كيف تُحزم الجسيمات في مساحة ضيقة؟

في الصورة اختيار عيّنات من مجموعات المواد الصلبة الأفلاطونيّة، كل منها حُزمت بشكل كثيف داخل مجسّم كروي ما.


هذه المجموعات هي مجموعة فرعيّة من مجموعة أكبر مولّدة عبر تيش وآخرون Teich et al. باستخدام محاكاة مونتي كارلو Monte Carlo مع الاحتواء في الأماكن الكرويّة الضيّقة. تُظهر النتائج تنوّعاً واسعاً من التناظرات الناتجة والبنى من أجل مجموعات حتّى 60 من الجُسيمات الأساسيّة المتعدّدة الأوجه، مع آثار لمجموعة من التطبيقات التجريبيّة، من بينها تصميم المواد الغرويّة، وتوزيع المخدرات، وصنع المواد الفائقة، الصورة بإذن من إي. تيش E. Teich وجي. بروكتور J. Proctor (وجامعة ميشيغان University of Michigan، و آن آربور عنوان البريد MI 48109). 


حقوق الصورة: Erin G. Teich, Greg van Anders, Daphne Klotsa, Julia Dshemuchadse, and Sharon C. Glotzer


العديد من الأنظمة الحيويّة تتضمّن تراصاً شديداً لكميّة كبيرة من المادة أو الجُسيمات في مساحة ضيّقة. على سبيل المثال، تحمل أنوية حقيقيّات النوى eukaryotes حوالي المترين من الـ DNA والمحشوّة في الكروموسومات بإحكام. وعلى المقياس الأعلى التعبئة والتغليف الصيدلانيّة، التصنيع، والنقل، جميعها تتضمّن محاولة حزم الكميّة العظمى من المادة ضمن مساحة صغيرة.

 

إضافة إلى ذلك، فإن تكنولوجيا النانو وعلوم المواد معنيّة في تعبئة الجسيمات وتطبيقها. في حين أن مصطلح تغليف معظم المادة في مساحة صغيرة هو أمر بسيط، لكن فهم كيف لجسيمات من أشكال مختلفة أن تُحزم ليس كذلك.


ولفهم كيف لمواد صلبة متنوّعة متباينة الخواص الفيزيائيّة أن تُحزم في مساحة ضيّقة، فإنّ كلا من إيرين جي. تيش Erin G. Teich، وجريج فان أنديرس Greg van Anders، ودافني كلوتسا Daphne Klotsa، وجوليا ديشموشايدسي Julia Dshemuchadse، وشارون سي. كلوتزر Sharon C. Glotzer من جامعة ميشيغان، أجروا دراسات محاكاة مونتي كارلو Monte Carlo لفحص كيف للمواد الصلبة الأفلاطونيّة أن تُحزم بشكل ثلاثي الأبعاد ضمن مجسّم كروي.

 

قارنوا هذه المجموعات بأخرى من الجُسيمات الكرويّة محزومة ضمن مُجسّم كروي ووجدوا أنّه على خلاف حزم المجموعة في مساحة غير محدودة، ضمن حاوية مغلقة، فإنّ شكل الجُسيم ذو تأثير أقل على بنية الحزم الأمثل. بدلاً من ذلك، تتأثّر بُنى الحزم الأمثلي بشكل كبير بشكل الحاوية (الغلاف الذي يضم الجُسيمات)، والمجموعات المصنوعة من أشكال جُسيميّة مختلفة تتبنى بنى مثلى مُشابهة في حالات متنوّعة.

 

إضافة إلى ذلك، وجدوا أنّ هنالك أعداداً محدّدة من الجُسيمات، أو رقماً سحرياً، من شكل ما مُعطى، يتوافق مع كثافات مجموعة عالية بشكل خاص. نُشر العمل في مجلّة وقائع الأكاديميّة الوطنيّة للعلوم Proceedings of the National Academy of Sciences.

قارنت دراساتهم الأوليّة المجموعات المحزومة الأكثر كثافة لكل من المواد الصلبة الأفلاطونيّة مع مجموعات من المُجسمات الكرويّة. يمكن أن يتم حزم مجموعة في أبعاد هندسيّة وطبقات مختلفة. وبشكل مشابهٍ لحزم مجموعة كرويّة تم تحديده باستخدام طرق رياضيّة.

 

في المواد الصلبة الأفلاطونيّة، تمتلك المُجسّمات الصلبة ذات العشرين وجه (Icosahedron) الرقم الأعظم من المجموعة الشكليّة (البعديّة) والمُطابقة بشكل وثيق لمجموعات من المُجسّمات الكرويّة. وفي الواقع، شكلها الثُلاثي الأبعاد هو الأكثر قرباً من الكرويّة.

 

الأشكال الأخرى تتناقص تدريجيّاً بشكل مشابه لحزمات المجموعة الكرويّة ذات بنية صلبة من 12 وجهاً Dodecahedra تملك خصائص هندسيّة متنوّعة مشابهة، تليها المُجسّمات ذات الثماني وجوه Octahedra، ومن ثمّ المكعّبات. لا توجد مجموعات من المُجسّمات رُباعيّة الأوجه (كالهرم) كانت مُشابهة هيكليّاً لمجموعتها الموافقة من المُجسّمات الكرويّة.


وجد تيش وآخرون أنّ مجموعات الجُسيمات الأكثر شبهاً بمجموعات المُجسّمات الكرويّة تُحزم بشكل نمطي في طبقات من الشيفرات المثلى الكرويّة، مُظهرة بوضوح تأثير شكل الحاوية على بنية التعبئة المثلى. إنّ شيفرة مثلى كرويّة ما عند قيمة محدّدة من N هي بعيدة عن تعبئة N مُجسّم كروي بإحكام داخل هيكل كروي.

 

ومن المثير للاهتمام، أن كلاًّ من جسم المُجسّم ذو الـ20 وجهاً وذو الـ 12 وجه محزومة في طبقات من الشيفرات المثلى الكرويّة في غالبيّة الحالات على الرغم من أنّها ثنائيّة لبعضها البعض، أو الأوجه والرؤوس تم تحويلها إلى هذين الشكلين. قد يتوقّع المرء تعبئة "معاكسة"، ولكن بدلاً عن ذلك، كلاهما يعتمد على الصف في شيفرة طبقات كرويّة مثلى، ما يشير إلى أنّ الحاوية أكثر أهميّة من شكل الجُسيم.


قدمت دراسات تبحث في كثافة المجموعة عدّة رؤى. أوّلاً، وكما هو متوقّع، تزداد كثافة المجموعة مع زيادة عدد الجُسيمات إلى حين اقترابها من شكل كروي ما. ومن ثم تزداد الكثافة ولكن بشكل أبطأ بكثير، ومن المتوقّع أن تستقر مع اقتراب عدد الجُسيمات من اللانهاية.


بالإضافة إلى ذلك، هنالك أعداد محدّدة من الجُسيمات التي تزداد الكثافة عندها بشكل كبير، هذه الأرقام تختلف من أجل الأشكال المختلفة للجُسيمات. عند هذه الأرقام المنتظمة من الجُسيمات، والتي تُعتبر أرقاماً سحريّة، كثافة المجموعة هي أكبر وأعظم من كثافة المجموعة بالنسبة للمجموعات مع جُسيم واحد أكثر أو أقل.

يقول إيرين تيش وهو الكاتب الرئيسي للدراسة: "تُظهر نتائجنا بأنّ المُجسّم متعدّد الوجوه اعتمد مجموعة متنوّعة بشكل لا يصدّق من البُنى ببساطة عندما نُجبرها على التعبئة داخل كرة، النوع الأبسط للحاوية ثلاثيّة الأبعاد" ويضيف: "هذه المجموعات ليست ذات صلة تجريبيّة فحسب، بل تُظهر أيضاً العلاقة الثنائيّة المُحكمة بين بُنى التعبئة وبيئة التعبئة، هذه العلاقة قد بدأت لتوّها فقط لأن تُكتشف، نخطّط نحن بمعالجة ذلك من خلال تفحّص مجموعات مُتشكّلة عبر أشكال جُسيمات مختلفة المحصورة في مجموعة متنوّعة من الأشكال الهندسيّة".

تكشف نتائج تيش وآخرين على النقيض من الحالة المفترضة في الفضاء اللانهائي، فالمُجسّمات الكرويّة ليست بالضرورة أسوأ جُسيمات تغليف ضمن مساحة ضيّقة، وعلى خلاف التعبئة ثلاثيّة الأبعاد في مساحة لانهائيّة، التغليف ضمن مساحة ضيّقة يعتمد بشكل أقل على شكل الجُسيم وأكثر على قابليّة مجموعات الجُسيمات لتأخذ شكل الحاوية. رُصد بعض من تناظر المجموعات هنا حيث تُظهر كثافة وتعبئة مثاليتان ضمن مساحة ضيّقة محدّدة، والتي لها آثار على الأنظمة البيولوجيّة والماديّة المُشابهة.


خُلاصة


حزم الجُسيمات الكثيف ضمن حجم ضيّق يبقى مُشكلة غنيّة غير مُكتشفة بشكل كبير، على الرغم من التطبيقات في تخثّر الدم، والبلازمونيكس  [1](plasmonics)، والتغليف الصناعي والمواصلات، وتصميم الجزيء الغروي، وتخزين المعلومات. 


هنا، ننشر تقريراً عن المجموعات المكتشفة الأكثر كثافة للمواد الصلبة الأفلاطونيّة في المجالات الضيّقة الكرويّة، حتّى تأسيس جُسيمات مُتعدّدة الوجوه. نتفحّص التفاعل بين أشكال الجُسيمات مُتباينة الخواص الفيزيائيّة على طول كل المحاور والمساحة الضيّقة المتماثلة الخواص الفيزيائيّة على طول جميع المحاور (isotropic).

 

تُظهر المجموعات الأكثر كثافة تنوّع واسع من مجموعات نقطة التناظر وتُشكّل حتّى ثلاث طبقات عند N أعلى. من أجل بضعة قيم لـ N، يشكّل الجسم ذو العشرين وجهاً والجسم ذو الـ 12 وجهاً مجموعات تُشابه المجموعات الكرويّة. هذه البُنى الشائعة هي طبقات من شيفرات كرويّة أمثليّة في مُعظم الحالات، إحدى الحقائق المُفاجئة نظراً للنحت الكبير لكل من الجسم ذو العشرين وجهاً والجسم ذو الـ 12 وجهاً.

 

نحن أيضاً ندرس كثافة المجموعة كتابع لـ N لكل شكل جُسيم. ونجد أنّه في مقابل كل ما يحدث في الجسم، فإنّ الجسم مُتعدد الوجوه غالباً يحزم بكثافة أقل من المُجسّمات الكرويّة. كما أنّنا نجد أيضاً أنّ المجموعات الكثيفة بشكل خاص فيما يسمّى أرقاماً سحريّة من الجّسيمات الأساسيّة. نتائجنا تُسلّط الضوء على التنوّع البنيوي والمرافق التجريبيّة لعائلات من الحلول للتعبئة في مشكلة الأماكن الضيّقة.

ملاحظات


[1] البلازمون plas•mon: إجمالي محتويات الخليّة أو المواد الجينيّة في البنيّة الحيّة. 

 

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات