الثقوب السوداء تناقض نفسها

هذه الصورة من مسح سلون الرقمي للسماء [1] المدعو اختصارًا SDSS للمجرة RGG 118، تحوي هذه المجرة أصغر الثقوب السوداء ذات الكتلة الهائلة جدًا المُكتشفة حتى الآن. الصورة الصغيرة أعلى اليمين هي من مرصد شاندرا تُظهر الغاز الساخن حول الثقب الأسود.

الحقوق: NASA/CXC/Univ of Michigan/V.F.Baldassare, et al; Optical: SDSS


قام علماء فلك بتحديد أصغر ثقب أسود فائق تم الكشف عنه حتى الآن في مركز مجرة باستخدام مرصد شاندرا للأشعة السينية التابع لناسا و تلسكوب كلاي ذي الـ6.5 متر في تشيلي. قد يزودنا هذا الجسم الشاذ بأدلة لكيفية تشكُّل الثقوب السوداء الأكبر حجمًا مع مجراتها المضيفة قبل 13 مليار سنة أو أكثر.

قدّر علماء الفلك كتلة هذا الثقب الأسود بحوالي 50,000 كتلة شمسية. تُعد هذه الكتلة أصغر من نصف كتلة الثقب الأسود الذي كان أصغر ثقب أسود قبل هذا في مركز مجرة.

يقول فيفيان بلدسر Vivienne Baldassare من جامعة ميتشيغان في آن آربور، المؤلف الأول لورقة عن هذه النتائج نشرت في دورية The Astrophysical Journal Letters: "قد يبدو الأمر متناقضًا، ولكن الكشف عن ثقب أسود هائل صغير الحجم كهذا هو أمر مهم. يمكننا استخدام أرصاد الثقوب السوداء الأكثر لمعانًا وذات الكتلة الهائلة من أجل فهم أفضل حول كيفية نمو الثقوب السوداء ذات الأحجام المختلفة".

يقع الثقب الأسود صغير الحجم و كبير الوزن في مركز مجرة قرصية قزمة تدعى RGG 118 على بعد 340 مليون سنة ضوئية من الأرض، وقد اكتُشفت بالأصل باستخدام مسح سلون الرقمي للسماء.

قدّر علماء الفلك كتلة الثقب الأسود من خلال دراسة حركة غاز بارد بالقرب من مركز المجرة، باستخدام بيانات الأشعة المرئية من تلسكوب كلاي. كما واستخدموا بيانات مرصد شاندرا لتحديد سطوع الأشعة السينية من الغاز الساخن الذي يدور حول الثقب الأسود. و قد وجد الباحثون أن الضغط الخارجي لضغط الإشعاع من هذا الغاز الساخن هو حوالي 1 في المائة فقط من السحب الداخلي للجاذبية لداخل الثقب الأسود، مطابقًا بذلك خصائص الثقوب السوداء الهائلة الأخرى.

لاحظ العلماء من قبل وجود علاقة بين كتلة الثقب الأسود هائل الكتلة وبين سرعات النجوم في مركز المجرة المضيفة له. تبقى هذه العلاقة صحيحة أيضًا بالنسبة للمجرة RGG 118 و ثقبها الأسود.

يقول المؤلف المشارك إيمي رينس Amy Reines من جامعة ميشيغان: "لقد وجدنا هذا الثقب الأسود الصغير الهائل يتصرف كثقب أسود أكبر منه، وأحيانًا كثقب أسود أكبر منه بكثير. هذا يخبرنا بأن الثقوب السوداء تنمو بطرق مشابهة بغض النظر عن حجمها".

تعد كتلة الثقب الأسود في RGG 118 أصغر بحوالي 100 مرة من الثقب الأسود الضخم في مركز مجرتنا درب التبانة. و هو أيضًا أصغر بحوالي 200,000 مرة من أثقل ثقب أسود تم الكشف عنه في مراكز المجرات الأخرى.

يحاول علماء الفلك فهم تشكّل الثقوب السوداء ذات الكتلة التي تُقدّر بمليارات الشموس، والتي وجدت بعد أقل من مليار عام من الانفجار العظيم، ولكن الكثير منها غير قابل للاكتشاف باستخدام التكنولوجيا الحالية. يمنح الثقب الأسود في RGG 118 علماء الفلك فرصة لدراسة الثقوب السوداء الهائلة صغيرة الحجم والقريبة منا.

يعتقد علماء الفلك بأن الثقب الأسود هائل الكتلة قد يتشكل عندما تتصادم سحابة غاز كبيرة بكتلة تبلغ حوالي ما بين 10,000 إلى 100,000 كتلة شمسية مع ثقب أسود. ثم تندمج العديد من "بذور" الثقوب السوداء هذه مُشكِّلة ثقوبًا سوداء هائلة الكتلة وذات حجم أكبر بكثير. بدوره، قد يشكل نجم ضخم ما (بحوالي 100 كتلة شمسية) بذرةً لوجود ثقب أسود هائل الكتلة، وهذا النجم يتحول في نهاية حياته إلى ثقب أسود بعد نفاد الوقود منه وانهياره.

تقول إيلينا جالو Elena Gallo من جامعة ميشيغان: "لدينا فكرتان حول كيفية تشكّل هذه الثقوب السوداء الهائلة، هذا الثقب الأسود في RGG118 هو بمثابة الوكيل لتلك الثقوب الموجودة في الوقت المبكر جدًا من عمر الكون، و يمكن أن تساعدنا في نهاية المطاف بأن نقرّر أي من الفكرتين هي الصحيحة".

سيستمر الباحثون بالبحث عن ثقوب سوداء هائلة أخرى و التي تشابه ذلك الموجود في RGG118 في الحجم أو حتى أصغر منه، وذلك لتساعدنا في تحديد أي النماذج هو أصح، وكذلك لصقل فهمهم لكيفية نمو هذه الأجسام.



ملاحظات:


[1] مسح سلون الرقمي للسماء SDSS: هو مسح فلكي يتم باستخدام التصوير الطيفي لقياس الانزياح الأحمر لأطياف المجرات. ويجرى ذلك بتلسكوب ضوئي مزود بمرآة قطرها 2.5 متر واسعة زاوية الرؤية مع استخدام عدة مرشحات للضوء. ويوجد هذا التلسكوب في مرصد نقطة أباتشي نيو مكسيكو، في الولايات المتحدة الأمريكية. وقد سمي برنامج المسح الفلكي هذا باسم جمعية ألفريد سلوان الخيرية التي أنشأها ألفريد سلوان عام 1923 لتشجيع البحث العلمي.المصدر : ويكيبيديا

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

اترك تعليقاً () تعليقات