استخدم العلماء مرصد تشاندرا للأشعة السينية (Chandra X - ray Observatory)، التابع لناسا، لإيضاح الآثار الناتجة عن عدد من الانفجارات، التي حدثت عبر 50 سنة في ثقب أسود هائل يقع في وسط مجموعة المجرات NCG 5813. هذا، بالإضافة إلى إيضاح دور هذه الانفجارات في أعادة ترتيب المشهد الكوني الواقع وسط المجموعة.
اكتشف العلماء تاريخ هذه الانفجارات عبر دراسة المجموعة NGC 5813، والتي تبعد حوالي 105 مليون سنة ضوئية عن الأرض. هذه الملاحظات التي رصدت بواسطة مرصد تشاندرا، خلال اسبوع واحد، تعتبرأطول الانفجارات مقارنة بمثيلاتها. وقد عُرضت بيانات هذه الانفجارات كصورة مركبة، حيث دمجت الأشعة السينية (X - rays) من تشاندرا "باللون الأرجواني" مع بيانات الضوء المرئي "الاحمر، الأخضر والأزرق". شاهد الصورة أعلاه.
تجدر الإشارة إلى أن مجموعات المجرات تختلف عن عناقيد المجرات من حيث أنها تحتوي مالا يزيد على 50 مجرة، بينما العناقيد تحتوي على المئات أو الآلاف من المجرات. كذلك، تمتاز مجموعة المجرات بغلاف ضخم من الغاز الساخن يبث أشعة سينية.
ويدور الثقب الأسود الهائل المتفجر، الذي لوحظ في المجموعة NGC 5813، إلى جانب كميات من الغاز تتجه ناحية الثقب، وهو الأمر الذي يمكن الثقب من إنتاج بُرج من المجال المغناطيسي الدوراني. ويقوم هذا البُرج بدفع مضاد لجزء كبير من دفق الغاز بعيداً عن الثقب. يأتي هذا الدفع في شكل نفث عالي الطاقة والسرعة "أي في شكل انفجارات".
ولقد تمكن الباحثون من تحديد طول هذه الانفجارات، عبر دراسة الفراغات أو الفقاعات مرتفعة الحرارة "تبلغ درجة حرارتها ملايين عديدة من الدرجات الحرارية"، التي لوحظت في المجموعة NGC 5813. وتنشأ هذه الفراغات بسبب موجات الصدمة (Shock wave)، التي تنتج عن الانفجارات، وهو ما يؤدي إلى دفع الغاز بعيداُ عن الثقب مُخلفاً الفراغات.
لقد كشفت آخر الملاحظات، التي رصدت بواسطة تشاندرا، عن فراغ مزدوج ثالث، بالإضافة إلى فراغين مزدوجين آخرين سبق الكشف عنهما في المجموعة NGC 5813. وهذه الفراغات كلها نتجت عن انفجارات صادرة عن الثقب الأسود. ويعتبر هذا أكبر عدد من الانفجارات المزدوجة التي اكتشفت في مجموعة مجرات أو مجرات عنقودية حتى الآن. إن هذه الفراغات الضخمة، تطفو مبتعدة عن الثقب الأسود بطريقة مشابهه لتصاعد فقاعة هواء منخفضة الكثافة، من داخل الماء لسطحه.
ومن أجل مزيد من الفهم لهذه الانفجارات، درس الباحثون تفاصيل الفراغات الثلاث المزدوجة التي اكتشفت. ووجدوا أن مقدار الطاقة المطلوبة لإحداث الفراغ المزدوج، الذي رصد مؤخرا بالقرب من الثقب الأسود، هو أقل من مقدار الطاقة اللازمة لإحداث الفراغين المزدوجين الأول والثاني، الذي نرصدا سابقاُ. لكن معدل إنتاج الطاقة "أو القوة" يكاد يكون متساوياً. وهذا يدل على أن الانفجار الذي أنتج الفراغ المزدوج الثالث، الذي رصد مؤخرا، ما زال مستمرا.
وكما أسلفنا، يترافق كلٌ من الأزواج الثلاث للفجوات مع جبهة صدمة (Shock front) تظهر كحواف حادة في صورة الأشعة السينية أعلاه، وتُسخن جبهات الصدمة هذه، المشابهة للانفجارات الصوتية (sonic booms) التي تحدثها الطائرة عند اختراقها حاجز الصوت، الغاز مما يمنع معظمه من أن يبرد، وبالتالي يؤدي إلى عدم تكون نجوم جديده.
وبدراسة فاحصة لهذه المقدمات الصدمية، تبين أنها ليست حادة الشكل، بل عريضة وغير واضحة، ومن المرجح أن هذا يرجع لاضطرابات الغاز الساخن. وعبر هذه النتيجة، توصل الباحثون إلى أن سرعة اضطراب الغاز الساخن "أي متوسط السرعة لحركة الغاز العشوائية" تقارب 160,000 ميلا في الساعة (ما يعادل 258,000 كيلومتر في الساعة). وهذا الرقم يتسق مع نموذج التوقعات النظرية والتقديرات التي بُنيت على ملاحظات الأشعة السينية للغاز الساخن في مجموعات مجرات أخرى.
لقد عرضت هذه النتائج في ورقة علمية نشرت في المجلة الفيزيائية الفكلية The Astrophysical Journal في الأول من يوينو سنة 2015. المؤلف الأول لهذه الورقة هو سكوت راندال Scott Randall. وقد شاركه في تأليفها كل من: بول نولسن Paul Nulsen وكريستين جونز Christine Jones وويليام فورمان William Forman وإسرا بلبل Esra Bulbul، وهم جميعا من مركزهارفارد - سميثونيان للفيزياء الفلكية Harvard - Smithsonian Center for Astrophysics ،إختصاراً (CfA)، التابع لجامعة هارفارد بولاية ماساتشوستس.
كما شاركهم كل من: تريسي كلارك Tracey Clarke من مختبر الأبحاث البحرية NavalResearch Laboratory بالعاصمة واشنطن، ورالف كرافت Ralph Kraft من CfA، وإليزابيث بلانتون من جامعة بوسطن بولاية ماساتشوستس، ولورانس ديفيد Lawrence David من CfA، نوربرت وارنر Norbert Werner من جامعة ستانفورد بولاية كاليفورنيا، ومينغ سن Ming Sun من جامعة ألاباما بولاية ألباما، وميغان دوناهو Megan Donahue من جامعة ولاية ميتشجان، وسيمونا جيسنتوسي Simona Giacintucci من جامعة ميريلاند، وأورورا سيموناسكو Aurora Simionescu من الوكالة اليابانية لاستكشاف الفضاء Japan Aerospace Exploration Agency.
ومن الجدير ذكر أن إدارة برنامج شاندرا موكلة إلى أن مركز مارشال لبعثات الفضاء Marshall Space Flight Center التابع لناسا، والموجود بمدينة هانتسفيل Huntsville بولاية ألباما، وذلك بالإنابة عن مديرية المهام العلمية Science Mission Directorate التابعة لناسا، ومقرها واشنطن. أما من بالنسبة للتحكم في علميات تشاندرا، فالمهمة مُوكلة إلى مرصد سميثسونيان للفيزياءالفلكية (The Smithsonian Astrophysical Observatory)، ومقره مدينة كامبريدج بولاية ماساتشوستس.
