بعثة لناسا تكشف أثر الرياح الشمسية في تجريد المريخ من غلافه الجوي

تصوُّر فني لعاصفة شمسية تضرب المريخ وتُجرد غلافه الجوي العلوي من الأيونات. 


المصدر: NASA/GSFC 


حدّدت مهمة مافن MAVEN لقياس تطاير الغلاف الجوي للمريخ العملية التي يبدو أنها لعبت دوراً مهماً في تحويل مناخ المريخ من مناخ دافئ رطب ربما كان داعماً للحياة في السابق إلى كوكب المريخ البارد المُقفر الذي نراه اليوم. 

وقد مكّنت البيانات التي أرسلتها مافن الباحثين من تحديد المعدل الحالي لتسرب الغازات من الغلاف الجوي للمريخ إلى الفضاء والذي يحدث بفعل الرياح الشمسية. هذا وتكشف النتائج أن عملية تطاير الغلاف الجوي للمريخ تتزايد بشكل ملحوظ أثناء العواصف الشمسية. ظهرت النتائج العلمية للبعثة في العدد الصادر في 5 نوفمبر/تشرين الثاني بمجلتي ساينس Science و جيوفيزيكال ريسيرتش Geophysical Research. 

يقول جون غرنسفيلد John Grunsfel رائد الفضاء والمدير المساعد في قسم المهام العلمية التابع لناسا في واشنطن: "يبدو أن المريخ كان يمتلك غلافا ًجوياً سميكاً يجعل المناخ دافئاً بشكل كافٍ لدعم وجود مياه سائلة، وهي التي تُعد مكوناً أساسياً لوجود الحياة ووسطاً مهماً لها كما نعلم في وقتنا الحالي. إن فهم ما حدث لغلاف المريخ الجوي من شأنه أن يُشكل معرفتنا لديناميكا أي غلاف جوي لأي كوكب وتطوره. كما أن معرفة السبب وراء تغيير بيئة كوكب ما من بيئة قد تكون حاضنة للميكروبات على سطح الكوكب إلى بيئة تخلو من الحياة هو أمر مهم، ويُعد قضية أساسية حاولت البعثات التابعة لناسا والمرسلة إلى المريخ التوصل إلى حلها".

تشير قياسات مافن إلى أن الرياح الشمسية تعمل على تجريد الغلاف الجوي من الغازات بمعدل حوالي 100 غرام (أي ما يعادل ¼ باوند) في الثانية، يقول بروس جاكوسكي Bruce Jakosky الباحث الرئيسي في مافن من جامعة كولورادو، بولدر: "إن الأمر مثل سرقة بضع قطع نقدية من صندوق تسجيل النقود كل يوم، حيث يتضح وجود هذا النقص بشكل أكبر مع مرور الوقت. وجدنا أن تطاير الغلاف الجوي يتزايد بشكل كبير أثناء العواصف الشمسية، ولذلك نحن نعتقد أن معدل التسرب كان أكبر بكثير منذ مليارات السنوات، وذلك عندما كانت الشمس أكثر شباباً ونشاطاً".

بالإضافة إلى ذلك، ضربت سلسلة من العواصف الشمسية المثيرة الغلاف الجوي للمريخ في مارس/آذار 2015، ولاحظت مافن تسارع خسارة الغلاف الجوي عندها. إن ربط زيادة معدل تطاير الغلاف الجوي مع كثرة العواصف الشمسية في الماضي يشير إلى أن تطاير الغلاف الجوي في الفضاء كان على الأرجح عاملاً أساسياً في تغيُّر المناخ على المريخ. 

والرياح الشمسية هي دفقٌ من الجزيئات التي تتكون في معظمها من البروتونات والإلكترونات، تندفع من الغلاف الجوي للشمس بسرعة ما يقارب مليون ميل في الساعة. هذا ويمكن للمجال المغناطيسي الذي تحمله الرياح الشمسية أن يولِّد عند مروره بالقرب من المريخ مجالاً كهربائياً أشبه ما يكون بمولد كهربائي على الأرض. يعمل هذا المجال الكهربائي على تسريع جزيئات الغاز المشحونة كهربائياً والتي تدعى أيونات في الغلاف الجوي العلوي للمريخ وإطلاقها إلى الفضاء. 

كانت مافن في طور دراستها لكيفية تجريد الرياح الشمسية والأشعة فوق البنسفسجية للغلاف الجوي العلوي للمريخ من غازاته، وتشير نتائج حديثة إلى أنه تم الكشف عن تسرب الغازات في ثلاث مناطق مختلفة من الكوكب الأحمر، وهي: المنطقة السفلية من "الذيل" tail، حيث تتدفق الرياح الشمسية من خلف المريخ، ومنطقة "الأعمدة القطبية" polar plume فوق قطبي المريخ، ومن سحابة ممتدة من الغازات تحيط بالمريخ. توصَّل الفريق العلمي إلى أن ما يقارب 75% من الأيونات الهاربة تتسرب من منطقة الذيل، و25% تهرب من منطقة الأعمدة القطبية، أما السحابة الممتدة فتتسرب منها نسبة ضئيلة من الأيونات. 




يُظهر هذا العرض المصور كيفية تجريد الرياح الشمسية للغلاف الجوي العلوي للمريخ من أيوناته وطردها إلى الفضاء. أُنشأ هذا العرض المصور باستخدام بيانات من مهمة مافن لقياس تطور تطاير الغلاف الجوي للمريخ.

المصدر: NASA-GSFC/CU Boulder LASP/University of Iowa

 

تدل علامات في مناطق قديمة على المريخ على أنه كانت هنالك وفرة في المياه على سطح الكوكب في الماضي، ومن هذه العلامات أودية نُحتت بأنهارٍ وترسباتٍ معدنية لا تتشكل إلا بوجود مياه سائلة. ودفعت هذه الآثار العلماء إلى الاعتقاد بأنه منذ مليارات السنوات كان الغلاف الجوي للمريخ أكثر سمكاً والمناخ دافئاً بشكل كافٍ لتشكُّل الأنهار والبحيرات وربما المحيطات التي تتكون جميعها من المياه السائلة. 

لاحظ باحثون مؤخراً باستخدام مستكشف المريخ المداري التابع لناسا ظهور أملاح مهدرجة تدل بدورها على وجود مياه سائلة مالحة على سطح المريخ، إلا أنه بالرغم من ذلك يُعد الغلاف الجوي للمريخ بارداً ورقيقاً للغاية ما يجعله غير قادر على دعم وجود كميات كبيرة أو قديمة من المياه السائلة على سطح الكوكب. 

يقول جو غريبوسكي Joe Grebowsky العالم في مهمة مافن في مركز غودارد للتحليق الفضائي في غرينلاند، ميريلاند: "تعد عملية الحتّ الناتجة عن الرياح الشمسية آليةً مهمة مؤثرة في ظاهرة تطاير الغلاف الجوي، كما كانت مهمة إلى درجة كافية لتُعد مسؤولةً عن تغيير كبير في مناخ المريخ. كما وتدرس مافن كذلك عمليات تطاير أخرى، مثل التطاير بفعل تصادم الأيونات أو هروب جزيئات الهيدروجين، والتي من شأنها أن تعزز من أهمية هروب الغلاف الجوي".

انطلقت مهمة مافن التابعة لناسا في مارس/آذار 2013 بهدف تحديد حجم ما خسره المريخ من غلاف جوي ومن مياه. وتُعد المهمة الأولى التي تكرس لفهم كيفية تأثير الشمس على التغيرات في الغلاف الجوي على الكوكب الأحمر. بدأت مافن بالعمل على سطح المريخ منذ ما يربو عن سنة واحدة وستكمل مهمتها العلمية الأساسية في السادس عشر من نوفمبر/تشرين الثاني.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المصطلحات
  • مركز غودارد لرحلات الفضاء (GSFC): هو واحد من المراكز العلمية التي تقوم ناسا بتشغيلها. المصدر: ناسا

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات