«سوهو» و «هاينود» يوفران رؤية جديدة للانفجارات الشمسية

الشمس هي موطن أضخم الانفجارات في النظام الشمسي. فهي على سبيل المثال، تُنتج بانتظام انفجارات عظيمة تُعرف باسم الانبعاثات الإكليلية الكتلية (coronal mass ejections) – حيث تثور الشمس بمليارات الأطنان من المواد الشمسية، تنفث وتتسابق إلى أقاصي أنحاء النظام الشمسي. يعرف العلماء أن المُتسبب في هذه الانبعاثات، التي تُدعى اختصاراً بــ CMEs، هو تركيب الطاقة المغناطيسية في الشمس، والتي تتحرر بشكل مفاجئ. لكن التفاصيل حول سبب تصاعد وتحفيز هذا الإطلاق لازالت غير مفهومة بدقة.
 
استخدمت ورقة دورية في مجلة Nature في 23 أكتوبر 2014 البيانات من بعثات ناسا، لتقديم مثال على كيفية نمو حبل التدفق المغناطيسي (magnetic flux rope) مع مرور الوقت، وهو غير مستقر بحيث أن أقل اضطراب يؤدي إلى قدفه. إن معرفة ما يسبب الانبعاث الإكليلي الكتلي هو أمر حاسم، ليس فقط لفهمٍ أفضل لشمسنا، ولكن أيضاً لوضع أساس للتنبؤ بحدوث مثل هذه الانفجارات العملاقة.
 
يقول طهار أماري (Tahar Amari) المؤلف الأول لورقة Nature في المدرسة المتعددة التكنولوجية (Ecole Polytechnique) في فرنسا: "نظرنا إلى دراسة جيدة للانبعاث الإكليلي الكتلي تعود إلى عام 2006، نحن نعرف أن هناك قدر كبير من البيانات المتاحة لهذا الانبعاث الاكليلي الكتلي وتمت الكثير من التحليلات للتو، ولكن يقم أحد بتكوين صورة شاملة لما حدث''.
 
استخدم أماري وزملاؤه تقنية رصد تقليدية لشرح الحدث: قاموا بجمع أرصاد الأيام التي سبقت الانبعاث الإكليلي الكتلي، لتتبع كيفية نمو الحدث مع مرور الوقت. استخدموا الأرصاد من وكالة الفضاء الأوروبية ومن مرصد ناسا الشمسي والهيليوسفيري (Heliospheric) والذي يدعى اختصاراً بــ SOHO ومن وكالة استكشاف الفضاء اليابانية ومرصد هاينود (Hinode) التابع لناسا، وكذلك من مرصد باريس-ميدون (Observatory Paris-Meudon).
 
يريد الفريق معرفة إذا كان بإمكانهم التمييز بين نظرِيّتين شاملتين حول كيفية تطور الطاقة المغناطيسية. يصف النموذج الأول وضعيةً تكون فيها سلسلةٌ من حلقات المجالات المغنطيسية على الشمس – تُدعى القنطرة-هي بداية كل منطقةِ نشاط إكليلي كتلي. لدى هذه القنطرة نقطة ضعف في القمة، المكان الذي يمكن للطاقة القادمة من الأسفل أن تتدفق فيه عنما تصبح كبيرة بما فيه الكفاية. خلال الاندفاع، يتشكل حبل التدفُّق، وهو ما يمكن ملاحظته داخل الانبعاث الإكليلي الكتلي، مع انطلاقه بعيداً عن الشمس.
 
يفترض النموذج الثاني أن حبل التدفق موجود قبل انفجار الانبعاث الإكليلي الكتلي. في هذه النظرية، لا حاجة لوجود نقطة ضعف. بدلاً من ذلك، يكسب حبل التدفق المزيد والمزيد من الطاقة، ويصبح غير مستقراً أكثر فأكثر، حتى يحدث اضطراب في الشمس ويسبب ذلك إطلاق تلك الطاقة في الفضاء.
 
استخدم أماري وفريقه البيانات المغناطيسية التي حصل عليها هاينود من السطح، ولكنهم أيضاً بحاجة إلى البيانات المغناطيسية من الغلاف الجوي للشمس، الإكليل أو الكورونا (corona)، والتي تتأثر بشدة من المجال المغناطيسي الشمسي.
 
