تلسكوب ناسا الفضائي يكتشِف أكبرَ حلقةٍ حول كوكب زحل

يبيّن هذا التصوّر الفني حلقةً غير مرئيةٍ تقريباً حول كوكب زحل تُعتبر أكبر حلقاتِ الكوكب العملاق. اكتُشِفت هذه الحلقة العملاقة بواسطة تلسكوب سبيتزر الفضائي Spitzer Space Telescope، التابع لوكالة ناسا.

يُحاكي هذا التصوّر الفني نظرةً بالأشعة ما تحت الحمراء للحلقة العملاقة حول كوكب زحل، ويظهر زحل فيها كنُقطةٍ صغيرةٍ خارج حزام الجليد والغبار. هذا وتبلغ المسافة بين الجزءِ الأكبر من مواد الحلقة والكوكب نفسه حوالي ستة ملايين كيلومتر (3.7 مليون ميل)، ويمتدّ إلى الخارج لمسافة تصلُ إلى 12 مليون كيلومتر (7.4 مليون ميل) إضافية. أما قُطر الحلقة فيُعادل 300 كوكبٍ بحجمِ كوكبِ زحل مُصطفّة إلى جانب بعضها البعض. يُبيّن الشكل الدائري في الصورة لقطةً حقيقيةٌ مُكبّرةً لزحل بالأشعة ما تحت الحمراء كما ظهرت في عيون مرصد W.M. Keck في ماونا كيا بهاواي. أما الحلقة والنجوم والغيوم الرقيقة فهي عبارة عن تصوّرٍ فني.
 

حقوق الصورة: ناسا/مختبر الدفع النفاث- معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا/كيك -باسادينا بولاية كاليفورنيا 


اكتشف تلسكوب سبيتزر الفضائي (Spitzer Space Telescope) التابع لوكالة ناسا حلقةً ضخمةً تُحيطُ بكوكبِ زحل تُعدّ الأكبر من بين جميع حلقات الكوكب العملاق.


يقع الحزام الجديد في أقاصي نظام زحل ضمن مدارٍ يميل بنحو 27 درجة عن مُستوى نظام الحلقات الرئيسي. ويقع الجزء الأكبر من مواد الحلقة الجديدة على مسافة ستة ملايين كيلومتر (3.7 مليون ميل) من الكوكب، في حين تمتد الحلقة نفسها مسافة 12 مليون كيلومتر (7.4 مليون ميل) إضافية باتجاه الفضاء. أما فيبي Phoebe، أحد أبعدِ أقمار زحل عنه، فيدُور داخلَ الحلقة التي اكتُشِفت حديثاً، ويُرجّح أنه مصدرُ المواد التي تتشكّل منها الحلقة العملاقة.
كما أن هذه الحلقة الجديدة سميكةٌ جداً، إذ يفوقُ ارتفاعها الرأسي قُطرَ كوكبِ زحل نفسه بحوالي 20 مرة. وهي واسعة لدرجة أنك ستحتاج إلى حوالي مليارِ كرةٍ أرضيةٍ لملءِ مساحتها.


وحول هذا الموضوع قالت آن فيربيزر Anne Verbiscer، عالمة الفلك في جامعة فرجينيا University of Virginia بشارلوتسفيل: "إنها لحلقةٌ ضخمة بالفعل. وإن استطعت رؤيتها أمامك فإنها ستُغطّي مساحة من السماء تتجاوز عرضَ قمرين كاملين، كلّ منهما على أحد جانبي زحل". قام كلّ من فيربيزر، ودوغلاس هاملتون Douglas Hamilton، من كلية بارك College Park بجامعة ميريلاند، ومايكل سكروسكي Michael Skrutskie، من جامعة فيرجينيا بشارلوتسفيل، بإعداد الورقة البحثية الخاصة بهذا الاكتشاف، والتي ستنشرها مجلة نيتشر Nature غداً على شبكة الإنترنت.


يُمكنكم الاطلاع على التصوّر الفني للحلقة المُكتشفة حديثاً هنا


تتميز الحلقة العملاقة بتركيبةٍ ضعيفة، حيث تتكونُ من مجموعةٍ رقيقةٍ من جسيمات الجليد والغبار. وقد تمكّنت عيون سبيتزر العاملة بالأشعة ما تحت الحمراء من رصدِ وهجِ غُبار الحلقةِ البارد على الفور. يعمل هذا التلسكوب، الذي أُطلق عام 2003، في هذه الأيام على بُعد 107 ملايين كيلو متر (66 مليون ميل) من الأرض ويدور في مدارٍ حول الشمس.


من جهةٍ أخرى، قد يُساعد هذا الاكتشاف على حلّ لغزٍ قديمٍ مرتبطٍ بأحد أقمار زحل، إيابيتوس Iapetus. يتميز إيابيتوس بمظهرٍ غريب، إذ أن أحد جانبيه ساطعٌ بينما الآخرُ مظلمٌ تماماً على نحوٍ يُشبه رمز الين- يانغ الصيني Yin-Yang. رصَد عالم الفلك جيوفاني كاسيني Giovanni Cassini القمر لأول مرة في عام 1671، وتبيّن له بعد سنواتٍ أن لهذا القمرِ جانباً مُظلماً يُعرف اليوم باسم كاسيني ريدجيو (Cassini Regio) تيمناً باسم مُكتَشِفه. 


تجدون هنا صورةً مذهلةً لإيابيتوس، التقطتها مركبة الفضاء كاسيني التابعة لناسا:

 http://photojournal.jpl.nasa.gov/catalog/PIA08384



من ناحية أخرى، يُمكن لهذا الاكتشاف الجديد أن يساعدنا على تفسير تشكّلِ كاسيني ريدجو. فالحلقة العملاقة الجديدة تدورُ في نفس اتجاه القمر فيبي، بينما يدور إيابيتوس ومعه الحلقات الأخرى ومعظم أقمار زحل كلها في الاتجاه المعاكس. ووفقاً للعلماء، فإن بعضاً من المواد المُظلمةِ والترابيةِ القادمة من الحلقة الخارجية تتحرك إلى الداخل نحو إيابيتوس، ضاربةً في طريقها الأقمار الجليدية بقوة وعُنف. 

يقول هاملتون: "لطالما شكّ علماء الفلك بأن هناك علاقة بين قمرِ زحل الخارجي فيبي والمواد المُظلمةِ على إيابيتوس. وقد جاء اكتشاف الحلقة الجديدة ليقدّم لنا دليلاً مٌقنعاً على وجود تلك العلاقة".

من جهتها، استخدمت فيربيزر وزملاؤها كاميرا الأشعة ما تحت الحمراء للطول الموجي الأطول (longer-wavelength infrared camera) الموجودة على متن مركبة سبيتزر، والتي تُسمّى مطياف الشدّة الضوئية مُتعددِ الحلقات (the multiband imaging photometer)، لمَسحِ رُقعةٍ من السماء تقع بعيداً عن كوكب زحل وإلى الداخل قليلاً من مدار فيبي. لقد كان لدى علماء الفلك حدسٌ باحتمال أن فيبي يدور في مدارٍ داخل حزامٍ من الغبار كان قد وصل إلى ذلك المكان بسبب ارتطاماته الطفيفة بالمُذنبات، وهي عمليةٌ مُماثلةٌ لتلك التي تحدث حول النجوم التي تُحيط بها أقراصُ الغبار الناتجة عن الحطام الكوكبي. وعندما اطّلع العلماء على بيانات سبيتزر للمرة الأولى، كان حزام الغبار هذا من أبرز الأمور التي ظهرت بوضوح.

سيكون من الصعب رؤية الحلقة بواسطة تلسكوبات الضوء المرئي (visible-light telescopes) لأن جُسيماتها مُبعثرة، وقد تكون مُمتدة على مساحة تتجاوز حجم القسم الأكبر من الحلقة، وقد تُغطي المسافة التي تفصلها عن زحل، وكذلك المسافة التي تفصل بين زحل والفضاء ما بين الكواكب، لذا فهي ضخمة ومُشتتة. وبسبب عددها القليل، لا يمكن للجسيمات الموجودة داخل الحلقة العملاقة أن تعكس الكثير من الضوء المرئي، خصوصاً أن زحل بعيدٌ جداً عن الشمس، ولا يصِلُه إلا القليل منها.


وتُشير فيربيزر إلى أن: "الجسيمات على درجةٍ كبيرةٍ من التباعد بحيث أنك لن تُدرك أنك موجود داخل الحلقة لو كنت واقفاً فيها".

تمكنّت سبيتزر من استشعار وهجِ الغبارِ البارد الذي لا تتجاوز درجة حرارته 80 كلفن (316 درجة فهرنهايت تحت الصفر)، إذ أن الأجسام الباردة تُشعُّ بالأشعةِ ما تحت الحمراء، أو الإشعاعِ الحراري. فعلى سبيل المثال، حتى كوبٌ الآيس كريم البارد يحتوي على مقدارٍ كبيرٍ من الأشعة ما تحت الحمراء. 

تقول فيربيزر: "بواسطة تركيزها على وهجِ غبار الحلقة البارد، تمكّنت سبيتزر من العثور على الحلقة بسهولة".  تمكنت سبيتزر من تنفيذ عمليات الرصد هذه قبل أن تبدأ مهمتها "الدافئة"، بعد نفاد مواد تبريدها في شهر مايو/أيار.

يُدير مختبر الدفع النفاث Jet Propulsion Laboratory التابع لناسا، في باسادينا بولاية كاليفورنيا، مهمة تلسكوب سبيتزر الفضائي لحساب مديرية المهام العلمية في مقر ناسا في واشنطن NASA's Science Mission Directorate. من جهة أخرى، تُجرى العمليات العلمية في مركز سبيتزر العلمي Spitzer Science Center في معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا California Institute of Technology، في باسادينا أيضاً. كما يقوم معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا بإدارة مختبر الدفع النفاث لحساب وكالة ناسا. تم تصنيع مِطياف الشدة الضوئية مُتعدد الحلقات لسبيتزر من قبل شركة بول للفضاء Ball Aerospace Corporation، في بولدر بولاية كولورادو، وجامعة ولاية أريزونا، توكسون. الباحث الرئيسي في هذا العمل هو جورج رايكي George Rieke، من جامعة ولاية اريزونا.

لمزيدٍ من الصور المتعلقة باكتشاف الحلقة العملاقة، ولمعلوماتٍ إضافية حول سبيتزر، قم بزيارة هذا الرابط: 

 

http://www.spitzer.caltech.edu/

و

http://www.nasa.gov/mission_pages/spitzer/main/index.html

 

 

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المصطلحات
  • المجال تحت الأحمر (Infrared): هو الإشعاع الكهرومغناطيسي ذو الطول الموجي الأكبر من النهاية الحمراء للضوء المرئي، والأصغر من الأشعة الميكروية (يتراوح بين 1 و 100 ميكرون تقريباً). لا يمكن لمعظم المجال تحت الأحمر من الطيف الكهرومغناطيسي أن يصل إلى سطح الأرض، مع إمكانية رصد كمية صغيرة من هذه الأشعة بالاعتماد على الطَّائرات التي تُحلق عند ارتفاعات عالية جداً (مثل مرصد كايبر)، أو التلسكوبات الموجودة في قمم الجبال الشاهقة (مثل قمة ماونا كيا في هاواي). المصدر: ناسا

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات