رسم تخيلي لمنظومة نجمية مزدوجة.
المصدر: ناسا
تتحرك النجوم الهائمة (rogue stars) بسرعة كبيرة مغادرةً مجرة درب التبانة دون أن تقفل عائدةً على الإطلاق. ولكن كيف يمكن لذلك أن يحدث في هذا الكون؟
تتكون النجوم من أخف عنصرين في الكون، ألا وهما الهيدروجين والهليوم، ولكن كتلتها هائلة للغاية، حيث تبلغ كتلة الشمس على سبيل المثال \(2×10^{30}\) كيلوغرام من المادة، أي بعبارة أخرى الرقم 2 وأمامه 30 صفراً، وهذه الكتلة هي أكبر من كتلة الأرض بحوالي 330,000 مرة.
إن قذف جرم بهذه الكتلة الهائلة قد يكون تحدياً ليس بالسهل، لكن يشهد الكون بعض الأحداث الكارثية التي يمكن أن تطرد نجماً ما بسرعة تكفيه للهروب من جاذبية المجرة التي يقطنها.
تتحرك النجوم الهائمة، والتي تدعى أيضاً بالنجوم فائقة السرعة (hypervelocity stars)، بسرعة هائلة مع مغادرتها لمجرة درب التبانة دون أن تقفل عائدة على الإطلاق. وهذه النجوم قد حجزت تذكرة في رحلة باتجاه واحد لتغادر نحو الفضاء الفسيح بين المجرات. وترتبط سرعة الإفلات بموقع النجم، ولكنها تقارب 500 كيلومتر في الثانية. وهذه السرعة تفوق ضعف سرعة النظام الشمسي في حركته حول مركز المجرة.
تتيح بضعة طرق توليدٍ معينة ما يكفي من القوة لركل نجمٍ إلى خارج الملعب، وتُعتبر هذه الطرق من بين الأحداث الأكثر عنفاً في الأماكن الأكثر إثارة من الكون. ومن الأمثلة على ذلك نذكر المستعرات الفائقة، وكذلك أخواتها الأكبر المتمثلة بنفثات أشعة غاما.
تحدث المستعرات الفائقة (supernovae) حين ينفد الهيدروجين من النجوم الثقيلة، ويؤدي ذلك إلى اندماج العناصر الأثقل حسب ترتيبها في الجدول الدوري إلى أن يتشكل الحديد. ونظراً لأن تفاعلات الاندماج النووي تصبح غير ممكنة بعد تشكل الحديد، فإن جاذبية النجم تؤدي إلى انهياره على نفسه، ويؤدي ذلك إلى انفجار النجم خلال جزء من الثانية، وتحول كل ما يحيط به إلى رماد.
لكن ما الذي سيحدث لنجم يدور في منظومة مزدوجة حول نجم آخر انفجر بشكل مباغت في مستعر فائق؟
سيندفع هذا الرفيق النجمي بسرعة خيالية، تماماً كما لو تم إطلاقه بواسطة المقلاع، حيث ستصل سرعته إلى 1,200 كيلومتر في الثانية. ولا يحتاج النجم لأكثر من هذه السرعة حتى يهرب من جاذبية مجرة درب التبانة: إلى اللانهائية وما بعدها! ولكن نرجو ألا يتجه هذا النجم نحو الأرض!! وهناك طريقة أخرى لقذف النجم خارج مجرة درب التبانة، وهو أن يمر على مسافة قريبة جداً من الثقب الأسود فائق الكتلة الموجود في مركز المجرة، والذي يدعى كيفن (Kevin).
هل تريد معلومة إضافية؟
اكتشف الفلكيون مؤخراً نجوماً تندفع من مركز المجرة بسرعة تصل إلى 900 كيلومتر في الثانية. ويُعتقد أن مثل هؤلاء المسافرين قد كانوا في الواقع جزءاً من منظومة مزدوجة، حيث طُرد النجم المسكين من المجرة كما لو كان كرة الإسكواش، أما الشريك المسكين فقد تم ابتلاعه من قبل الثقب الأسود فائق الكتلة في مركز المجرة!
ومن المثير للاهتمام أن الطريقة الأكثر حدوثاً للحصول على بطاقة حمراء من المجرة هي الاندماجات المجرية. تأمّل رسماً متحركاً لاندماج مجرتين مع بعضهما البعض. هل تشاهد رذاذ النجوم المتطايرة في الأذيال المدية الطويلة؟ ستُقذف مليارات النجوم حين تتغلغل مجرة درب التبانة في مجرة المرأة المسلسلة (أندروميدا) بهذه الطريقة.
وتشير دراسة حديثة إلى أن نصف النجوم في المجرة هي نجومٌ هائمة لا تمتلك مجرات تؤويها. وهذه النجوم إما أن تكون قد طُردت من مجراتها الأصلية، أو أنها قد تشكلت من سحابة تائهة مكونة من غاز الهيدروجين الموجود في الفراغ بين المجري. وهي قد تُشكل بشكل خاص خطراً على كارول دنفرز! [1]
ونظراً للكتلة الهائلة للنجم، فمن المدهش على وجه الخصوص وجود مثل هذه الآليات الكونية التي يمكن أن تطرد نجوماً بأكملها خارج نطاق المجرة التي تسكنها.
ملاحظات
[1] كارول دنفرز (Carol Danvers) هي شخصية كرتونية خيالية شهيرة. ظهرت الشخصية في القصص المُصورة في الولايات المتحدة في ستينيات القرن العشرين، ثم امتدت إلى المسلسلات الكرتونية وألعاب الفيديو في العقود اللاحقة، وأصبحت مؤخراً شخصية بارزة في أفلام الأنيميشن. وهذه السيدة الخارقة تحلق في الفضاء بسرعة الضوء، ويمكنها التحكم بالجاذبية والطيف الكهرطيسي .