يقول أماري: ''الإكليل أو الكورونا حارة جداً، بحيث أن معظم التقنيات المستخدمة لقياس المجال المغناطيسي لا تعمل. لذلك، قمنا بتطوير نموذج ذو كفاءة ودقة لحساب المجال المغناطيسي هناك، على أساس البيانات التي لدينا عن السطح وعلى المعادلات التي تحكم حركة الإكليل أو الكورونا المنخفضة فوق مناطق النشاط".
 
مع وجود هاتين المجموعتين من البيانات بين يديه، عاين الفريق ما حصل قبل أربعة ايام من انفجار الانبعاث الإكليلي الكتلي عام 2006. وبذلك، استطاعوا رؤية بنية الطاقة المغناطيسية: كان من الواضح أن هناك انبعاث. مع ذلك، تطور حبل الدفق فقط في اليوم الأخير، وعندئذ فقط، توفرت طاقة متراكمة لاندفاع انبعاثٍ إكليلي كتلي قوي. في هذه النقطة، كانت بعض العوائق الصغيرة كافيةً للتسبب في اندفاع حبل التدفق.
 
يقول أماري: "في هذه الحالة، لم تكن هناك أي حاجة لوجود نقطة ضعف في الغلاف الجوي تسمح بانبعاث الطاقة، بدلاً من ذلك، هناك نوعٌ من القيم الحرجة للطاقة؛ ويمكننا حساب هذه القيمة بناءً على مشاهدة منطقة مغناطيسية نشطة على الشمس. يبقى المجال المغناطيسي هادئاً تحت تلك النقطة، ويكون على وشك الاندفاع فوقها. يوجد أيضاً ارتفاعٌ حرج لحبل التدفق المتصاعد، بعد هذا الارتفاع لا يمكن أن تبقى الحلقات المغناطيسية مقيدة."
 
استكشف الفريق الظروف الأولية لهذا الحدث، ووضع المعلومات في نموذج ديناميكي آخر طوّره. عكست المحاكاة ما كان يُشاهَد في الواقع، من حدوث للاندفاع فقط عند الوصول للطاقة الحرجة، والارتفاع الحرج في اليوم الأخير.
 
يشير أماري أنه ليس بمجرد أن هذا الانبعاث الإكليلي الكتلي يحبس حبال التدفق المغناطيسي السابقة للانفجار، فهذا لا يعني أن الانبعاثات الإكليلية الكتلية لا يمكنها الانفجار بناءً على محفزات فيزيائية أخرى؛ ولكنها تصف بوضوح آلية تحدث على الشمس.
 
من خلال قياس وحساب الحقول المغناطيسية على الشمس، جُمعت مع تقدير كيفية قياس نقاط التحفيز الحرجة حيث يمكن للانبعاث الاكليلي الانفجار، تُوفر الورقة طرق جديدة لتقدير احتمالية الانفجار من أي منطقة تعطي نشاط على الشمس.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المصطلحات
  • التدفق الإكليلي الكتلي (Coronal mass ejections): أو CMEs، هي ثورانات مكونة من الغاز والمواد المُمغنطة القادمة من الشمس والتي قد تؤدي إلى أثار مدمرة على الأقمار الصناعية والتقنيات الأرضية.
  • الأيونات أو الشوارد (Ions): الأيون أو الشاردة هو عبارة عن ذرة تم تجريدها من الكترون أو أكثر، مما يُعطيها شحنة موجبة.وتسمى أيوناً موجباً، وقد تكون ذرة اكتسبت الكتروناً أو أكثر فتصبح ذات شحنة سالبة وتسمى أيوناً سالباً
  • قسم استكشاف الكون (EUD): قسم استكشاف الكون، ويقع في مركز غودارد-ناسا لرحلات الفضاء. يقوم العلماء، والمهندسون والتقنيون الذين يعملون هناك بدراسة الفيزياء الفلكية الخاصة بالأجسام التي تُصدر أشعة كونية، وأشعة اكس و إشعاع غاما. المصدر: ناسا

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات