أنماط المناخ على أرض فائقة

أدت ملاحظات تلسكوب الفضاء التابع لناسا سبيتزر إلى وضع أول خريطة لدرجات حرارة كوكب أرض فائفة (Super earth)، وهو كوكب صخري يبلغ حجمه ضعف حجم الأرض. تظهر هذه الخريطة الاختلاف الكبير بين درجات حرارة جهات هذا الكوكب وتشير إلى أن السبب هو احتمال وجود تدفقات للحمم بركانية.

يقول برايس أوليفييه ديموري Brice Olivier Demory من جامعة كامبردج، إنجلترا، المؤلف الرئيسي لتقرير سيصدر في ٣٠ آذار/ مارس في مجلة Nature: "إن ملاحظتنا لهذا الكوكب تتطور باستمرار، وآخر ما توصلنا إليه هو أن الليالي على سطح هذه الكوكب حارة إلا أنّ النُّهر تكون أكثر سخونة وهذا يدل على أن الحرارة في هذا الكوكب تنتقل بطريقة عشوائية. نحن نعتقد أن تفسير هذا الظاهرة هو وجود غلاف جوي يتواجد فقط في الجانب الذي فيه النهار من الكوكب، أو أن هنالك تدفقات حمم بركانية على سطح الكوكب".

إن كوكب الأرض الفائقة 55 Cancri e قريب نسبياً من الأرض حيث أنّه يبعد عنها مسافة ٤٠ سنة ضوئية فقط. يدور حول نجمه كل ١٨ ساعة. وبما أنّ هذا الكوكب قريب من النجم، فهو مرتبط بالجاذبية، تماماً كما هو حال القمر والأرض، ما يعني أنّ أحد جوانب الكوكب 55 Cancri e، المشار إليه بالجانب النهاري، يتعرض دوماً لحرارة شديدة صادرة عن النجم في حين يبقى الجانب الليلي مظلماً وشديد البرودة.
 
تباين درجات السطوع المختلفة لكوكب خارج المجموعة الشمسية اسمه 55 Cancri e كما يظهر في مجموعة بيانات التقطها تلسكوب سبيتزر Spitzer الفضائي التابع لناسا باستخدام الأشعة تحت الحمراء.
تباين درجات السطوع المختلفة لكوكب خارج المجموعة الشمسية اسمه 55 Cancri e كما يظهر في مجموعة بيانات التقطها تلسكوب سبيتزر Spitzer الفضائي التابع لناسا باستخدام الأشعة تحت الحمراء.

يقول ديموري: "رصد سبيتزر أطوار الكوكب 55 Cancri e والتي تشبه أطوار القمر كما يظهر من الأرض. وقد تمكّنا من رصد جميع أطواره وتشمل الأولى والأخيرة والجديدة والكاملة لهذا الكوكب الخارجي". ثم يضيف: "في المقابل ساعدتنا هذه الملاحظات على رسم خريطة للكوكب. الغاية منها هي معرفة المناطق الحارة على هذا الكوكب".

حدّق سبيتزر بالكوكب عبر أشعته تحت الحمراء لمدة ٨٠ ساعة، متابعاً مداره وحركته حول نجمه لمرات عديدة. مكّنت هذه البيانات العلماء من رسم خريطة تغييرات في درجات الحرارة للكوكب كله. ولدهشتهم فقد وجدوا فارق درجات حرارة كبير يقدر بـ ٢.٣٤٠ درجة فهرنهايت (١.٣٠٠ كلفن) بين الجانبين.
 
الجانب الأكثر حرارة يصل إلى حوالى ٤.٤٠٠ درجة فهرنهايت (٢.٧٠٠ كلفن) والجانب الأكثر برودة يصل إلى ٢.٠٦٠ درجة فهرنهايت (١.٤٠٠ كلفن).

حقيقة أن سبيتزر رصد أن الجانب الليلي أكثر برودة بكثير، تعني أن الحرارة لا توزع بشكل متساوٍ على الكوكب. تدحض البيانات الفكرة الموجودة سابقاً أن الغلاف الجوي الكثيف والرياح يقومان بتوزيع الحرارة في الكوكب. عوضاً عن ذلك تشير النتائج إلى أنّ الكوكب خالٍ من الغلاف الجوي الشامل بل وربما تدل على وجود عالم من الحمم البركانية حيث تصبح هذه الحمم صلبة في جهة الليل وغير قادرة على نقل الحرارة.

يقول مايكل جيلون Michael Gillon، جامعة لييج، بلجيكا: "قد تكون هنالك أَنهُر من الحمم البركانية وبرك كبيرة من المواد المنصهرة الحارة جداً في الجانب النهاري، كما أننا نعتقد أن الجانب الليلي يحتوي على تدفقات حمم بركانية مثل تلك التي وجدت في هاواي".
 
يبيّن الرسم التوضيحي المتحرك أحد احتمالات الكوكب الصخري الخارجي 55 Cancri e، وهو أنه أكبر مرتين من الأرض. توضح بيانات سبيتزر الجديدة أن أحد جوانب الكوكب أكثر حرارةً من الجانب الآخر، والذي يمكن تفسيره باحتمال وجود برك من الحمم البركانية. المصدر: ناسا/ مختبر الدفع النفاث- معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا .
يبيّن الرسم التوضيحي المتحرك أحد احتمالات الكوكب الصخري الخارجي 55 Cancri e، وهو أنه أكبر مرتين من الأرض. توضح بيانات سبيتزر الجديدة أن أحد جوانب الكوكب أكثر حرارةً من الجانب الآخر، والذي يمكن تفسيره باحتمال وجود برك من الحمم البركانية. المصدر: ناسا/ مختبر الدفع النفاث- معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا .

كما كشفت بيانات سبيتزر أن أكثر البقع حرارة على الكوكب قد تحولت إلى حيث كان من المتوقع أن تصبح: تحت النجم الساطع مباشرة. ويشير هذا التحول إلى أن إعادة دوران الحرارة تحدث في الجانب النهاري فقط، أو إلى معالم على السطح ذات حرارة مرتفعة مثل تدفق الحمم البركانية.

كما ستساعد الملاحظات الإضافية التي سيحصل عليها التلسكوب الفضائي جيمس ويب James Webb، القادم والتابع لناسا، في تحديد طبيعة كوكب 55 Cancri e.

ملاحظات سبيتزر الجديدة فيما يخص كوكب 55 Cancri أصبحت أكثر دقة بسبب زيادة حساسية التلسكوب للكواكب الخارجية. على مدى السنوات القليلة الماضية حدد العلماء والمهندسون طريقة لتعزيز قدرة سبيتزر على قياس تغيرات سطوع أنظمة الكواكب. أحد هذه الأساليب كان التوصيف الدقيق للكاشف سبيتزر، تحديداً قياس "النقطة اللطيفة"- وهي بكسل واحد على الكاشف- الذي كان مصمماً ليكون الأفضل في دراسة الكواكب خارج المجموعة الشمسية.

تقول جيسكا كريك Jessica Krick من مركز علوم الفضاء سبيتزر التابع لناسا في معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا في باسادينا: "عن طريق فهم خصائص الأداة، وباستخدام تقنيات معيارية وجديدة لمنطقة صغيرة من بكسل واحد، سنحاول العثور على أي احتمال علمي ممكن من الكاشف الذي لم يكن مصمماً لهذا النوع من الرصد العالي الدقة".

يدير مختبر الدفع النفاث (JPL) التابع لناسا في باسادينا، بولاية كاليفورنيا، مهمة التلسكوب الفضائي سبيتزر لصالح علوم إدارة المهمات في ناسا، في ولاية واشنطن. وتجرى العمليات العلمية في مركز سبيتزر العلمي. وتعتمد عمليات تشغيل المركبة في شركة لوكهيد مارتن لأنظمة الفضاء، ليتلتون بولاية كولورادو. تتم أرشفة البيانات في أرشيف علوم الأشعة تحت الحمراء في معهد المعالجة بالأشعة تحت الحمراء ومركز التحليل في معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا. يدير معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا مختبر الدفع النفاث التابع لناسا.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات