روزيتا في سباق مع الزمن للهبوط فوق سطح المذنب

بعد طواف المركبة الفضائية روزيتا لأكثر من عشر سنوات في الفضاء، أصبحت تفصلنا أيام قليلة فقط على هبوط مسبارها الآلي على المذنب 67p\جيراسيمنكو-كريوموف في مهمته الرسمية المسماة (فيلة). و من المقرر هبوط هذا المسبار يوم الأربعاء القادم 12\11\2014 في تمام الساعة 7:35 صباحا بتوقيت منطقة الباسيفيك 10:35 صباحا، بتوقيت شرق الولايات المتحدة. و إن سارت الأمور كما هو مخطط لها وفق المعطيات الهندسية المعقدة المعتمدة، فسيكون هذا الهبوط الأول من نوعه لمسبار فضائي على مذنب في الفضاء.

 

اعتمد العلماء اسم أجيلكيا رسميا لمنطقة الهبوط على المذنب بعد أن كان يشار إليها فقط بالمنطقة (J). و اختارت وكالة الفضاء الأوربية هذا الإسم بعد نشرها مقالة للعامة تطلب فيها التصويت على اسم المهمة. و تتفق هذه التسمية مع موضوع المهمة الرسمية ككل (روزيتا أو حجر رشيد)، و يشير معنى اسم أجيلكيا إلى جزيرة تقع في نهر النيل انتقلت المباني القديمة إليها بعد الطوفان الذي ضرب جزيرة فيلة. و رشح حوالي مائة و خمسون شخصا اسم أجيلكيا من ضمنهم الفائز النهائي الفرنسي الأصل ألكسندر بروست و الذي تمت دعوته لمشاهدة إجراءات الهبوط مباشرة في مركز التحكم بالمسبار روزيتا الواقع في مدينة دارمشتات بألمانيا.

 

سيبدأ المسبار بعد هبوطه مباشرة في 12\11\2014 بالتقاط الصور الأولى من نوعها لسطح مذنب. كما سيقوم بحفر السطح لدراسة تركيبه الصخري، و سيكون كذلك شاهدا على التغيرات التي تطرأ على المذنب نتيجة اقترابه من الشمس. و من المتوقع أن يستمر المسبار في حالة النشاط على سطح المذنب لمدة يومين و نصف يوم، بينما ستبقى السفينة الأم روزيتا في مداره طيلة عام 2015، و ستستمر بدراسته بالتفصيل طوال هذه الفترة، حتى يقترب المذنب من الشمس و بعدها تبتعد عنه.

 

بالإضافة إلى وصفها المميز كأجرام سماوية جميلة تسبح في الكون، فإن المذنبات تمتلك أدلة مهمة على تاريخ نظامنا الشمسي. فهذه المذنبات تعد اللبنات الأولية للنظام الشمسي التي جمدت بالمعنى الحرفي في الوقت المناسب، و من ناحية أخرى فإنه من غير المستبعد أن تكون قد لعبت دورا مهما "ببذر" الأرض بالماء، و ربما بالمكونات الأولى للحياة.

 

قدمت ناسا ثلاثة أجهزة من أصل 16 جهاز مستخدم في مسبار روزيتا، و هي:


1- جهاز مايكرو ويفي لمسبار روزيتا (ميرو) و الذي يدرس عملية إعادة تشكيل و تحويل الغاز و الغبار الناتج عن المذنب إلى ذيل و ذؤابة لنواته، كما يرصد هذا الجهاز كلا من الماء، و أول أكسيد الكربون، و الأمونيا، و الميثانول.

 

2- جهاز (أليس): و هو مقياس طيفي للأشعة فوق البنفسجية، يقوم بقياس مدى سرعة إنتاج المذنب للماء، و أول أكسيد الكربون، و ثاني أكسيد الكربون (هذه القياسات تدل على تركيب نواة الذنب)، و تتضمن مهامه أيضا قياس مستويات غاز الأرغون. حيث تساعد قياسات هذا الجهاز بشكل عام على تحديد درجة حرارة النظام الشمسي عندما تشكلت هذه النواة منذ أكثر من 4.6 مليار سنة.

 

3- مستشعر الأيونات و الإلكترونات (IES) : و هو جهاز يضم خمسة أجهزة لتحليل بيئة بلازما المذنب. كما سيستخدم أيضا لقياس الجسيمات المشحونة في الغلاف الجوي الخارجي للشمس، و تفاعلها مع الغاز المتدفق من المذنب قبيل وصول المسبار روزيتا إلى الشمس.

 

تم إطلاق المسبار روزيتا في مارس آذار عام 2004، و أمضى 957 يوم في حالة سبات سابحا في ظلمة الفضاء، و تم تفعيله في يناير كانون الثاني عام 2014، و ذلك لتحضيره لأداء مهمته التي بدأت في آب المنصرم ضمن مدار المذنب 67p\جيراسيمنكو-كريوموف. لقد استطاع المسبار روزيتا التقاط صور عابرة و خاطفة للمذنب منذ شهر آب، و قد كشفت هذه الصور عن البنى المذهلة لسطح المذنب المرئي، و المضاء، بما فيه من منحدرات و أودية حادة، و شديدة الانحدار، و العديد العديد من الصخور و الجلاميد.

 

و قد أعطتنا الصور الجديدة الملتقطة من نظام التصوير العلمي المستخدم في المركبة الفضائية أوزوريس لمحة أولى عن الجانب الجنوبي المظلم للمذنب الذي لم يواجه الشمس منذ مدة حيث يختفي شكل السطح و معالمه، و جاءت هذه الصور بالاعتماد على الضوء الخافت لجزيئات غبار ذؤابة المذنب.

 

قام أعضاء وكالة الفضاء الأوربية بتنفيذ مهمة روزيتا و الإشراف عليها بمشاركة وكالة ناسا، و قام بتنفيذ مسبار فيلة التابع للمسبار الأم روزيتا مجموعة من المراكز و المعاهد يرأسها مركز الفضاء الألماني؛ كولونيا، و معهد ماكس بلانك لأبحاث النظام الشمسي؛ غوتنجن، و المركز الوطني للدراسات الفضائية في فرنسا ( CNES )؛ باريس، و وكالة الفضاء الإيطالية؛روما، و مختبر الدفع النفاث التابع لناسا في باسادانيا بولاية كاليفورنيا، و هو فرع من معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا، كما تدير مديرية المهام العلمية التابعة لناسا مشاركة الولايات المتحدة في مهمة بعثة روزيتا، و التي يقع مقرها في واشنطن.

 

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات