الأقزام البنية

الأقزام البنية

 

لطالما مثلت هذه الأجرام السماوية تحدياً كبيراً للعلماء، فعندما يرصد علماء الفلك جسمًا ما في الفضاء ويكون من هذه الفئة، فإنهم يواجهون الكثير من المشاكل قبل أن يتأكدوا تماماً من عدم كونه كوكباً، أو حتى نجم. إذًا، ما الفرق بين القزم البني والنجم؟ وما الذي يُميّزه عن الكوكب؟

 

في بعض الأحيان، لا تقوم الانهيارات بتحويل سحب الغاز والغبار إلى نجوم، بل تنتج أجسام في هذه الحالة تعرف بالأقزام البنية (Brown dwarfs)، وهي أجسام تمتلك العديد من العناصر التي تجعلها مشابهة لشقيقاتها الأكثر شهرة "النجوم"، لكنها تفتقد إلى الكتلة الكافية لإشعال عملية الاندماج النووي (Nuclear fusion) في مراكزها.

وبسبب عدم وجود الاندماج النووي في مراكز الأقزام البنية، يُشير إليها العلماء في بعض الأحيان بـ النجوم الفاشلة (Failed stars).

 

  •  فشل في التشكّل

تبدأ الأقزام البنية حياتها مثل شقيقاتها نجوم السلسلة الرئيسية. إذ تتسبب الجاذبية في انهيار سحابة من الغاز والغبار ثقاليّاً لتُشكل "نجماً أولياً شاباً" في مركزها.

 

بالنسبة لنجوم السلسلة الرئيسية، تقوم الجاذبية بالدفع نحو الداخل حتى الوصول إلى بدء عملية الاندماج النووي للهيدروجين في مركز النجم، لكن الأقزام البنية لا تصل إلى هذه المرحلة أبداً، وبدلاً عن ذلك، وقبل أن تصير درجات الحرارة كافية لاندماج الهيدروجين وتشكيل النجم، تبلغ المواد المتراكمة في الجسم حالة مستقرة.

 

  •  المميزات، التوصيف والمراقبات

تُوجد الأقزام البنية ضمن مجال متنوع من درجات الحرارة والكتل، حيث تتغير كتلتها ضمن مجال يتراوح من 13 إلى 90 ضعف كتلة المشتري -أي حوالي عُشر كتلة الشمس.

 

تُصنف النجوم تبعاً لنوع أطيافها، أو الطاقة التي تُصدرها، وتُصنف الأقزام البنية بطريقة مشابهة. النجوم من النوع (M) هي أبرد النجوم الناجحة في الكون، بالإضافة إلى أنها الأكثر وفرة على الإطلاق. معظم النجوم M هي أقزامٌ حمراء، عدد قليل منها يكون أقزام بنية.

 

الأقزام من النوعين (L) و(T) يُعرفان تبعاً للعناصر المُشاهدة في أطيافهما. أما الأقزام  فتعتبر أبرد أنواع الأقزام البنية، فتصل درجة حرارة بعضها إلى درجة حرارة فرن منزلي، في حين لدى أخرى درجات حرارة مساوية لدرجة حرارة جسم الإنسان!

ولأن الأقزام البنية تُصدر نسبة قليلة من الضوء والطاقة، فمن الصعب جداً تحديد مواقعها.

 

لقد كانت هذه الأجسام في الأساس نظرية، وغير مرئية حتى وقتٍ متأخر من ثمانينيات القرن الماضي، ومع نمو قدرة الأجهزة الفلكية وزيادة حساسيتها، اكتُشف المزيد من الأقزام البنية، لكنها لا زالت تُشكل تحدياً إلى الآن.

 

سابقاً، دُعيت الأقزام البنية بـ "الأقزام السوداء"، أما الآن، يُستخدم ذلك التعبير للدلالة على المرحلة النهائية من التطور النجمي لنجم السلسلة الرئيسية والمعروف بـ القزم الأبيض (White dwarf)، الذي يكون قد أشع بشكلٍ كامل كُل حرارته.

 

  • لماذا ليست كوكباً؟

بسبب الكتلة المنخفضة للأقزام البنية، فإنها تُربك العلماء وتتداخل مع الكواكب فائقة الكتلة، وبشكلٍ خاص تلك المعروفة بالعمالقة الغازية (Gas giants).

وأحد الطرق لمعرفة الفرق بين تلك الكواكب والأقزام البنية هو أن الأقزام البنية، كما النجوم، تخلق ضوءها الخاص.

 

تتوهج الأقزام البنية في المجال الأحمر وتحت الأحمر من الطيف حتى تبرد بشكلٍ كامل، وتُصدر أشعة سينية وضوء تحت أحمر يستطيع العلماء قياسه.

 

وحتى الآن، لازال الخط الفاصل بين القزم البني البارد والكوكب صغيراً جداً. إذ تبرد بعض الأقزام البنية إلى درجة كافية للحفاظ على أغلفة جوية بشكلٍ مشابه كثيراً للعمالقة الغازية. وتستطيع الأقزام البنية أن تحتضن كواكباً، بالمقابل فإن العمالقة الغازية تمتلك أقماراً موجودة على مدارات حولها.

 

إذاً، كيف يُمكننا وبشكلٍ قاطع تأكيد أن جسماً ما يطفو بحرية في الفضاء هو كوكب، أم قزم بني بارد جداً؟ في النهاية، يقوم الاتحاد الدولي لعلم الفلك باعتبار أي جسم كبير إلى حد كافٍ لدمج "الديتريوم" قزماً بني، أما الأجسام التي تمتلك كتلة أقل من 13 ضعف كتلة المشتري، فتُعتبر كواكباً.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المصطلحات
  • القزم الأبيض (White dwarf): هو ما ستؤول إليه الشمس بعد أن ينفذ وقودها النووي. عندما يقترب من نفاذ وقوده النووي، يقوم هذا النوع من النجوم بسكب معظم مواده الموجودة في الطبقات الخارجية منه، مما يؤدي إلى تشكل سديم كوكبي؛ والقلب الساخن للنجم هو الناجي الوحيد في هذه العملية.
  • الغاز (Gas): أحد الحالات الأساسية الثلاث للمادة. في هذه الحالة تتحرك الذرات، أو الجزيئات، أو الأيونات بحُريّة، فلا ترتبط مع بعضها البعض. وفي علم الفلك، تُشير هذه الكلمة عادةً إلى الهيدروجين أو الهيليوم. المصدر: ناسا

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات