المواد ما فوق الطبيعية أو الخارقة

بعد قصة جديدة من قصص "عباءة الإخفاء" في فيلم ''هاري بوتر''، نذهب لنلقي نظرة على العلم الذي يقف وراء "المواد ما فوق الطبيعية". استُخدم "فنّ الإخفاء" مند زمن طويل في الأعمال الخيالية والخيال العلمي، انطلاقاً من "أجهزة الإخفاء" (cloaking devices) على متن السفن الفضائية في السلسلة التلفزيونية "ستار تريك" (Star Trek) ، إلى عباءة هاري بوتر السحرية، أما الآن، فقد بدأ الفيزيائيون بالاعتقاد أن بإمكانهم بالفعل صنع أجهزةٍ تحاكي تلك الخصائص.

 

لتحقيق هذا الأمر (إخفاء جسم)، طوّر الفيزيائيون ما يعرف باسم ''المواد ما فوق الطبيعية'' (Metamaterials)، التي تستطيع بطريقة ما حرف الإشعاعات الكهرومغناطيسية كالضّوء حول جسم، جاعلةً إياه يبدو وكأنه غير موجود على الإطلاق.

 

نُفّذ النمودج الأول فقط مع إشعاعات الموجة الطويلة، مثل الأشعة المايكروية، إذ قام فيزيائيون من المملكة المتحدة وألمانيا في وقت سابق من هذا العام باختراع جهاز واحد صغير يجعل الأجسام الصغيرة غير مرئيّة عند إشعاع الأشعة تحت الحمراء الدنيا، علماً أنه تحقّق بمستوى ثلاثي الأبعاد، ويزعم الصانعون أنه ليس هناك شيء ليوقفهم عن توسيع اختراعهم لإخفاء أجسام أكبر من الضوء المرئي، بالرغم من إشارة آخرين على وجود خلل في تصميمهم .

 

الآن، يدّعي باحثون من جامعة بوسطن وجامعة تافتس، بأنهم قد خرجوا بـ "عباءة إخفاء" تعمل في نطاق أشعّة تيراهيرتز (وهي أشعة بين الأشعة تحت الحمراء والأشعة الراديويّة)، لكن يمكن تعديلها للعمل مع الضوء المرئي، أما الشيء المثير للاهتمام فيها، فهو أنها مصنوعة من "الحرير".

 

  • المواد ما فوق الطبيعية

تعتمد عباءات الإخفاء تلك على المواد ما فوق الطبيعية، وهي فئة من المواد تمت هندستها لإنتاج خصائص لا تحدث بشكل طبيعي. الضوء، هو عبارة عن إشعاع كهرومغناطيسي يتكون من اهتزازات عمودية لحقلين "كهربائي ومغناطيسي"، وتؤثر المواد الطبيعية عادة فقط على المكون الكهربائي، ونحن جميعًا نعلم ماهية هذا الانكسار الطبيعي للضوء الذي يفسره علم البصريات.

 

لكن المواد ما فوق الطبيعية يمكنها أن تؤثر أيضًا على العنصر المغناطيسي، موسعةً بذلك نطاق تأثيراتها الممكنة، وتستخدم هذه المواد في محاولةٍ لصنع عباءة الإخفاء التي تتكون من شبكة يكون البعد بين عناصرها أقل من الطول الموجي للضوء الذي نود أن نحرفه.

 

أُعلن مؤخرًا عن صُنع عباءة إخفاء من الحرير باستعمال "مرنانات حلَقيّة الشقّ" (Split-ring resonators)، وذلك عن طريق أزواج من الحلقات متّحدة المركز مع شقوق ذات نهايات متعاكسة، علماً أن كل سنتيمتر مربع واحد من هذا الحرير هو عبارة عن مرنانات مصنوعة من الذهب ومتشابكة مع بعضها البعض. وبما أن جسم الإنسان لا يرفض الحرير، يُعتقد أنه من الممكن استخدامه لتغطية الأعضاء الداخلية بطريقة تُسهل على الأطباء رؤية ما يكمن وراءها.

 

  • العدسات الفائقة Superlens

من بين الاستعمالات الأخرى للمواد ما فوق الطبيعية، هي بناء العدسات الفائقة التي يمكن أن تكون من أعظم التطبيقات العلمية، فكما يوضح ديفيد آر سميث David R Smith من جامعة كالفورنيا-سان دييغو، في دورية "Physics World"، فإن العدسات العاديّة مقيدة بـ ''حدّ الانعراج" (Diffraction limit) الخاص بها، وهذا يعني أن أفضل دقّة ممكنة تتوافق مع ما يقارب نصف الطول الموجي للضوء الساقط والمستخدَم في إنتاج الصورة.

 

في عام 2000 اقترح السير جون بندري Sir John Pendry من إمبريال كوليج (Imperial College) في لندن أن المواد ما فوق الطبيعية مع معامل انكسار سالب قد يمكنها التغلب على بعض المشاكل، مثل اضمحلال الموجة، أو السماح بتصوير كائنات بأحجام نانونية.

 

ومن بين التطبيقات العلمية الأولى، يُرجّح استخدام العدسات المصنوعة من المواد ما فوق الطبيعية لرؤية فيروسات حيّة، وربما أيضًا أجزاء من الحمض النووي (DNA)، ففي عام 2005 استُخدم لوح رقيق من الفضة لتصوير جسم بحجم 60 نانومتر "أكبر بمئة مرة من حجم خلية دم حمراء".

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المصطلحات
  • مرنان حلقي الشق (split-ring resonators): أو اختصاراً SRR، وهي عبارة عن بُنى صناعية تُستخدم مع المواد ما فوق الطبيعية، ويكمن هدفها الأساسي في توليد استجابة مغناطيسية مناسبة بالنسبة للعديد من المواد ما فوق الطبيعية ووصولاً إلى تردد 2000 تيرا هرتز.
  • المواد الخارقة (Metamaterials): أو المواد ما فوق الطبيعية، وهي مواد صناعية ومُهندسة بطريقة تجعلها تمتلك خواصاً غير موجودة في الطبيعة.
  • العدسات الفائقة (Superlens): أو العدسات المثالية، وهي عدسات تستخدم المواد ما فوق الطبيعية لتجاوز حد الانعراج.

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات