مسبار كريوزيتي يكشف عن وجود النتروجين البيولوجي المفيد على المريخ

قام فريق، بالاستعانة بجهاز "تحليل العينات على المريخ" (SAM) الموجود على متن المسبار كريوزيتي، بالكشف لأول مرة عن النيتروجين على سطح المريخ، حيث تم تحريره خلال تسخين عينة من رواسب مريخية. النيتروجين المكتشف كان على شكل أكسيد النيتريك، ومن الممكن أن يكون قد أطلق نتيجة تحلل النترات أثناء التسخين. 

 

النترات هي فئة من الجزيئات التي تحتوي على النيتروجين في شكل يمكن أن يكون قد استخدم من قبل كائنات حية. ويزيد هذا الاكتشاف من الأدلة على أن المريخ قديمًا كان مسكونًا بالحياة. يعتبر النيتروجين ضروري لجميع أشكال الحياة المعروفة، حيث يدخل في بناء كتل الجزيئات الكبيرة مثل (DNA) و(RNA)، التي تقوم بترميز التعليمات الوراثية للكائنات الحية، وأيضًا في بناء البروتينات التي تستخدم لتكوين هياكل مثل الشعر والأظافر، وإلى تسريع أو تنظيم التفاعلات الكيميائية.

 

يعتبر النتروجين الحيوي، في الأرض كما في المريخ، محتجز على شكل غاز النيتروجين (N2) -ذرتان من النيتروجين مرتبطتان معًا بقوة- بحيث أنهما لا تتفاعلان بسهولة مع جزيئات أخرى. ذرات النيتروجين لا بدّ من أن تنفصل أو "تثبت" حتى تتمكن من المشاركة في التفاعلات الكيميائية اللازمة للحياة. أما على الأرض، فتعتبر بعض الكائنات العضوية قادرة على تثبيت النيتروجين الحيوي، وتعتبر هذه العملية حاسمة فيما يتعلق بالنشاط الأيضي. علاوة على ذلك، يتم أيضاً تثبيت كميات أصغر من النيتروجين من خلال النشاطات الحيوية مثل الصواعق.

 

أما النترات (NO3) -ذرة نيتروجين مرتبطة مع ثلاث ذرات أكسجين- فهي مصدر النيتروجين المثبت. وجزيء النترات يمكنه الانضمام مع ذرات وجزيئات مختلفة أخرى، وتُعرف تلك الفئة من الجزيئات بالنترات. 

ليس هناك أدلة تشير إلى أن جزيئات النيتروجين المثبتة، التي وجدها الفريق، نشأت عن نوعٍ من أنواع الحياة. حيث يعتبر سطح المريخ غير مضياف لأشكال الحياة المعروفة. بدلاً من ذلك، يعتقد الفريق أن النترات المكتشفة هي قديمة، وعلى الأرجح جاءت من العمليات غير البيولوجية مثل آثار النيازك والبرق على المريخ في الماضي البعيد.

 

تشير التضاريس التي تشبه مجاري الأنهار الجافة والمعادن المكتشفة، التي تتشكل فقط في حال وجود الماء السائل، إلى أن المريخ كان مضيافًا أكثر للحياة في الماضي البعيد. وقد وجد فريق كوريوزيتي أدلة على أن مكونات لازمة للحياة، مثل الماء السائل والمواد العضوية، كانت موجودة على المريخ في موقع كوريوزيتي "فوهة غيل" (Gale Crater) قبل مليارات السنين الماضية.

 

قالت جنيفر ستير (Jennifer Ster) من مركز غودارد لرحلات الفضاء التابع لناسا في جرينبيلت بولاية ماريلاند: "إن العثور على النيتروجين بشكله البسيط كيميائياً يقدم المزيد من الدعم على أن البيئة المريخية القديمة في فوهة غيل كانت صالحة للسكن". ستيرن هي المؤلفة الرئيسية لورقة هذا البحث الذي نشر على الإنترنت في دورية الأكاديمية الوطنية للعلوم 23 آذار/مارس.

 

وجد الفريق أدلة على النترات في العينات المجموعة من الرمل والغبار المُثار من قبل الرياح في موقع (Rocknest)، ومن العينات المحفورة في أحجار الطين في موقعي ( John Klein) و(Cumberland) وفي مواقع الحفر في خليج يلونايف (Yellowknife). وبما أن عينة موقع Rocknest هي مزيج من غبار قادم من مناطق بعيدة على سطح المريخ ومن مواد محلية المصدر، فمن المرجّح أن تكون النترات منتشرة على نطاق واسع في جميع أنحاء المريخ، وفقا لستيرن. وتظهر النتائج ما يكافئ 1100 جزء في المليون نترات في التربة المريخية من مواقع الحفر.

 

يعتقد الفريق أن أحجار الطين تشكلت في خليج Yellowknife من الرواسب المودعة في قاع البحيرة. وسابقاً وصف فريق المسبار كوريوزيتي أدلة على وجود بيئة قديمة وصالحة للحياة هناك، والمياه العذبة والعناصر الكيميائية الرئيسية التي تتطلبها الحياة، مثل الكربون، ومصادر الطاقة الكامنة لدفع عملية الأيض في الكائنات العضوية البسيطة.

 

تم تسخين عينات التربة المريخية أولاً لكسر الروابط الجزيئية، ثم تم تحويل أجزاء من الغازات المنبعثة إلى أجهزة SAM للتحليل، حيث تم تحديد المُركبات المختلفة الحاملة للنيتروجين بواسطة أداتين: جهاز مطياف الكتلة (Mass spectrometer)، والذي يستخدم الحقول الكهربائية لتحديد الجزيئات من خلال هويتها الكتلية، وجهاز كروماتوجرافيا الغاز (Chromatograph)، الذي يفصل بين الجزيئات على أساس الوقت الذي تحتاجه للسفر داخل أنبوب زجاجي شعري صغير -بعض الجزيئات تتفاعل مع جانبي الأنبوب بسهولة أكبر، وبالتالي تنتقل ببطء أكبر.

 

جنبًا إلى جنب مع غيرها من مركبات النيتروجين، كشفت الأجهزة عن أكسيد النيتريك (NO - ذرة واحدة من النيتروجين مرتبطة مع ذرة أكسجين) في العينات المأخوذة من جميع المواقع الثلاثة السابقة. وحيث أن النترات هي ذرة نيتروجين مرتبطة مع ثلاث ذرات أكسجين، يعتقد الفريق أن NO على الأرجح جاءت من النترات التي تحللت عندما تم تسخين العينات لتحليلها. 

 

بعض المُركبات في أجهزة (SAM) يمكن أيضًا أن تُطلق النيتروجين عندما يتم تسخين العينات. ومع ذلك، فإن كمية أكسيد النيتريك NO التي وجدت تعادل أكثر من ضعف ما يمكن أن يتم إنتاجه بواسطة SAM في أكثر السيناريوهات تطرفًا وغير الواقعية، وفقًا لستيرن. وهذا يقود الفريق إلى الإعتقاد بأن النترات موجودة حقًا على سطح المريخ، والتقديرات الوفيرة المذكورة قد عُدّلت لتعكس هذه المصدر الإضافي المحتمل.

 

تقول ستيرن: "اعتقد العلماء منذ فترة طويلة أن النترات تم إنتاجها على سطح المريخ من الطاقة المتحررة من تأثيرات النيازك، والكميات التي وجدناها تتفق تماماً مع تقديرات هذه العملية".

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات