المركبة الفضائية نيو هورايزنز (آفاق جديدة)، المصممة والمدمجة في مختبر الفيزياء التطبيقية (APL) في جامعة جونز هوبكنز في لاوريل بميريلاند -وبمساهمة من العديد من الشركات والمعاهد من كافة أنحاء الولايات المتحدة ومن خارجها- عبارة عن مرصد خفيف الوزن ومُصمم لمقاومة مصاعب رحلة طويلة انطلاقاً من إقلاعه من الأرض ووصولاً إلى الحدود الخارجية الباردة للنظام الشمسي.

صورة نموذج حي للمركبة الفضائية في مختبر الفيزياء التطبيقية في جامعة جونز هوبكنز. حقوق الصوة:  Johns Hopkins University Applied Physics Laboratory تكبير الصورة صورة نموذج حي للمركبة الفضائية في مختبر الفيزياء التطبيقية في جامعة جونز هوبكنز. حقوق الصوة: Johns Hopkins University Applied Physics Laboratory

طُورت الحمولة العلمية لنيو هورايزنز تحت توجيه معهد الأبحاث الجنوبي الغربي (SwRI)، وبوجود مساهمات في أجهزتها من هذا المعهد ومن APL ومن مركز غودارد لرحلات الفضاء التابع لناسا ومن جامعة كولورادو، وجامعة ستانفورد وشركة بول للطيران الفضائي. بعد ملئه بالوقود بشكلٍ كامل، بلغ وزن المجس الذي يصل حجمه إلى حجم بيانو حوالي 478 كيلوغرام (1054 باوند) عند الإقلاع. ولإنجاز مهمتها عند بلوتو، تحتاج المركبة الفضائية نيو هورايزنز المُصممة للعمل بوجود مصدر طاقة محدود -مولد كهربائي إشعاعي وحيد- إلى طاقة أقل طاقة مصباحين باستطاعة 100 واط. 

 

وعندما تعمل تستخدم كل أداة علمية من الأدوات السبع الموجودة على متن المركبة الفضائية بشكلٍ وسطي بين 2 إلى 10 واط -أي نفس طاقة المصابيح الليلية. تُرسل الأجهزة البيانات إلى إحدى الذواكر الصلبة الموجودة في المركبة الفضائية، حيث يتم تسجيل المعلومات قبل إرسالها لاحقاً إلى الأرض. وخلال العمليات الاعتيادية، تتصل المركبة الفضائية مع الأرض باستخدام هوائي عالي الربح وبطول 2.1 متر (83 إنش). وتُقدم الهوائيات الأصغر اتصالات رجعية. وعندما كانت المركبة الفضائية في وضع السبات أثناء رحلتها الطويلة، بُرمجت حواسيبها لمراقبة أنظمتها وإجراء تقارير عن حالتها وإرسالها إلى الأرض باستخدام إشارة منخفضة الطاقة ومشفرة بشكلٍ خاص.

طائرة القوات الجوية C-17 تقوم بحمل المركبة الفضائية إلى منشأة هبوط المكوك الفضائي في مركز كينيدي للفضاء في فلوريدا. حقوق الصورة: NASA/Johns Hopkins University Applied Physics Laboratory/Southwest Research Institute تكبير الصورة طائرة القوات الجوية C-17 تقوم بحمل المركبة الفضائية إلى منشأة هبوط المكوك الفضائي في مركز كينيدي للفضاء في فلوريدا. حقوق الصورة: NASA/Johns Hopkins University Applied Physics Laboratory/Southwest Research Institute

يُحافظ تصميم نيو هورايزنز المشابه "لقنينة الترمس" على الحرارة وبالتالي يسمح للمركبة الفضائية بالعمل عند درجة حرارة الغرفة ودون وجود تسخين مرتفع. لا تمتلك المركبة الفضائية آليات نشر أو منصات مسح خاصة، فالأغلفة الواقية الموجودة على الأجهزة العلمية الخمس فُتحت بعد وقتٍ قصير من الإقلاع، كما تمَّ فتح طبقة واقية صغيرة أخرى بعد الاقتراب من المشتري.

 

عملت نيو هورايزنز بوضع الدوران المستقر أثناء رحلتها بين الكواكب، وبوضع التوجيه ثلاثي المحاور الذي يسمح بالتوجه أو مسح الأجهزة أثناء المعايرة والمقابلات الكوكبية (مثل التحليق الذي تم بجوار المشتري وبلوتو بالطبع). لا وجود لعجلات رد فعل على متن المركبة الفضائية، إذ تقوم معززات صغيرة موجودة في نظام الدفع بمعالجة مسألة التوجه، وتصحيح عملية الدوران والمسار أيضاً.

 

تُبحر المركبة الفضائية باستخدام جيرسكوب، ومتعقبات نجمية، وحساسات شمسية موجودة على متنها. يتصل لاقط الهوائي عالي الربح بالكترونيات متطورة ومصممة لتستقبل أكثر الإشارات الراديوية خفوتاً والقادمة من الوطن -وهي ضرورة كبيرة عندما نعرف أنَّ الهدف الرئيسي للمهمة يقع على بعد أكثر من ثلاثة مليارات ميل من الأرض، وتحتاج الإشارة إلى حوالي 9 ساعات للوصول.

 

  • الهيكل

يتضمن الهيكل الرئيسي للمركبة الفضائية اسطوانة مركزية من الألمنيوم تدعم ألواح جسم المركبة الفضائية، وتدعم الواجهة الكائنة بين المركبة الفضائية والمولد الكهروحراري النظائري المشع (RTG)، كما أنه يحوي خزان الدافع أيضاً. ويخدم هذا الهيكل أيضاً كوصلة تكييف الحمولة التي تصل بين المركبة الفضائية ومركبة الإقلاع.

صورة تُوضح هيكل المركبة الفضائية. حقوق الصورة: ناسا تكبير الصورة صورة تُوضح هيكل المركبة الفضائية. حقوق الصورة: ناسا

ومن أجل الحفاظ على الكتلة المنخفضة، فإنَّ الألواح المحيطة بالإسطوانة المركزية مميزة بشكلها المشابه لخلية النحل مع وجود صفائح من الألمنيوم فائق الرقة (بسماكة ورقتين تقريباً). وللحفاظ على التوازن المثالي بالنسبة للعمليات التي تتطلب الدوران، تم وزن المركبة الفضائية وبعد ذلك موازنتها مع الأوزان الإضافية قبل تركيبها مباشرةً على مركبة الإطلاق.

 

  • الأوامر ومعالجة البيانات

نظام الأوامر ومعالجة البيانات -الذي يضم معالج Mongoose V بتردد 12 ميغاهرتز يُوجهه برنامج تحليق معقد- هو دماغ المركبة الفضائية. يُوزع المعالج أوامر التشغيل للأنظمة الفرعية، ويجمع ويعالج بيانات الأجهزة، وسلسلة المعلومات ويُرسلها إلى الأرض.

 

يقوم هذا النظام أيضاً بتشغيل خوارزميات آلية تسمح للمركبة الفضائية بتفحص حالة كل نظام، وتُصحح أي عطل حال وجوده وتعمل على استرجاع النظام أو الاتصال بالمشغلين على الأرض عند الضرورة.

 

صورة أثناء قيام مجموعة من جامعة هوبكنز بوصل هوائي عالي الربح إلى المركبة الفضائية في 3 ابريل/نيسان 2005. حقوق الصورة: NASA/Johns Hopkins University Applied Physics Laboratory/Southwest Research Institute (NASA/JHUAPL/SwRI) تكبير الصورة صورة أثناء قيام مجموعة من جامعة هوبكنز بوصل هوائي عالي الربح إلى المركبة الفضائية في 3 ابريل/نيسان 2005. حقوق الصورة: NASA/Johns Hopkins University Applied Physics Laboratory/Southwest Research Institute (NASA/JHUAPL/SwRI)

ولتخزين البيانات، تحمل نيو هورايزنز اثنان من المسجلات الصلبة منخفضة الطاقة ويُمكن لكل منها تخزين كمية من البيانات تصل إلى 8 غيغا بايت. يجمع المعالج الرئيسي البيانات ويضغطها ويُهيئها ويُخزن البيانات العلمية في المُسجل بشكلٍ مشابه لما يحصل مع بطاقة الذاكرة الوميضية في الكاميرا الرقمية، ويحصل كل ذلك استعداداً لإرسال تلك البيانات إلى الأرض عبر نظام الاتصالات الفرعي. ويُوجد نظام معالجة البيانات والأوامر في وحدة الالكترونيات المتكاملة التي تحوي أيضاً حاسب التوجيه، ونظام الاتصالات وجزء من أداة REX.

 

  • التحكم الحراري

نيو هورايزنز مصممة للاحتفاظ بالحرارة مثل الترمس، فالمركبة الفضائية مغطاة بعزل حراري خفيف الوزن ومكون من عدة طبقات ذهبية اللون -مثل غطاء رحلات التخييم- ويساعد هذا العزل على الحفاظ على حرارة الكترونيات المركبة الفضائية لإبقاء الأخيرة دافئة. وتُحافظ الحرارة القادمة من الالكترونيات على عمل المركبة الفضائية في المجال بين 10 إلى 30 درجة سيلسيوس (50 إلى 85 درجة فهرنهايت) أثناء رحلتها.

تصور فني للمركبة الفضائية نيو هورايزنز. حقوق الصورة: Johns Hopkins University Applied Physics Laboratory/Southwest Research Institute (JHUAPL/SwRI) تكبير الصورة تصور فني للمركبة الفضائية نيو هورايزنز. حقوق الصورة: Johns Hopkins University Applied Physics Laboratory/Southwest Research Institute (JHUAPL/SwRI)

يراقب نظام التحكم بالحرارة مستويات الطاقة داخل المركبة للتأكد من أن الالكترونيات تعمل عند استطاعة كافية للإبقاء على درجات حرارة آمنة. فعند حصول أي تناقص دون مستويات التشغيل (150 واط)، تعمل حينها مسخنات صغيرة موجودة حول المركبة الفضائية لتغطية الفرق الحاصل. وعندما كانت المركبة الفضائية أقرب إلى الأرض منها إلى الشمس، كان يتم فتح قنوات حرارية في المركبة الفضائية عندما تكون درجة حرارتها الداخلية مرتفعة جداً.

 

  • الدافع

يُستخدم نظام الدفع في المركبة الفضائية لتصحيح المسار وتوجيه المركبة الفضائية. ولم تكن هناك حاجة لهذا النظام من أجل تسريع المركبة الفضائية نحو بلوتو، لأن الامر أنجز بشكلٍ كامل عبر مركبة الإقلاع وبمساعدة جاذبية المشتري.

 

يتضمن نظام الدفع في المركبة الفضائية 16 دافع هايدرازاين مركب على طول المركبة الفضائية في ثمانية مواضع، بالإضافة إلى خزان الوقود، ونظام ضخ وتوزيع للوقود. يتم استخدام أربعة دوافع (بطاقة 4.4 نيوتن للواحد) بشكلٍ كامل بقصد تصحيح المسار. ويُوظف المُشغلون أيضاً 12 دافع آخر -يُقدم كل منها طاقة 0.8 نيوتن- لتوجيه المركبة الفضائية، وزيادة سرعة دورانها وإنقاصها. ويُعتبر 8 دوافع من بين 16 دافع موجود على المركبة الفضائية أساسية، في حين تُكون الدوافع المتبقية نظام استرجاع (احتياطي).

 

عند الإقلاع، حملت المركبة الفضائية معها 77 كيلوغرام (170 باوند) من الهايدرازاين المُخزن في خزان تيتانيوم خفيف الوزن. ويقوم غاز الهليوم بدفع الوقود عبر النظام للوصول إلى الدوافع. وباستخدام مساعدة جاذبية المشتري، أدى ذلك إلى إنقاص كميات الوقود اللازمة للوصول إلى بلوتو.

 

  • التوجيه والتحكم

يجب توجيه المركبة الفضائية نيو هورايزنز بدقة عالية حتى تتمكن من جمع البيانات باستخدام أدواتها العلمية، ومن ثمَّ الاتصال بالأرض، أو إجراء المناورات في الفضاء. يتم تحديد موقع المركبة الفضائية عبر استخدام كاميرات التعقب النجمي، ووحدات قياس العطالة التي تحتوي جيروسكوبات وأجهزة قياس تسارع لقياس الحركة الدورانية للمركبة والحركات الأفقية والشاقولية، والحساسات الشمسية الرقمية. أما التحكم بموقع المركبة الفضائية فيُنجز عبر استخدام الدوافع.

 

تُقدم IMUs والمتعقبات النجمية معلومات عن الموقع بشكلٍ مستمر وذلك من أجل إرشاد المركبة الفضائية ومعالج التحكم المشابه لمعالج الأوامر ومعالجة البيانات وهو من نوع Mongoose V بتردد 12 ميغاهرتز. وللاحتياط، تحمل نيو هورايزنز معها نسختين من تلك الوحدات. وتُخزن كاميرات التعقب النجمي خريطة تحوي حوالي 3000 نجم، وتقوم كاميرا بالتقاط 10 صور واسعة الحقل في الثانية الواحدة ومن ثمَّ تقارنها مع مواقع النجوم الموجودة في الخريطة، وتحسب اتجاه المركبة الفضائية.

صورة أثناء القيام بفحص الهوائي الخاص بالمركبة في الفضائية في مختبر الفيزياء التطبيقية بجامعة جونز هوبكنز. حقوق الصورة: NASA/Johns Hopkins University Applied Physics Laboratory/Southwest Research Institute (NASA/JHUAPL/SwRI) تكبير الصورة صورة أثناء القيام بفحص الهوائي الخاص بالمركبة في الفضائية في مختبر الفيزياء التطبيقية بجامعة جونز هوبكنز. حقوق الصورة: NASA/Johns Hopkins University Applied Physics Laboratory/Southwest Research Institute (NASA/JHUAPL/SwRI)

وتزود IMUs المركبة الفضائية بمعلومات الحركة لـ 100 مرة في الثانية. وإذا ما بيَّنت النتائج أن نيو هورايزنز موجودة خارج الموقع المحدد سلفاً، تعمل دوافع محددة وتقوم بإعادة توجيه المركبة الفضائية. تُعتبر الحساسات الشمسية أدوات احتياطية للمتعقبات النجمية، وستقوم هذه الحساسات بإيجاد الشمس وتوجيه المركبة الفضائية نحوها إذا لم تستطع الحساسات الأخرى القيام بذلك في حالات الطوارئ.

 

يستخدم المُشغلون الدوافع لجعل المركبة الفضائية، التي لا تمتلك عجلات رد فعل، قادرة على المناورة. تُستخدم الدوافع الأصغر للحصول على توجيه دقيق للمركبة الفضائية. أما الدوافع الأكبر، التي تمتلك طاقة أعلى بخمس مرات، فتُستخدم أثناء مناورات المسار لإرشاد نيو هورايزنز نحو هدفها.

 

تدور المركبة الفضائية حول نفسها -عادةً خمس مرات في الدقيقة الواحدة- أثناء مناورات تصحيح المسار، ويتصل مُرسل راديوي مع الأرض، وأثناء هذا الاتصال تدخل المركبة في الفضائية في وضع السبات ليقوم المشغلون بتوجيه المركبة الفضائية أثناء المراقبات العلمية وإجراء تفحص لنظام الأجهزة.

نيو هورايزنز


ترجمة: همام بيطار


اترك تعليقاً () تعليقات