهذا أول مركبة فضائية تدور حول مذنب. حصلت آخر مناورة من العشر مناورات التي بدأت في أيار/مايو الماضي كي توافق سرعة روزيتا و مسارها لتطابق مسار و سرعة المذنب

67P/Churyumov-Gerasimenko، في السادس من آب/أغسطس الجاري.

 

يقول إيان-جاك دوريان( ean-Jacques Dordain)، المدير العام لوكالة الفضاء الأوروبية (ESA) :"يسعدنا أنّه بعد عشر سنوات، و خمسة أشهر، و أربعة أيام من السّفرِ نحو هدفنا، و الدورانِ حول الشمس خمس مرات و عبور مسافة تبلغ حوالي 6.4 بليون كيلومتر، يمكننا الإعلان أخيراً عن نبأ وصولنا ".

 

يبعد كل من المذنب و روزيتا 405 مليون كيلومترٍ عن الأرض، أي تقريباً منتصف المسافة بين مدارات المشتري و المريخ. يستمر مدارُ المذنّب الإهليلجيّ الشّكل إلى ست سنواتٍ يبدؤها أبعد نقطةٍ له توجد خلف المشتري، إلى نقطةٍ بَيْن المريخ و الأرض يكون عندها أقرب إلى الشمس من أي نقطة أخرى. ستُرافق روزيتا المذنّبَ لأكثر من سنة خلال دورانه حول الشمس، و من ثم باتجاه المشتري.

 

تبعد روزيتا حاليا ب100 كيلومتر عن سطح المذنب، لكن هذا الحال لن يدوم، فخلال الأسابيع القادمة ستقوم باتخاذ مسار على شكل مثلثين أمام المذنب، الأول على مسافة 100 كيلومتر، و الثاني 50 كيلومتر. و في الوقت نفسه، ستقوم العدّة العلمية الموجودة على المركبة بدراسةٍ علميةٍ مفصّلةٍ للمذنب، فاحصةً سطحَهُ لتحديدِ مكانٍ مناسب لمسبار فيليه (Philae)، المخصص للنزول على المذنب. و في النهاية، ستقوم روزيتا بأخذ مسار دائري حول مسافة 30 كيلومتراً، و تبعاً لحركة المذنب فقد تتموضع في مسافة أقرب.

 

يقول مات تايلور (Matt Taylor) ، عالم من وكالة الفضاء الأوربية في قسم العلوم و التقنية في ESA : "خلال الأشهر القليلة القادمة، سنقوم بآخر التجهيزات لننجز سابقةً فضائيةً أخرى، و هي الهبوط على المذنب، بالإضافة إلى وضع خصائص لنواة المذنب، و معايير لباقي المهمة".

 

سيتم تحديد حوالي خمسة مواقع لإنزال الهابط في شهر أغسطس الحالي، ليتم تحديد الموقع النهائي في منتصف سبتمبر. و من المتوقع أن يتم إنزال Philae في ال11 من تشرين الثاني/نوفمبر، كما سيتم تأكيد ذلك في منتصف تشرين الأول/أكتوبر القادم.

تُعتبر المذنبات إحدى أقدم مكونات النظام الشمسي، و قد ساعدت كثيراً في وجود المياه على الأرض، و ربما بعض عناصر الحياة المهمة أيضاً. لكن ما زالت هناك أسئلة أساسية و هامة لا إجابات واضحة عنها، و نأمل أن تقوم روزيتا بحل بعض تلك الأسرار.

 

تتكون العِدّة على مركبة روزيتا من 11 آلة علمية، منها ثلاثُ أدواتٍ أمريكيةُ الصنع و هي : مقياس الأمواج الدقيقة لمدار روزيتا (MIRO)، و مطياف فوق بنفسجي يدعى (Alice)، و حساس للأيونات و الإلكترونات (IES).

 

-MIRO مصممٌ لتوفيرِ المعطيات عن كمية الغاز و الغبار التي تغادر نواة المذنب لتشكيل ذؤابته، تلك الذؤابةُ التي تعطي للمذنب شكلَه المميز و الجميل، بتوفر دراسةُ حرارة السطح و تطور الذؤابة معلوماتٍ عن تطوُّر المذنب خلال وصوله و ابتعاده عن أقرب نقطة له حول الشمس.

 

- سوف تقوم Alice بتحليل الغازات الموجودة في ذؤابة المذنب، و التي هي عبارة عن غلاف يحيط بنواة المذنب، تطورت بالاقتراب من الشمس. كما أنها ستقوم بقياس مستوى إنتاج المياه في المذنب، و مستويات ثاني و أول أكسيد الكربون. هذه القياسات ستوفر معلوماتٍ هامّة عن مكوناتِ سطح النواة. و ستقوم المعدات أيضاً بقياس كمية غاز الآرغون الموجودة، و هو دليل هام عن حرارة النظام الشمسي وقت تشكيل نواة المذنب قبل 4.6 بليون سنة.

 

-IES هو واحد من خمسة معدات لتحليل البيئة البلاسمية للمذنب، و خاصّة الذؤابة. ستدرس هذه المعدات الجزئيات المشحونة في الجو الخارجي المحيط للشمس، أو الرياح الشمسية، خلال تفاعلها مع الغاز الذي يخرج من المذنب خلال اقتراب روزيتا من النواة.

قدمت ناسا أجزاء من معدات إلكترونية لمطياف الكتلة ثنائي التركيز، و الذي يشكل جزءاً من مطياف روزيتا السويسري الصنع لقياس الأيونات و الجزيئات غير المشحونة(ROSINA).

 

ستكون (ROSINA) أول أداة في الفضاء لها دقة كافية للتمييز بين جزيء نتروجين و أول أوكسيد الكربون، و هما جزيئان يحملان الكتلة نفسها تقريباً. يساعد التمييز الواضح للنتروجين العلماءَ في فهمِ الظّروفِ التي كانت موجودةً عندَ تشكُّل نِظامنا الشّمسي.

 

بدأت المهمة في 2004 في آذار. و بعد 957 يوماً من السبات، تُم إعادة تفعيل روزيتا. مؤلفة من مركبةٍ و مسبار، أما وظائف روزيتا فتتلخص في الوصول إلى المذنب 67P/Churyumov-Gerasimenko في أغسطس لدراسته بشكل قريب و توفير معطيات، ثم التحضير لنزول المسبار في تشرين الثاني/نوفمبر على نواة المذنب و ملاحظة التغيّرات التي يواجهها المذنب خلال مروره بأقرب نقاطه للشمس.

 

تُعدّ المذنبات أجساما قديمة جداً، تحوي مواد أوليّة قادمة من عهد تشكّل الشمس و الكواكب. سيوفر مسبار روزيتا أول تحليل لمكونات مذنب و أول صور لسطحه، و ستكون روزيتا أوّل مركبةٍ تشهد بقرب شديد تغيراتِ المذنّب عند تعرضه لأشعة الشمس الشديدة. و ستساعد الملاحظاتُ العلماءَ في فهمٍ أكبر لأصل و تطور نظامنا الشمسي و دور المذنبات في توفير المياه في الأرض، و ربما..الحياة!

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات