تُعرف هذه السحابة المشابهة لبالون والمؤلفة من غازات قادمة من زوج من النجوم فائقة الكتلة بإيتا كارينا؛ وقد أثارت علماء الفلك على مدار عقود كثيرة. درجة حرارة إيتا كارينا مرتفعة جداً، وقد اشتعلت على مدار الـ 200 سنة الماضية. أدت عملية الرصد التي أُنجزت من قبل تلسكوب هابل بعد أن تمت صيانته إلى اكتشاف بعض العناصر الكيميائية التي نتجت عن الثوران الذي حصل في منتصف القرن 19.
قام جهاز STIS (راسم الطيف المركب حديثا في هابل) بتحليل المعلومات الكيميائية الناتجة عن بقعة صغيرة من الغازات. وفي الطيف الناتج، وُجد أن الحديد والنتروجين هما من يقوم بتحديد الحدود الخارجية للرياح الفائقة المكونة من تدفق من الجسيمات المشحونة القادمة من إيتا كارينا A -النجم الأساسي. وبلغت كتلة المواد التي قذفها النجم بعيداً عنه مع الرياح كتلة مكافئة لكتلة الشمس كل 1000 عام.
على الرغم من أن الفقدان في الكتلة لم يكن كبيرا جدا في حالة إيتا كارينا، إلا أنه يُشكل معدلاً ضخماً جدا مقارنةً مع كل نماذج النجوم الأخرى. يُمثل الهيكل الخافت، الذي يشكله عنصر الأرغون، دليلاً على التفاعل بين الرياح النجمية الصادرة عن إيتا كارينا A والنجم إيتا كارينا B، فالنجم الثاني هو الأسخن والأقل كتلة، ويعتبر النجم الثانوي.
يُعتبر النجم إيتا كارينا A واحداً من أكبر النجوم وأكثرها ظهورا في سماء الليل. ولأنَّ النجوم تمتلك كتلة كبيرة جدا، فإنها غير مستقرة وتقوم باستنفاذ وقودها بشكل سريع مقارنةً مع النجوم الأخرى. تمتلك هذه النجوم فائقة الكتلة عمرا قصيرا، ونتوقع انفجار النظام إيتا كارينا خلال مليون سنة.
نظام ايتا كارينا واحد من بين أولى الأنظمة التي صنفها إدمون هالي عام 1677. وفي العام 1843، كان هذا النظام واحد من أكثر النجوم لمعانا في السماء. وبعد ذلك تلاشى بشكل بطيء؛ وفي عام 1868 صار غير مرئي في السماء. بدأ نظام إيتا كارينا باللمعان من جديد عام 1990، وصار من جديد مرئيا بالعين المجردة. وبين العامين 1998 و1999، تضاعف لمعانه بشكلٍ مفاجئ وغير متوقع. يبعد نظام إيتا كارينا حوالي 7500 سنة ضوئية ويقع في كوكبة كارينا.
كانت هذه المراقبة للنظام ايتا كارينا واحدة من بين المراقبات المبكرة التي أجراها هابل بعد مهمة الصيانة 4. وجراء مهمة الصيانة 4، عاد تلسكوب هابل للخدمة وتغطية عوالم جديد، وللإبحار أبعد في الكون، ولرسم الخريطة الأساسية وغير المرئية للكون. وتقدم لنا أول صور تلسكوب هابل بعد هذا التجديد الذي حصل بعد مضي 19 عاما على عمله رؤية جديدة عبر استفادتها من العديد من الأطوال الموجية التي يُعاد تركيبها لاحقا في صورة واحدة ملونة لمجرات بعيدة، وعناقيد مجرية كثيفة، وأعمدة الخلق الغريبة، وسديم الفراشة. بعد عملية الصيانة هذه، صرح العلماء بأن هذا التلسكوب هو الأقوى والأكثر فائدة على الإطلاق.
بالاعتماد على الكاميرا الجديدة التي رُكبت على متنه، أصبح بإمكان هابل رصد العناقيد النجمية والأجسام الأخرى على مجال واسع من الطيف الكهرومغناطيسي، انطلاقا من الأشعة فوق البنفسجية باتجاه الأشعة القريبة من المجال تحت الأحمر. ويُقدم راسم الطيف الجديد شرائح من الصور تشمل ملايين السنوات الضوئية وتساعد في رسم الهيكل الشريطي للكون، وفي تتبع توزع العناصر التي تعتبر أساسية من أجل الحياة.
تمتلك الأداة الجديدة حساسية عالية جدا، ويمكنها إجراء عمليات الرصد بشكل أكثر فعالية وبوقت أقل من الأوقات السابقة التي كانت تحتاجها أدوات وأجهزة هابل. قام رواد الفضاء التابعين لناسا بتركيب الجهاز الجديد أثناء مهمة الخدمة والصيانة رقم 4 عام 2009. ومن ثمَّ، أنجزوا أيضاً مجموعة من أعمال الصيانة المذهلة التي شملت إصلاح وصيانة جهازين علميين آخرين.
بعد مهمة الصيانة هذه، عاد هابل للعمل. سيقوم التلسكوب بمعالجة مجال واسع من المراقبات. وسينظر عن قرب إلى الأرض، وسيُجري مشاهدات تأخذ في الحسبان عمليات عد وإحصاء الأجسام الموجودة في حزام كايبر وما يوجد داخله وعند الحافة الخارجية لنظامنا الشمسي. وسيرصد عملية ولادة الكواكب حول النجوم، ويقيس تركيب وبناء الغلاف الجوي للعوالم الأخرى.
سيُبحر هابل أبعد في كوننا؛ ولدى علماء الفلك خطط طموحة لاستخدام هابل للنظر عميقاً في كوننا بالاعتماد على الأطوال الموجية القريبة من المجال تحت الأحمر. وقد تعطينا الصور الناتجة نظرة على المجرات الباهتة، التي تشكلت عندما كان الكون يبلغ من العمر أقل من 500 مليون سنة. وسيتم استغلال هابل من أجل مراقبة وقياس سلوك الطاقة المظلمة -قوة التنافر غير المفهومة جيداً، والتي تُساهم في تسارع التوسع الكوني.