هابل يرصد نوعاً من النجوم لُقب بناستي 1

كشف الفلكيون القائمون على تلسكوب ناسا الفضائي "هابل" عن معلومات جديدة مفاجئة حول نجم عملاق يهرم بسرعة، ولم تسبق رؤية سلوك مماثل لسلوكه في مجرتنا، وهذا النجم في الواقع غريب جداً، لدرجة أن الفلكيين أطلقوا عليه اسم (Nasty 1) كتعديل لاسمه المفهرس NaSt 1.

قد يمثل هذا النجم طوراً انتقالياً موجزاً في تطور النجوم الضخمة جداً، فعند اكتشاف ناستي 1 لأول مرة قبل عدة عقود، تم تعريفه كنجم وولف-رايت (Wolf-Rayet star) -نجم سريع التطور أكبر بكثير من شمسنا، وقد خسر النجم طبقاته الخارجية المليئة بالهيدروجين سريعاً، لتنكشف نواة الهيليوم المشتعلة شديدة السطوع وفائقة الحرارة.

ولكن ناستي 1 لا يبدو كنجم وولف-رايت نموذجي، إذ توقع الفلكيون عند استخدام هابل رؤية فصوص توأمية من الغاز المتدفق من جهات متقابلة من النجم، وقد تكون مشابهة لتلك المنبعثة من النجم الضخم إيتا كارينا، المرشح ليكون نجم وولف-رايت. 

إلا أنه بدلاً من ذلك، كشف هابل عن قرص على شكل فطيرة من الغاز المحيط بالنجم، حيث يصل عرض هذا القرص الواسع إلى حوالي 2 تريليون ميل، وربما يكون قد تشكل من نجم مرافق مخفي في الغلاف الخارجي لنجم وولف-رايت الناشئ حديثاً، ووفقاً للتقديرات الحالية، يبلغ عمر السحابة المحيطة بالنجوم بضعة آلاف سنة، وتبعد حوالي 3000 سنة ضوئية عن الأرض.

يقول رئيس البحث جون مويران (Jon Mauerhan) من جامعة كاليفورنيا-بيركلي: "كنا متحمسين لرؤية هذا الهيكل الشبيه بالقرص، لأنه قد يكون دليلاً على نجم وولف-رايت تشكّل جراء تفاعل مزدوج، وتوجد في المجرة نماذج قليلة جداً من هذه العملية في طور الحدوث، لأن هذا الطور قصير العمر، وربما يدوم حوالي مائة ألف عام فقط، بينما يستغرق ظهور القرص الناتج عشرة آلاف سنة فقط أو أقل".

في السيناريو الذي اقترحه الفريق، يتطور نجم ضخم بسرعة كبيرة، وكلما أوشك الهيدروجين على النفاذ فإنه ينتفخ، ويصبح الغطاء الهيدروجيني الخارجي أكثر حرية للحركة وعرضةً للخلع بالجاذبية، أو لنوع من الالتهام النجمي من قبل نجم مرافق قريب، وفي هذه العملية، يكتسب النجم المرافق الأكثر تراصاً المزيد من الكتلة، بينما يفقد النجم الضخم الأصلي غطاءه الهيدروجيني، كاشفاً نواته من الهيليوم ليصبح نجم وولف-رايت.

كما قد تتشكل نجوم وولف-رايت بطريقة أخرى عندما يلفظ نجم ضخم غطاءه الهيدروجيني الخاص على شكل رياحٍ نجمية قوية ويتدفق مع جسيمات مشحونة، ويكتسب نموذج التفاعل المزدوج عند وجود نجم المرافق قوة سحب، حيث أدرك الفلكيون أن 70 بالمئة على الأقل من النجوم الضخمة هي أعضاء في أنظمة نجوم المزدوجة. لا تبرر خسارة الكتلة المباشرة وحدها نسبة عدد نجوم وولف-رايت للنجوم الضخمة الأخرى الأٌقل تطوراً في المجرة.

يقول ناثان سميث (Nathan Smith) من جامعة أريزونا في توكسون، وهو مؤلف مشارك لورقة NaSt1 الجديدة: "نجد أنه من الصعب تشكل كل نجوم وولف-رايت التي نرصدها وفقاً لآلية الهبوب التقليدية، لأنّ خسارة الكتلة ليست قوية كما كنا نعتقد، ويبدو أن تبادل الكتلة في الأنظمة الثنائية يلعب دوراً أساسياً في تبرير وجود نجوم وولف-رايت والنجوم المتفجرة التي تصنعها، وسيساعدنا اصطيادنا للنجوم المزدوجة في هذا الطور قصير الأجل على فهم هذه العملية".

إلا أن تبادل الكتلة في أنظمة "الماموث" الثنائية لا تكون فعالةً دائماً، فقد تُراق بعض المادة المجردة أثناء الصراع التجاذبي بين النجوم، فينشأ قرص حول النجم الثنائي، يقول ماويران: "هذا ما نعتقد أنه يحصل في ناستي 1، نعتقد أن هناك نجم وولف-رايت مغمور داخل السحابة، ونعتقد أن هذه السحابة نشأت بفعل عملية انتقال الكتلة، لذا فإن هذا الشكل من "آكل النجوم القذر" يجعل من ناستي 1 اسماً مناسباً".

يتحدر الاسم الفهرسي للنجم NaSt1 من الحرفين الأولين لاسم كل من الفلكيين الذين اكتشفوه عام 1963، جاسون ناساو (Jason Nassau) وتشارليز ستيفينسون (Charles Stephenson)، كما لم تكن مشاهدة نظام ناستي 1 بالأمر السهل، فهو مغطىً بالغاز والغبار الكثيفين، ما يعيق حتى رؤية هابل للنجوم، كما لم يستطع فريق ماويران قياس كتلة كل نجم أو المسافة بينها أو كمية المادة المسكوبة باتجاه النجم المرافق.

وفرت المراقبات السابقة لناستي 1 بعض المعلومات عن الغاز في القرص، فالمادة مثلاً تنتقل بسرعة 22000 ميل في الساعة في السحابة الخارجية، أي أبطأ من النجوم المشابهة، وتشير السرعة البطيئة نسبياً إلى أن النجم فقد مادته خلال حادث أقل عنفاً من انفجارات إيتا كاريناي الناسفة.

ربما يفقد ناستي 1 المادة بشكل متقطع، وقد أظهرت الدراسات السابقة بالأشعة تحت الحمراء دليلاً على وجود جيب صغير من الغبار الحار قريباً جداً من النجوم المركزية.
كما أظهرت المراقبات الحديثة لماويران وزملائه في جامعة أريزونا باستخدام تلسكوب ماجلان في مرصد لاس كامباناس جيباً أكبر من الغبار الأكثر برودة، والذي قد يبدد بصورة غير مباشرة الضوء من النجوم المركزية.

يشير وجود الغبار الساخن إلى أنها تشكلت حديثاً، ربما بفعل طفرة، كالمواد المخصبة كيميائياً باصطدام هبوبين نجميين في نقاط مختلفة، واختلاطهما وتدفقهما بعيداً وتبريدهما. 

كما قد تشرح التبدلات المتقطعة في شدة الهبوب، أو نسبة تعرية النجم المرافق للنجم الأساسي من غلافه الهيدروجيني، النسيج التكتلي والفجوات التي شوهدت في القرص.

هذا وكان الفلكيون قد قصدوا مرصد تشاندرا للأشعة السينية لقياس الرياح فائقة السرعة لكل نجم، وكشفت الأرصاد عن بلازما حارة لاذعة، مما يثبت أن هبوبي النجمين قد اصطدما بالفعل، ما أنشأ صدمات عالية الطاقة تتوهج بالأشعة السينية، وهذه النتائج متوافقة مع ما لاحظه الفلكيون في أنظمة وولف-رايت الأخرى، وسينتهي النشاط الفوضوي لانتقال الكتلة عندما تنفذ المادة في نجوم وولف-رايت، وفي النهاية سيتبدد الغاز في القرص، مؤدياً لرؤية واضحة للنظام الثنائي.

قال ماويران: "إن طريق التطور الذي سيتخذه النجم غير مؤكد، لكنه بالتأكيد لن يكون مملاً، فقد يتطور ناستي 1 داخل نظام من نوع إيتا كاريناي، ولكي يحدث هذا التحول، قد يعاني النجم المرافق المكُتَسب للكتلة من انفجارٍ هائل بفعل بعض التقلبات المتعلقة بالحصول على المادة من نجم وولف-رايت حديث التشكل، أو قد ينفجر نجم وولف-رايت كنجم مستعر".

ويُمثل الاندماج النجمي نتيجةً محتملة أيضاً، وذلك يعتمد على التطور المداري للنظام، قد يكون المستقبل مليئاً بكل أنواع الاحتمالات الغريبة، بالنظر إلى احتمالية انفجاره، أو مدى استمرار انتقال الكتلة، أو مدى قدرته على البقاء بعد أن يتوقف انتقال الكتلة، هذا وستظهر نتائج الفريق في 21 مايو/أيار على نسخة الإنترنت من الملاحظات الشهرية للجمعية الفلكية الملكي.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات