الزهرة: اقرأ المزيد

الزهرة والأرض متشابهان من حيث الحجم، والكتلة، والكثافة، والتركيب، والجاذبية. على أية حال، الزهرة مغلف بغلاف جوي سميك جداً ويدور بسرعة، ممَّا يؤدي إلى وجود عالم محترق وبدرجة حرارة كافية لصهر الرصاص ويصل الضغط عند سطح الكوكب إلى قيمة تعادل 90 ضعف الضغط الجوي (وهو مكافئ للضغط الموجود في قاع حوض سباحة بعمق 1 إلى 1.5 ميل)؛ وبسبب قربه من الأرض والطريقة التي تقوم بها سُحبه بعكس ضوء الشمس، يظهر الزهرة كأكثر الكواكب لمعاناً في السماء. 


لا يُمكننا النظر عبر الغلاف الجوي السميك للزهرة، لكن قامت مهمة ماجلان-ناسا وخلال أوائل تسعينيات القرن الماضي بتصوير حوالي 98% من سطح الكوكب؛ واستخدمت المركبة الفضائية غاليليو التصوير بالأشعة تحت الحمراء بغرض الحصول على مشاهد للسطح وبنية السحب متوسطة الارتفاع وذلك أثناء مرور المركبة الفضائية بالزهرة على طول طريقها نحو المشتري. وفي العام 2010، قدمت الصور القادمة من المركبة الفضائية فينوس اكسبريس، التابعة لوكالة الفضاء الأوروبية، أدلة على وجود نشاطات بركانية حصلت خلال المائة ألف عام الماضية. في الواقع، قد يكون الزهرة نشط بركانيا في الوقت الحالي. 


ومثل عطارد، يقوم الزهرة وبشكلٍ دوري بالعبور أمام قرص الشمس؛ وتحصل هذه الحوادث على شكل أزواج ويفصل بينها مدة من الزمن أكثر من قرن بقليل. حصلت 
عمليات العبور هذه في الأعوام 1631، و1639، و1761، و1769، و1874، و1882. وفي 8 يونيو/حزيران 2004، شاهد الفلكيون من كافة أنحاء العالم النقطة الصغيرة، التي تُمثل الزهرة، وهي تعبر أمام قرص الشمس، وفي 6 يونيو/حزيران 2012، حصل العبور الثاني. ستحصل عملية العبور القادمة في 11 ديمسبر/كانون الأول 2117؛ وتساعدنا عملية رصد هذه الظواهر على فهم قدرات وحدود التقنيات المستخدمة في اكتشاف وتوصيف الكواكب المحيطة بالنجوم الأخرى. 


يتألف الغلاف الجوي للزهرة بشكلٍ رئيسي من ثنائي أكسيد الكربون ومن سُحب مكونة من قطرات من حمض الكبريت؛ وتم الكشف عن آثار قليلة جداً للماء في الغلاف الجوي للكوكب. يحتجز الغلاف الجوي السميك للكوكب حرارة الشمس؛ وهو أمر يؤدي إلى درجات حرارة سطحية مرتفعة جداً وتتجاوز 470 درجة سيلسيوس (880 درجة فهرنهايت). حطت بضعة مجسات على سطح الزهرة ولم تنجو لفترة أطول من ساعتين بسبب الحرارة الشديدة ووفرة المركبات الكبريتية في سحب الكوكب وكيمياء التآكل وكثافة الغلاف الجوي وحركته، وكل هذه الأمور تتسبب في وجود طقس وتآكل سطحيين كبيرين.


تبلغ سنة الزهرة (الفترة المدارية) حوالي 225 يوم أرضي، في حين يحتاج الكوكب إلى حوالي 243 يوم أرضي من أجل الدوران لمرة واحدة حول نفسه، ممّا يجعل من يوم الزهرة يصل إلى 117 يوم أرضي. يدور الزهرة حول الشمسي بشكلٍ تراجعي (عكسي: من الشرق إلى الغرب) مقارنة بالدوران النظامي للأرض (من الغرب إلى الشرق). 

وعند النظر إلى الشمس من فوق كوكب الزهرة، نجد أن الشمس تُشرق في الغرب وتغرب في الشرق. يتحرك الزهرة إلى الأمام على طول مداره الشمسي في حين يدور ببطء إلى الوراء حول محوره. تدور قمم طبقات السحب حول الكوكب لمرة واحدة كل أربعة أيام أرضية، ما يؤدي إلى رياح إعصارية قوية تتحرك بسرعة تصل إلى 360 كيلومتر (224 ميل) في الساعة؛ وتتناقص السرعة داخل السحب تبعاً لارتفاع السحب وتُقدر سرعتها عند السطح بحوالي بضعة كيلومترات فقط في الساعة. ولا يزال السبب الكامن وراء تشكل مثل هذا "الدوران الفائق" للغلاف الجوي والحفاظ عليه موضوعاً غنياً للبحث العلمي حتى الآن.


تم تأكيد وجود انفجارات البرق الجوي، التي طالما اشتبه العلماء بوجودها، في عام 2007 باستخدام المرصد المداري فينوس اكسبريس التابع لوكالة الفضاء الأوروبية؛ فعلى الأرض والمشتري وزحل، يترافق البرق مع السحب المائية؛ أما في الزهرة، فيترافق مع سحب حمض الكبريت.


لا يُوجد في كوكب الزهرة فوهات تمتلك عرض أقل من 1.5 إلى 2 كيلومتر (0.9 إلى 1.2 ميل) لأن النيازك الصغيرة تحترق في الغلاف الجوي الكثيف للكوكب قبل أن تتمكن من الوصول إلى السطح؛ ويُعتقد أنه تمت إعادة تشكيل سطح الزهرة بالكامل جراء النشاط البركاني الذي حصل خلال الفترة الممتدة من 500 مليون سنة إلى 300 مليون سنة قبل الآن. 


يُوجد فوق سطح الكوكب ما يزيد عن 1000 بركان أو مركز بركاني وكلها تمتلك أقطار أكبر من 20 كيلومتر (12 ميل)؛ وقامت التدفقات البركانية بإنتاج قنوات طويلة ومتعرجة تمتد على مسافات تصل إلى مئات الكيلومترات. يمتلك الزهرة مساحتين مرتفعتين وكبيرتين هما أرض عشتار التي يصل حجمها إلى حجم استراليا في منطقة القطب الشمالي من الكوكب؛ وأرض أفروديت بحجم أمريكا الجنوبية تقريباً وتتداخل مع خط استواء الكوكب وتمتد على طول يصل إلى 10000 كيلومتر (6000 ميل) تقريباً. 


لدى الزهرة قلب حديدي ويصل نصف قطره إلى حوالي 3000 كيلومتر (1900 ميل)؛ ولا يمتلك الكوكب حقلاً مغناطيسياً عالميا –على الرغم من أن المحتوى الحديدي في قلبه مشابه لذلك الموجود في الأرض، إلا أن سرعة دوران الزهرة بطيئة جداً على أن تقوم بتوليد حقل مغناطيسي كذلك المشاهد في الأرض. 

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات