البحثُ عن أرضٍ أخرى

 يُعتبر الكوكب الخارجي الذي اكتشف حديثاً واسمي كبلر-452b الأكثر شبها بكوكبنا من بين الكواكب المُكتشفة حتى الآن، ونظامُه هو الأكثر شبهاً بنظام شمسنا أيضاً. يُظهر هذا التصور الفني مجموعة من الكواكب الخارجية التي تَبيّن أنها تقع ضِمن المنطقة الصالحة للسكن، وتحمل صِفات مُشابهةً لصفات كوكب الأرض. من اليسار إلى اليمين: كوكب كبلر-22b، كوكب كبلر-69c، كوكب كبلر-452b المُكتشف حديثاً، كوكب كبلر-62f، كوكب كبلر-186f، وأخيراً كوكب الأرض.


حقوق الصورة: ناسا/مركز أبحاث إيمز/مختبر الدفع النفاث – معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا
Credits: NASA/Ames/JPL-Caltech



يمثل العثورُ على كوكبٍ بحجمٍ يفوق حجمَ كوكب الأرض ويدور في فلك نجمٍ مُشابهٍ لنجمنا خُطوةً جديدةً لنا نحو العثور على كوكبٍ توأمٍ لكوكبنا المائي. لكن تلسكوب كبلر الفضائي Kepler Space Telescope التابع لوكالة ناسا كان قد توصل إلى دليلٍ يُشير إلى وجود عددٍ آخر من الكواكب التي يُحتمل أن تكون مُناسبة للحياة وسط بحر النجوم الواسع في مجرتنا درب التبانة. 

ومن أجل الاطلاع على أبرز المُتنافسين في فئة الكواكب الصالحة للحياة، يجب أولاً أن نتحدث عن مفهوم المنطقة الصالحة للعيش habitable zone، التي تقع حول النجوم. المنطقة الصالحة للعيش، هي عبارةٌ عن حزامٍ من درجات الحرارة المُلائمة يقع في مدارات الكواكب حول نجومها، ويمتاز هذا الحِزام بأنه ليس بقريب جداً ولا بعيداً جداً عن النجم. إذ لو كان الكوكب قريباً جداً من النجم، فسوف يحترق (كما هو الحال مع كوكب الزهرة)، أو كان بعيداً جداً عنه فسوف يتجمد. لكن إن وُجد الكوكب ضمن المنطقة الصالحة للعيش حول النجم، فإنه سيكون صالحاً للعيش، وسيتواجد الماء عليه بحالته السائلة أيضاً. وقد أطلق العلماء على المنطقة التي تسمح بتواجد الماء بحالته السائلة على الكواكب اسم منطقة غولديلوكس goldilocks zone.


من بين الكواكب التي اكتشفتها مهمة كبلر، والتي بلغ عددها حوالي 1,030، تبين أن 12 كوكباً منها يقل حجمهاعن ضِعفي حجم الأرض وتقع في المنطقة الصالحة للسكن حول نجومها. وفي هذا الرسم التوضيحي نرى أحجام الكواكب الخارجية مُمثّلةً بحجم كل كرة من هذه الكرات، ومُرتّبة من اليسار إلى اليمين بناءً على حجم كلٍّ منها وعلى نوع النجم الذي يدور حوله كل كوكب. أنواع النجوم في هذا الرسم هي: النجوم من فئة M وهي أقل حرارة وأصغر حجماً بكثير من الشمس، ثم النجوم من فئة K وهي أبردُ وأصغرُ حجماً من الشمس بقليل، وأخيراً النجوم من فئة G والتي تشملُ الشمس أيضاً. من الجدير بالملاحظة أن أحجام الكواكب في هذا الرسم مُكبّرةٌ 25 مرة مُقارنة بأحجام النجوم (الحجم ليس حقيقيا، فالنجوم أكبر في الواقع). وقد أُدرج كوكب الأرض في الرسم أعلاه لغايات المقارنة. حقوق الصورة: ناسا/مركز أبحاث إيمز/ مختبر الدفع النفاث – معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا Credits: NASA/Ames/JPL-Caltech
من بين الكواكب التي اكتشفتها مهمة كبلر، والتي بلغ عددها حوالي 1,030، تبين أن 12 كوكباً منها يقل حجمهاعن ضِعفي حجم الأرض وتقع في المنطقة الصالحة للسكن حول نجومها. وفي هذا الرسم التوضيحي نرى أحجام الكواكب الخارجية مُمثّلةً بحجم كل كرة من هذه الكرات، ومُرتّبة من اليسار إلى اليمين بناءً على حجم كلٍّ منها وعلى نوع النجم الذي يدور حوله كل كوكب. أنواع النجوم في هذا الرسم هي: النجوم من فئة M وهي أقل حرارة وأصغر حجماً بكثير من الشمس، ثم النجوم من فئة K وهي أبردُ وأصغرُ حجماً من الشمس بقليل، وأخيراً النجوم من فئة G والتي تشملُ الشمس أيضاً. من الجدير بالملاحظة أن أحجام الكواكب في هذا الرسم مُكبّرةٌ 25 مرة مُقارنة بأحجام النجوم (الحجم ليس حقيقيا، فالنجوم أكبر في الواقع). وقد أُدرج كوكب الأرض في الرسم أعلاه لغايات المقارنة. حقوق الصورة: ناسا/مركز أبحاث إيمز/ مختبر الدفع النفاث – معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا Credits: NASA/Ames/JPL-Caltech


من الممكن أن تكون "منطقة غولديلوكس" هذه على شكل حزامٍ واسعٍ أو ضيّق، وقد تقع على مقربةٍ من النجم أو بعيداً عنه، حيث يعتمد هذا الأمر على حجمِ النجم نفسه ومقدار الطاقة التي يُنتجها. على سبيل المثال، في حالة النجوم الصغيرة أو النجوم القزمة الحمراء red dwarf stars، يُلاحظ أن الكواكب الواقعة في المنطقة الصالحة للعيش تتجمع قريباً من نجمها كما يتجمع الناس حول النار عندما يقومون بشي الطعام، دلالةً على ضعف حرارة هذه النجوم. أما في حالة النجوم العملاقة والحارة، فنُلاحظ أن المنطقة الصالحة للعيش، أو حزام منطقة غولديلوكس، تقع بعيداً عن النجم، مُحافظة على مسافةٍ آمنةٍ منه. 



من جهة أخرى، تمكّن العلماء من اكتشاف ما يقرب من 12 كوكباً بحجم قريب من حجم الأرض تقع ضمن المنطقة الصالحة للسكن حول نجومها. كما تبيّن أن 10 إلى 15 من هذه الكواكب يتمتع بقُطر يفوق قُطر كوكب الأرض بمرة ونصف المرة أو مرتين اعتماداً على الكيفية التي يتم من خلالها تعريف المنطقة الصالحة للعيش، وأيضاً أخذاً بعين الاعتبار وجود بعض الشكوك لدى العلماء حول الأحجام الدقيقة لبعض هذه الكواكب. 



ويُعد اكتشاف كوكب كبلر-452b دفعة معنوية قوية للأمام، ذلك أنه أكثر الكواكب المُكتشفة شبهاً بكوكب الأرض حتى الآن، ونظام نجمه شبيهٌ بنظام شمسنا. يتمتع كبلر-452b بدرجة حرارة مناسبة ويقع ضمن المنطقة الصالحة للعيش، كما أنه أكبر من الأرض بمرة ونصف فقط ويدور في فلك نجمٍ مُشابهٍ جداً لنجمنا. إضافة إلى هذا، هناك احتمالٌ قويٌ لأن تكون تركيبة هذا الكوكب ذات طبيعةٍ صخريةٍ كالأرض كما يقول مُكتشفوه. ولقد كان توقيت اكتشاف هذا الكوكب مناسباً جداً، لأن العام 2015 يشهد الاحتفال بالذكرى العشرين لاكتشاف أول كوكب خارجي يدور في فلك نجم نموذجي. من ناحية أخرى، اكتشف العلماء عدداً من الكواكب الخارجية الأخرى التي كانت قريبة الشبه بالأرض بعض الشيء.

 

 

قبل اكتشاف كبلر-452b، كان كوكب كبلر-186f أكثر الكواكب شبهاً بالأرض. وقد استعمل العلماء اسم كبلر Kepler عمدا في تسمياتهم لهذه الكواكب، وذلك نسبة إلى التلسكوب الذي اكتشفها، وهو تلسكوب كبلر الفضائي. يقع كوكب كبلر-186f على بعد 500 سنة ضوئية من الأرض، وهو أكبر منها بنسبة 10% فقط، ويدور حول نجمه ضمن المنطقة الصالحة للعيش، ما يُشير إلى احتمال وجود الماء على سطحه في حالته السائلة. 


يدور كوكب "كبلر-186f" حول نجمٍ قزمٍ أحمرَ أكثر برودة من شمسنا وأصغر منها بحوالي النصف، ويبلغ طول مداره 130 يوماً. و"هذا الكوكب هو في الواقع ابن عم كوكبنا"، كما يقول ثوماس باركلاي Thomas Barclay من معهد البحوث البيئية في منطقة الخليج Bay Area Environmental Research Institute في مركز أبحاث إيمز Ames Research Center التابع لوكالة ناسا في موفيت فيلد، كاليفورنيا، والمؤلف المُشارك للورقة العلمية التي أُعلن فيها عن اكتشاف الكوكب في إبريل 2014.


هذا ويبلغ مقدار الطاقة التي يحصل عليها كوكب كبلر-186f من نجمه حوالي ثلث الطاقة التي تحصل عليها الأرض من الشمس، ما يعني أنه يقع على مشارف الحدود الخارجية للمنطقة الصالحة للسكن. ويقول العلماء أنك إن وقفت على سطح ذلك الكوكب وقت الظهيرة، فسيكون ضوء النهار ساطعاً تماماً كسطوع الضوء هنا على الأرض في الفترة التي تسبق غروب الشمس بساعة واحدة. وعلى الرغم من أن هذا قد يُشير إلى أن كبلر-186f خالٍ من أشكال الحياة، إلا أنه لا ينفي وجودها أيضاً.


قبل كبلر-186f، كان كوكب كبلر-62f صاحب لقب الكوكب الخارجي الأكثر شبهاً بالأرض. وكما هو الحال بالنسبة للكوكب المُكتشف حديثاً، يُعتبر كوكب-62f كوكباً فائقاً، إذ يزيد حجمه عن حجم كوكب الأرض بحوالي 40%. لكن، وكما هو الحال مع كوكب كبلر-186f، يدور كبلر-62f حول نجمٍ أبردَ وأصغرَ من الشمس ضمن مدار يبلغ طوله 267 يوماً، ويبعد عنا مسافة 1,200 سنة ضوئية في كوكبة القيثارة (lyra). كما يقع كوكب كبلر-62f داخل المنطقة الصالحة للعيش في مداره حول نجمه. 


هذا وقد أُعلن اكتشاف كوكب كبلر-62f في شهر إبريل من العام 2013، أي تقريبا في نفس وقت أكتشاف كوكب كبلر-69c، وهو كوكبٌ خارجيٌ أكبرُ من الأرض بحوالي 70%. لكن الخبر السيء هنا، هو أن العلماء ليسوا مُتأكدين من تركيبةِ هذا الكوكب، أو ما هو أكبر حجم يمكن أن يصل إليه كوكبٌ خارجيٌ فائقٌ super earth بحيث يُصبح عنده غير صالحٍ للحياة. حجم كبلر-69c الهائل يعني استبعاده من قائمة الكواكب المُرشحة لنيل لقب توأم الأرض. أما الخبر الجيد فهو أن كوكب كبلر-69c يقع ضمن المنطقة الصالحة للسكن حول نجمه، ويدور في مدار طوله 242 يوماً، ما يُذكّرنا بطول مدار كوكب الزهرة. كما أن النجم الذي يدور حوله كوكب كبلر-69c مُشابهٌ لشمسنا من حيث الحجم، ويمتلك درجة سطوع تُعادل 80% من درجة سطوع الشمس. هذا ويقع النظام الكوكبي الذي ينتمي إليه كبلر-69c على مسافة 2,700 سنة ضوئية من الأرض في كوكبة الدجاجة Cygnus.


هناك كوكب آخر كان يُعد أكثر الكواكب شبهاً بالأرض وقت اكتشافهِ، هو الكوكب كبلر-22b. وكان هذا الكوكب أول كواكب كبلر التي اكتشفت ضمن المنطقة الصالحة للسكن حول نجمه المُشابه لشمسنا بشكلٍ كبير. لكن كبلر-22b ينتمي إلى فئة الوزن الثقيل في عالم الكواكب الفائقة super earths ذلك أن حجمه يفوق حجم الأرض بحوالي 2.4 مرة. ولم يستطع العلماء، أيضاً، تحديد ما إذا كان هذا الكوكب صخرياً أو غازياً أو سائلاً. هذا وقد أكتشف كبلر-22b مُباشرةً بعد بدءِ تلسكوب كبلر بتنفيذ عمليات المُشاهدة والاستكشاف في العام 2009، حيث تم تأكيد وجود هذا الكوكب في العام 2011. ويقع كبلر-22b، الذي يُحتمل أنه يملك غلافاً جوياً مُلبداً بالغيوم، على مسافة 600 سنة ضوئية من الأرض، ويدور حول نجمه في مدار طوله 290 يوماً، وهو مُشابه لطول مدار الأرض حول الشمس.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المصطلحات
  • المنطقة السكنية (المنطقة الصالحة للحياة) (habitable zone): هو مصطلح في علم الفلك وعلم الأحياء الفلكي يُشير إلى المنطقة الموجودة حول نجم ما وفي الوقت نفسه تمتلك الظروف المناسبة للسماح بتواجد الماء السائل فوق سطح الكواكب الموجودة فيها والمشابهة للأرض. وعلى اعتبار أن الماء هو عنصر أساسي لوجود جميع أنواع الحياة التي نعرفها، تُعتبر الكواكب الواقعة في هذه المنطقة من الكواكب التي قد تحتضن نوع من أنواع الحياة خارج كوكب الأرض. تعتمد تلك المنطقة من جهة أخرى على شدة أشعة النجم الواصلة إليها حيث تكون في المتوسط نحو 10 درجات مئوية وكذلك على نوع الضوء الصادر منه، بحيث لا يغلب في طيفه مثلا أشعة فوق البنفسجية أو أشعة سينية، فكلاهما لا يصلح للحياة. المصدر: ناسا

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات