مجسات فان آلن التابعة لناسا تلتقط حاجزاً منيعاً في الفضاء

مجسات فان آلن التابعة لناسا تلتقط حاجزاً منيعاً في الفضاء

 

يُحيط بالأرض قطعتا دونات مشعتان وعملاقتان؛ تُعرفان بأحزمة فان آلن الإشعاعية (Van Allen radiation belts)؛ وقد اُكتشف أنهما تحتويان حاجزاً منيعاً يمنع الالكترونات عالية الطاقة والسرعة من الوصول إلى الأرض. إن أحزمة فان آلن عبارة عن مجموعة من الجسيمات المشحونة التي جُمعت في مكانها بوساطة الحقل المغناطيسي للأرض. حيث يُمكن لهذه الأحزمة أن تتعاظم وتتضاءل كاستجابة للطاقة القادمة من الشمس؛ وفي بعض الأحيان تتضخم لدرجة كافية لتعرض معها الأقمار الصناعية، الموجودة في المدارات المنخفضة، للأشعة الخطرة والمدمرة.

 

تم اكتشاف هذا المصرف الذي يلعب دور الحاجز داخل الأحزمة، باستخدام مجسان فان آلن التابعة لناسا –التي أقلعت في آب/أغسطس 2012 من أجل دراسة هذه المنطقة. ونُشرت النتائج في ورقة علمية ظهرت في عدد 27 نوفمبر من مجلة Nature .يقول دان باكر (Dan Baker) وهو عالم فضاء في جامعة كولورادو-بولدر والمؤلف الرئيسي للورقة العلمية :"يُعتبر هذا الحاجز المؤلف من الالكترونات فائقة السرعة ميزةً مهمة جداً للأحزمة. نحن قادرون على دراسته للمرة الأولى لأنه لم يكن لدينا في السابق قياسات بهذه الدقة أبداً لتلك الالكترونات عالية لطاقة".

 

يساعد فهم الأسباب الكامنة وراء الشكل الخاص للأحزمة الإشعاعية والأشياء التي يُمكنها التأثير على طريقة الأحزمة بالتضخم أو التقلص ويعمل العلماء على حماية الأقمار الصناعية الموجودة في المناطق القريبة من الإشعاع.

 

أحزمة فان آلن كانت الاكتشاف الأول في العصر الفضائي وتم قياسها عند إطلاق القمر الصناعي الأمريكي Explorer 1 في العام 1958. وعلى طول العقود التالية، تعلم العلماء أنه يُمكن لحجم الحزامين أن يتغير –أو أن يختلطان معاً أو ينفصلان إلى ثلاثة أحزمة أحياناً؛ لكن وبشكلٍ عام، يمتد الحزام الداخلي في المجال من 400 إلى 6000 ميل فوق سطح الأرض والحزام الخارجي من 8400 إلى 36000 ميل فوق سطح الأرض. وفي العادة، يفصل بين الحزامين فضاء فارغ؛ لكن ما الذي يُحافظ عليهما منفصلين؟ لماذا تُوجد منطقة بين الحزامين لا يُوجد فيها الكترونات؟

 

ادخل إلى الحاجز المكتشف حديثاً؛ حيث تُوضح بيانات مجسات فان آلن أن الحافة الداخلية للحزام الخارجي غير واضحة بشكلٍ مرتفع. من أجل الالكترونات الأعلى طاقةً وسرعة، وتُمثل هذه الحافة خطاً حدودياً حاداً جداً في الظروف العادية ومن المستحيل على الالكترونات اختراقها بسهولة.

 

تقول شيري كانيكال (Shri Kanekal)، نائبة عالم مهمة فان آلن في مركز غودارد-ناسا للطيران الفضائي في غرينبلد-ميريلاند وهي مؤلفة مشاركة في ورقة الطبيعة :"عندما تنظر إلى الالكترونات عالية الطاقة، تعرف أنها تأتي فقط إلى مسافات محددة عن الأرض. هذا الأمر جديد كلياً؛ و بالتأكيد لم نتوقع هذا في السابق".

بحث الفريق عن الأسباب المحتملة؛ وعرف بأن عمليات الإرسال التي يُقوم بها البشر ليست سبب هذا الحاجز؛ ونظر الفريق أيضاً إلى الأسباب الفيزيائية: هل يُمكن للحقل المغناطيسي المحدد والمحيط بالأرض أن يتسبب في هذا الحد؟ درس العلماء هذه الاحتمالية ولكنهم استبعدوها. ماذا عن وجود جسيمات فضائية أخرى؟ يبدو هذا الأمر الحل الأكثر ترجيحاً.

 

الأحزمة الأشعاعية ليست هياكل الجسيمات الوحيدة التي تُحيط بالأرض؛ هناك سحابة عملاقة من جسيمات مشحونة وباردة تُعرف بالبلازماسفير (plasmasphere)؛ وهذه السحابة تملأ المنطقة الخارجية من الغلاف الجوي للأرض وتقع على ارتفاع يصل إلى 600 ميل وتمتد جزئياً إلى حزام فان آلن الخارجي. حيث تتسبب الجسيمات الموجودة في الحدود الخارجية للبلازماسفير في تشتيت الجسيمات الموجودة في الحزام الإشعاعي الخارجي مُزيلةً إياهم من الحزام ، مفعول التشتت هذا ضعيف جداً وربما لا يكون كافياً من أجل الحفاظ على الالكترونات عند الحدود، عدا حالات شاذة: تتحرك الكترونات الأحزمة الإشعاعية بسرعة لا تُصدق ولكن ليس نحو الأرض؛ بدلاً من ذلك، تتحرك في حلقات عملاقة حول الأرض.

 

توضح بيانات مجسات فان آلن أنه وفي اتجاه الأرض، تمتلك الالكترونات ذات الطاقة الأعلى الحركة الأقل على الإطلاق –إذ تحصل انجرافات بطيئة ولطيفة على مدار أشهر؛ هذه الحركة بطيئة وضعيفة جداً بحيث أنه يُمكن عكسها بوساطة التشتت الناجم عن البلازماسفير. يُساعد هذا في شرح السبب الكامن وراء عدم اندفاع الالكترونات الموجودة في الحزام الخارجي نحو المنطقة الكائنة بين الحزامين –عند وجود ظروف متطرفة وبشكلٍ خاص عندما تقوم رياح شمسية قوية أو ثوران شمسي عملاق مثل التدفق الإكليلي الكتلي بإرسال سحب من المواد إلى الفضاء القريب من الأرض.

 

يقول باكر :"التشتت الناجم عن حد التوقف البلازمي (plasmapause) قوي إلى درجة كافية من أجل خلق جدار عند الحافة الداخلية لحزام فان آلن الخارجي. لكن يُمكن لرياح شمسية قوية أن تتسبب في تحرك حدود البلازماسفير نحو الداخل". يُمكن لجريان ضخم وقادم من الشمس أن يتسبب في تآكل الجزء الخارجي من البلازماسفير ليحرك الحدود نحو الداخل ويقدم للالكترونات، الموجودة في الأحزمة الإشعاعية، مساحة كي تتحرك إليها نحو الداخل أيضاً.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

اترك تعليقاً () تعليقات