الكواكب التي يُخيّم عليها الهيليوم قد تكون شائعة في مجرتنا

صورة تخيُّلية للكوكب المسمى (GJ436b)، الذي يملك غلافاً جوياً من الهيليوم، والذي عثر عليه تلسكوب سبيتزر، ويوضّح نقص الميثان أولى الأدلة على افتقاره للهيدروجين

Credits: NASA/JPL-Caltech


لن تطفو الكواكب المغطاة بالهيليوم مثل البالونات، أو تعطيك فرصة للحديث بصوت عالي أو بأصوات حادّة، لكنّها قد تُشكّل فئة من الكواكب الغريبة في مجرتنا درب التبانة. استخدم الباحثون بيانات تلسكوب الفضاء سبيتزر التابع لوكالة ناسا، ووفقاً للبيانات، اقترحوا أن الكواكِب الدافئة بحجم كوكب نبتون، المحاطة بغيوم من الهيليوم، قد تكون موزعةً في المجرة بالآلاف.


رسم تخطيطي يوضّح كيفية تشكل الغلاف الجوي المكوّن من الهيليوم، ويحصل ذلك في الكواكب التي تمتلك كتلاً قريبة من كتلة نبتون أو أصغر منها، وتكون مداراتها قريبة من نجومها.
رسم تخطيطي يوضّح كيفية تشكل الغلاف الجوي المكوّن من الهيليوم، ويحصل ذلك في الكواكب التي تمتلك كتلاً قريبة من كتلة نبتون أو أصغر منها، وتكون مداراتها قريبة من نجومها.

قال رينيو هيو Renyu Hu، الحاصل على زمالة هابل للأبحاث في مختبر الدفع النفاث التابع لناسا فى باسادينا-كاليفورنيا، والمؤلف الرئيسي للدراسة الجديدة بنتائجها المقبولة والمنشورة في مجلة الفيزياء الفلكية Astrophysical Journal: "ليس لدينا أي كوكب مثل هذا في نظامنا الشمسي، لكننا نعتقد أن الكواكب ذات الأغلفة الجوية المكوّنة من الهيليوم قد تكون شائعة الوجود حول نجوم أخرى".

قبل الدراسة، تحقق علماء الفلك من عدد مذهل مما يسمى بـ" الكواكب النبتونيّة الدافئة" (warm Neptunes) في مجرتنا، وقد وجد تلسكوب الفضاء كبلر التابع لناسا مئات الكواكب المرشّحة التي تقع ضمن هذه الفئة، وهي بحجم نبتون أو أصغر، مع مدارات ضيقة وأقرب إلى نجومها من منطقة مدار عطارد إلى شمسنا.

تصل درجة حرارة هذه الكواكب إلى أكثر من 1340 درجة فهرنهايت (1000 كلفن)، وتدور حول نجومها خلال أقل من يوم واحد أو يومين. وفي الدراسة الجديدة، افترض هيو وفريقه أن بعض كواكب نبتون الحارّة ونبتون الحارّة الفرعية (التي هي أصغر من نبتون) يمكن أن تمتلك غلافاً جوياً غني بالهيليوم، ويقول الباحثون أن قرب هذه الكواكب من نجومها الحارقة قد يؤدي إلى زيادة غليان الهيدروجين في غلافها الجوي.

يقول هيو: "الهيدروجين أخف من الهيليوم بأربع مرات، لذلك، سيختفي ببطء من الغلاف الجوي للكواكب، مما يؤدي إلى وجود تركيز أكبر للهيليوم مع مرور الوقت. ستكون هذه العملية تدريجية، وستستغرق ما يصل إلى 10 مليار سنة لإكمالها. وللمقارنة، يصل عمر كوكبنا (الأرض) إلى حوالي 4.5 مليار سنة".

يُعتقد أن نوى الكواكب النبتونية الحارة إما صخرية أو سائلة، ومحاطة بالغاز. إذا كان الهيليوم هو العنصر المهيمن في غلافها الجوي، ستظهر الكواكب بيضاء أو رمادية. على النقيض من ذلك، يمتلك نبتون الموجود في نظامنا الشمسي لوناً أزرقَ سماوياً لامعاً؛ وذلك ناجم عن امتصاص الميثان الموجود في غلافه الجوي للون الأحمر، مما يُعطيه لونه الأزرق.

في الواقع، إن تسرب غاز الميثان من إحدى الكواكب النبتونية الحارة، المعروف بـ (GJ 436b)، قد قاد هيو وفريقه لتطوير نظرية كواكب الهيليوم (helium planet theory). وفي السابق، رصد سبيتزر (GJ 436b)، الذي يقع على بعد 33 سنة ضوئية، ووجد دليلاً على وجود الكربون وليس الميثان. كان ذلك محيراً للعلماء؛ لأن جزيئات الميثان تتكون من ذرة كربون واحدة وأربع ذرات هيدروجين، وكوكب مثل هذا سيتوقع المرء أن يجد فيه الكثير من الهيدروجين، فلماذا لم يرتبط الهيدروجين بالكربون لإنتاج غاز الميثان؟

وفقاً للدراسة الجديدة، فإن الهيدروجين في الكوكب ربما احترق ببطءٍ جرّاء إشعاع النجم المضيف، وبوجود كمية أقل من الهيدروجين حوله، سيرتبط الكربون مع الأوكسجين ليُنتج أحادي أكسيد الكربون، وقد وجد سبيتزر دليلاً على وجودِ هيمنةٍ لأول أوكسيد الكربون في الغلاف الجوي لـ (GJ 436b).

تمثلت الخطوة التالية لاختبار هذه النظرية في النظر إلى الكواكب النبتونية الحارة الأُخرى بحثاً عن علامات تدل على وجود أول أوكسيد الكربون وثاني أوكسيد الكربون، واللذين يشكل تواجدهما مؤشرات تبيّن وجود أغلفة جوية مكونة من الهيليوم. يقول الفريق أن ذلك قد يكون ممكناً بمساعدة تلسكوب هابل التابع لناسا، وقد يكتشف تلسكوب ناسا الفضائي القادم (جيمس ويب) يوماً ما ذلك الهيليوم بشكلٍ مباشر. وفي الوقت نفسه، يستمر العالَم الغريب والمذهل للكواكب الخارجية بمفاجأة علماء الفلك.


تقول سارة سيغر Sara Seager، المؤلفة المشاركة في الدراسة من معهد ماساشوستس للتكنولوجيا ومختبر الدفع النفاث: "ربما يكون أي كوكب نستطيع تخيّله موجود هناك في مكان ما، طالما أنه ينسجم مع قوانين الفيزياء والكيمياء. الكواكب متنوعة بشكل لا يصدق من ناحية كتلها، وأحجامها، ومداراتها، ونتوقع أن ذلك يمتد ليصل إلى الأغلفة الجوية للكواكب الخارجية". شارك في هذه الدراسة أيضاً يوك يونغ Yuk Yung من معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا في باسادينا ومختبر الدفع النفاث.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المصطلحات
  • الهليوم (helium): ثاني أخف العناصر الكيميائية وثاني أكثر العناصر الكيميائية وفرةً. تتألف ذرة الهليوم النموذجية من نواة مكونة من بروتونين ونترونين محاطة بالكترونين. تم اكتشاف الهليوم للمرة الأولى في شمسنا، حيث تصل نسبة الهليوم في الشمس إلى ما يُعادل 25% من كتلتها. المصدر: ناسا

اترك تعليقاً () تعليقات