بعد كبلر، من هم صائدي الكواكب المستقبليين؟

خلال الإجتماع الشتوي للجمعية الأمريكية لعلم الفلك، الذي حصل في وقتٍ مبكر من هذا الشهر، أعلن فريق تلسكوب الفضاء كبلر عن اكتشافه للكوكب الـ 1000 خارج المجموعة الشمسية.

يجعل هذا الأمر من عدد الكواكب الخارجية، التي تم تأكيدها 1795؛ ويُوجد حوالي 4000 جسم مرشح آخر اُكتشفت من قبل كبلر. قبل 20 عام من اليوم، لم يكن لدينا أي برهان على أن نظامنا الكوكبي ليس فريداً في الكون؛ ليأتي كبلر بعد ذلك ويُعلمنا بأننا مجرد رقم بين آلاف.

 

الآن تلسكوب كبلر يترنّح؛ فمنذ العام 2013، لم يمتلك التلسكوب القدرة على التوجيه بدقة كبيرة من أجل اصطياد الكواكب الواقعة في حقله الأساسي، مما أدى إلى انقطاع مؤقت في عملية جمع البيانات. وعلى الرغم من وجود مهمته الموسعة (K2) التي تستفيد من القدرات المتبقية لدى التلسكوب، إلا أن الأنظار تتجه نحو المهمة الكبيرة التالية، التي ستكتشف الكواكب.

 

المهمة التالي هي TESS: القمر الصناعي الاستقصائي للكواكب الخارجية العابرة. سيُقلع هذا القمر الصناعي الذي اختارته ناسا في مهمة تمتد على عامين في 2017، ليستهدف كواكباً أصغر من تلك التي استهدفها كبلر، وهذه الكواكب موجودة في الأنظمة الجارة لنا. سيبحث TESS عن الكواكب التي تعبر أمام نجومها الأم. تُعرف هذه الحركة الكوكبية بالعبور (Transit)، وتقوم بحجب جزء من الضوء النجمي، مما يؤدي إلى انخفاض في لمعانه الذي يُمكن لـ TESS اكتشافه.

 

على أية حال، في الوقت الذي يُركز فيه كبلر على منطقة صغيرة من الفضاء، سيبحث TESS في كافة أرجاء السماء عن الكواكب المحيطة بالنجوم اللامعة والقريبة. ستُمثل هذه الاكتشافات أفضل المرشحين من أجل القيام بمتابعات لاحقة لمعرفة كتلة الكوكب والبدء باستكشاف الأغلفة الجوية للكواكب.

من المتوقع أن يكتشف TESS أكثر من 1000 كوكب أصغر من نبتون، بما في ذلك مئات من "الأراضي الفائقة" والعشرات من الكواكب، التي تمتلك حجماً مشابهاً لحجم كوكبنا. مجال الكواكب هذا مثير بشكلٍ خاص لأننا لا نعرف إلا القليل عن الكواكب التي تصنف كأراضٍ فائقة.

 

من الصعب جداً تخمين فيما إذا كنا ننظر إلى كوكب غازي مثل نبتون أو عالم صخري قد يكون داعم لوجود الحياة، وذلك ناجم عن عدم وجود ذلك النوع من الكواكب في مجموعتنا الشمسية. هذا الأمر مثير جداً لأن النتائج القادمة من تلسكوب كبلر تقترح أن الأراضي الفائقة هي النوع الأكثر وفرة بين الكواكب، وقد تكشف دراسات الأغلفة الجوية لهذه الكواكب، بعد أن يتم تحديد مواقعها من قبل تلسكوب TESS، عن طبيعتها الغامضة.

 

بوجود هدف يتطلع إلى اكتشاف العوالم الأصغر في كافة أرجاء السماء خلال عامين، يحتاج TESS إلى التركيز على الكواكب، التي تمتلك مدارات قصيرة وتمتد على بضعة أسابيع فقط. تبدو هذه المدة قصيرة مقارنة مع سنتنا البالغ طولها 52 أسبوعاً، لكن من ناحية أخرى تستمر أكثر الفترات المدارية شيوعاً –المكتشفة من قبل تلسكوب كبلر– على مدار 10 أيام تقريباً.

 

من أجل تفادي اكتشاف العوالم الساخنة فقط في هذه المدارات، سيُركز TESS على نجوم من نوع القزم M؛ فهي أكثر خفوتاً من قريباتها للشمس. لا تعتبر هذه النجوم فقط الأكثر عدداً في جوارنا الكوني، وإنما تسمح درجات حرارتها الباردة أيضاً بوجود كواكب، قد تكون حاضنة للحياة، عند قرب شديد من النجم.

 

بوجودنا على بعد عامين فقط من الإقلاع، يعمل علماء TESS على مدار الساعة، وتتمثل أحد الأهداف الرئيسية الحالية في وضع فهرس مكون من 200000 نجم سيقوم TESS بالبحث داخل أنظمتها. يهدف العلماء بشكلٍ أساسي إلى اختيار النجوم من نوع الأقزام M، بالإضافة إلى أنواع أخرى من النجوم القزمة، لكن هذه المهمة صعبة جداً، إذ يُوجد احتمالية للخلط بين نجم عملاق بعيد وبين تلك الأقزام الجارة لنا وهذا الأمر ناتج عن كون هذه الأقزام خافتة نسبياً.

 

يقوم ناثان دو لي، من جامعة كونتكي الشمالية في مجموعة العمل التي ستختار أهداف TESS، باختبار هذه القضية.

يقول دو لي: "لا تُعتبر النجوم العملاقة أهدافاً جيدة ليقوم TESS بالبحث عن كواكب في أنظمتها. لكن من خلال قياس حركتها، يُمكننا التمييز بين النجوم العملاقة البعيدة والنجم القريب؛ وبالتالي إزالة هذه النجوم من الفهرس".

 

وبنفس الطريقة التي تظهر فيها السيارات القريبة منك متحركة بسرعة أكبر بكثير من تلك البعيدة في الأفق، تتحرك النجوم السريعة على طول السماء معتمدةً على بعدها عن الأرض. وبالتالي يُمكن لدو لي أن يُحدد فيما إذا كانت النجوم المتحركة عبارة عن نجم من نوع القزم M القريب منا، أو أنه نجم عملاق بعيد ويتحرك ببطء حتى لو كان للاثنين الوميض نفسه.

و بوجود الكثير من الأهداف النجمية، لا ينوي فريق TESS الاحتفاظ بالبيانات لوحدها؛ إذ يُصرحون بأنه "تلسكوب للناس" وسيقوم TESS بنشر البيانات بعد ستة أشهر من إقلاعه، وسيُقدم نتائج جديدة كل أربعة أشهر.

في الحقيقة، إنها خطة ستسمح لنا باكتشاف من هم جيراننا حقاً.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات