تلسكوب ناسا يعثر على كرات بَكي لأول مرة في الفضاء

تمكن تلسكوب سبيتزر الفضائي التابع لوكالة ناسا أخيراً من إيجاد "كرات بَكي" للمرة الأولى في الفضاء، كما يظهر في هذا التصوير الفني. 


المصدر: وكالة ناسا/مختبر الدفع النفاث-معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا.


باسادينا -كاليفورنيا تمكّن علماء الفلكِ للمرة الأولى من اكتشاف جزيئاتٍ من الكربون موجودةٍ في الفضاء تُسمى كُرات بَكي (buckyballs) عبر استخدام تلسكوب سبيتزر الفضائي التابع لوكالة ناسا (NASA's Spitzer Space Telescope). كرات بَكي هذه هي عبارةٌ عن جُزيئاتٍ تشبه في شكلها كرة القدم. تم رصد هذه الجزيئات للمرة الأولى مخبرياً منذ 25 سنةً. 

أُطلق على كرات بَكي هذا الاسم بسبب شَبهها بالقباب الجيوديسية (القبة الجيوديسية هي هيكل قشري خفيف، ذو شكل كروي أو شبه كروي مبني على أساس شبكة من الدوائر العظمى) التي طورها ونشرها المهندس بَكيمينستر فولر Buckminster Fuller، وذلك من جهة أنها تتكون من دوائر متداخلة على سطح كرة جزئي. وقد كان يُعتقد أن كرات بَكي تطفو في الفضاء، ولكن لم يتم رصدها مسبقاً.


تُظهر هذه البيانات التي تم الحصول عليها من تلسكوب سبيتزر الفضائي التابع لوكالة ناسا الدلائل على وجود كرات بَكي في الفضاء الخارجي. حقوق الصورة: ناسا/ /مختبر الدفع النفاث – معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا/جامعة ويسترن أونتاريو)
تُظهر هذه البيانات التي تم الحصول عليها من تلسكوب سبيتزر الفضائي التابع لوكالة ناسا الدلائل على وجود كرات بَكي في الفضاء الخارجي. حقوق الصورة: ناسا/ /مختبر الدفع النفاث – معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا/جامعة ويسترن أونتاريو)


يقول عالم الفلك جان كامي Jan Cami، من جامعة ويسترن أونتاريو في كندا University of Western Ontario, Canada، ومن معهد SETI في ماونتن فيو، كاليفورنيا SETI Institute in Mountain View, Calif: "لقد وجدنا ما يمكن اعتباره الآن أضخم الجزيئات المعروفة والموجودة في الفضاء، ونحن مُتحمسون لها بشكل خاص بسبب امتلاكها لخصائص استثنائية تجعل منها عاملاً مهماً في أي نوع من العمليات الفيزيائية والكيميائية التي تحدث في الفضاء". 

وقد أعد كامي ورقة بحث حول هذا الاكتشاف، وسوف يتم نشرها على شبكة الإنترنت يوم الثلاثاء القادم في الموقع الإلكتروني لمجلة العلوم Journal Science.

تتكون كرات بَكي من 60 ذرة من الكربون مصفوفة ومرتبة في هياكل كروية ثلاثية الأبعاد. وتُشبه أنماطها الخماسية والسداسية المرتبة بالتناوب فيما بينها كرة القدم ذات اللون الأبيض والأسود. كما عثر فريق العلماء أيضاً على كراتٍ أخرى شبيهة بكُرات بَكي لكنها ذات شكلٍ أكثر استطالةً وتُعرف باسم C70. تتكون هذه الجزيئات من 70 ذرة من الكربون تشبه كثيراً شكل كرة الرجبي (Rugby) البيضاوي. ينتمي كلا النوعين لفصيلة تُعرف رسمياً باسم بَكمنيسترفولرينز (buckminsterfullerenes) أو فولرينز (fullerenes). 

وقد وجد فريق كامي بشكل غير متوقع كرات الكربون هذه في سديم كوكبي يُعرف بـ Tc 1. السدم الكوكبية هي عبارة عن بقايا النجوم، مثل الشمس، والتي تطرحُ طبقاتها الخارجية المُكونة من الغبار والغاز باتجاه الفضاء مع مرور السنين وتقدّمها في العمر. يقوم النجم المضغوط الساخن أو النجم القزم الأبيض الموجود في مركز السديم بإضاءة وتسخين هذه السُحب المكونة من المواد التي تم قذفها.

 

 
تم العثور على كرات بَكي في هذه السحب، ما قد يعكس مرحلة قصيرة من حياة هذه النجوم تقوم فيها بنزع وطرح مواد غنية بالكربون. وقد استخدم علماء الفلك مقياس الطيف الموجود في تلسكوب سبيتزر ليقوموا بتحليل ضوء الأشعة ما تحت الحمراء المُنبعث من السديم الكوكبي وذلك بهدف رؤية العلامات الطيفية التي تدل على وجود كرات بَكي. 

تقترب درجة حرارة هذه الجزيئات من درجة حرارة الغرفة، والتي تعد الدرجة المثلى لإطلاق أنماط متميزة من الأشعة ما تحت الحمراء والتي يمكن لتلسكوب سبيتزر رصدها. وفقاً لكامي قام تلسكوب سبيتزر بالنظر إلى المكان المناسب في الوقت المناسب، على اعتبار أنه بعد قرن من الآن، ستكون كرات بَكي باردةً جداً بحيث يصعب رصدها.

تمت مقارنة البيانات التي حصل عليها سبيتزر مع البيانات التي تم الحصول عليها من خلال القياسات المخبرية وجاءت النتائج متطابقة بشكل كامل. 

يقول كامي: "ببساطة، لم نخطط لهذا الاكتشاف، ولكن عندما رأينا هذه العلامات الطيفية الضخمة، أدركنا على الفور أننا ننظر إلى واحدٍ من أكثر الجزيئات المطلوبة والمنشودة".

وفي عام 1970، تنبأ البروفيسور الياباني إيجي أوساوا Eiji Osawa بوجود كرات بَكي، ولكن لم يتم رصدها حتى تم إجراء تلك التجارب المخبرية في عام 1985. وقد قام الباحثون بمحاكاة الشروط الموجودة في الغلاف الخارجي للنجوم الضخمة الغنية بالكربون والكبيرة في العمر، والتي تم الكشف فيها عن سلاسل الكربون. وبشكل مفاجئ، أسفرت هذه التجربة عن تكون كميات كبيرة من بكمنيسترفولرينز. ومنذ ذلك الحين، تم العثور على هذه المادة في كوكب الأرض في سُخام الشمع وطبقاتٍ من الصخور والنيازك. 

وقد تحولت دراسة الفولرينز والعناصر القريبة منه إلى مجال مزدهر بالأبحاث وذلك بسبب القوة الفريدة التي تتمتع بها هذه الجزيئات، إضافة إلى خواصها الكيميائية والفيزيائية. كما يمكن استخدام كرات بَكي في عددٍ من التطبيقات من بينها تصنيع الدروع، وإيصال الأدوية، وتكنولوجيا التوصيل الفائق. 

يقول السير هاري كروتو Harry Kroto، الحاصل على جائزة نوبل للكيمياء في عام 1996 مناصفة مع كل من بوب كورل Bob Curl، وريك سمولي Rick Smalley لاكتشافهم كرات بَكي: "كما كان يُعتقد سابقاً، يقدم لنا هذا التطور العلمي دليلاً مقنعاً على أن كرات بَكي موجودة منذ الأزل في تجاويف مظلمة في مجرتنا". 

ولقد ثبت فشل عمليات البحث السابقة عن كرات بَكي في الفضاء، تحديداً في النجوم الغنية بالكربون. من ناحية أخرى، ظهرت قبل 15 عاماً دلائل واعدة على وجودها في الغيوم الجزيئية الموجودة بين النجوم وذلك باستخدام الأطوال الموجية الضوئية. ولا تزال تلك النتائج بانتظار تأكيدها والتثبت منها بواسطة البيانات المخبرية.

في الآونة الأخيرة، أشار فريق آخر تابع لتلسكوب سبيتزر إلى أن هنالك دليلاً على وجود كرات بَكي في نوع مختلف من المواد، ولكن العلامات الطيفية التي قاموا برصدها كانت ملوثة بمواد كيميائية أخرى. 

لمزيد من المعلومات يمكنكم زيارة الرابط التالي:


تتم إدارة مختبر الدفع النفاث لصالح وكالة ناسا من قبل معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا في باسادينا، كاليفورنيا.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات