تلسكوبات ناسا تعثر على أكثر العناقيد المجرية بعداً عن الأرض

اكتشف علماء الفلك عنقوداً ضخماً من مجرات شابة في طور تشكلها، في الجزء البعيد من الكون.

المصدر:Subaru/NASA/JPL-Caltech


باسادينا- كاليفورنيا، اكتشف علماء الفلك مركزاً مزدهراً من مجرات يعد أكثر التجمعات المجرية المعروفة بعداً في الكون الأولي. على ما يبدو، نمت مجموعة المجرات القديمة هذه لتغدو عنقوداً مجرياً حديثاً يشبه العناقيد المجرية الضخمة التي نراها اليوم. 

أُطلق على هذا العنقود المتطور اسم COSMOS-AzTEC3، لقد اكتُشِف وحُدِّدت خصائصه بواسطة تلسكوبات متعددة الأطوال الموجية، من بينها تلسكوبات سبيتزر (Spitzer) وتشاندرا (Chandra) وهابل (Hubble) الفضائية التابعة لناسا، بالإضافة إلى تلسكوب مرصد دبليو إم كيك (W.M. Keck Observatory) وتلسكوب سوبارو (Subaru) الياباني. 

يقول جون مورس John Morse، رئيس قسم الفيزياء الفلكية في مقر ناسا بواشنطن: "يُعد هذا الاكتشاف المذهل دليلاً عملياً على إمكانية الوصول إلى معلومات علمية استثنائية من خلال التعاون بين مشاريع ناسا وشركائنا الدوليين''.

يطلق العلماء على هذا التكتل النامي من المجرات اسم العنقود الأولي (proto-cluster). يعد COSMOS-AzTEC3 أبعد العناقيد الأولية الضخمة المعروفة لدينا، كما يُعد أحد أكثر العناقيد شباباً لأننا نراه كما كان عندما كان كوننا نفسه في مرحلة شبابه. يبعد العنقود عن الأرض بمقدار 12.6 مليار سنة ضوئية تقريباً، بينما يقدر عمر كوننا بـ 13.7 مليار عام. وقد رُصِدت عناقيد مجرية أخرى سابقاً مثل هذا العنقود إلا أنها أكثر نضجاً على بعد 10 مليارات سنة ضوئية. 

اكتشف علماء الفضاء كذلك أن هذا العنقود يضج بالانفجارات الشديدة الناجمة عن عمليات تشكل نجمي بالإضافة إلى ثقب أسود هائل مغذٍ. 


يقول بيتر كاباك Peter Capak من مركز سبيتزر العلمي التابع لناسا في معهد كاليفورنيا التقني في باسادينا: "إننا نعتقد أن كلاً من انفجارات النجوم والثقوب السوداء تشكّل بذور العنقود. ستنمو هذه البذور بشكل تدريجي لتُكوّن مجرة مركزية عملاقة تسيطر على العنقود، وهي سمة توجد لدى العناقيد المجرية الحديثة"، هذا ويعد كاباك المؤلف الرئيسي لبحث سينشر في طبعة الثالث عشر من كانون الثاني/ يناير من مجلة نيتشر Nature journal.

ترتبط معظم المجرات في كوننا بعضها ببعض في عناقيد تنتشر على امتداد المشهد الكوني كما ينتشر التمدد العمراني العشوائي في المدن، وهي تتركز في العادة حول مجرة ضخمة هرمة تحتوي على ثقب أسود هائل. وقد اعتقد علماء الفضاء أن هناك احتمال كبير لوجود أشكال أولية من هذه العناقيد، التي لا تزال تتشكَّل وتتكتَّل مع بعضها البعض في الكون الأولي، إلا أن تحديد موقع إحداها لا يزال صعباً حتى الآن.

في البداية، استخدم كاباك وزملاؤه مرصد تشاندرا الفضائي للأشعة السينية (Chandra X-ray Observatory) بالإضافة إلى تلسكوب جيمس كليرك (James Clerk) التابع للمملكة المتحدة في ماونا كيا-هاواي، من أجل البحث عن الثقوب السوداء وانفجارات التشكل النجمي اللازمة لتشكيل مجرات ضخمة في مراكز مدن مجرية حديثة. بعد ذلك، استعمل علماء الفضاء تلسكوبي هابل وسوبارو لتقدير المسافات بيننا وبين هذه الأجرام، وكذلك من أجل البحث عن كثافات أعلى لمجرات بجوارها. وأخيراً استُخدِم تلسكوب كيك للتأكد من أن هذه المجرات كانت على نفس البعد وأنها تنتمي إلى نفس التجمع المجري.

 

عندما اكتشف علماء الفضاء هذا التكتل من المجرات، قاموا بقياس كتلته الإجمالية بمساعدة سبيتزر. من هذه المسافة، إما ينحرف الضوء المرئي الصادر عن النجوم أو يتمدد حتى يصل أطوال موجية خاصة بالأشعة تحت الحمراء، والتي يمكن رؤيتها في الفضاء الخارجي بواسطة سبيتزر فقط. وقد اتضح أن المجموع الإجمالي للكتلة يساوي 400 مليار شمس على الأقل، وهي كتلة كافية لتأكيد أن علماء الفضاء اكتشفوا عنقوداً أولياً هائلاً بالفعل. كما ساعدت مراقبات سبيتزر على تأكيد أن هنالك مجرة هائلة في مركز العنقود تعمل على تشكيل النجوم بمعدل مذهل.

تم استخدام ترصدات تشاندرا للأشعة السينية، للعثورعلى الثقب الأسود فائق الضخامة الذي تتجاوز كتلته كتلة 30 مليون شمس، كما استخدم لتحديد خصائصه. تعد الثقوب السوداء شائعة في العناقيد المجرية الحديثة، إلا أن هذه هي المرة الأولى التي يُربط فيها بين ثقب أسود مغذٍ ذي ثقل نوعي وبين عنقود بهذا العمر.

وأخيراً، تم استخدام كل من تلسكوب ذي مقياس التداخل المليمتري في معهد علم الفلك الراديوي بفرنسا، والتلسكوب البالغ طوله 30 متر (أي 100 قدم تقريباً) في إسبانيا، جنباً إلى جنب مع تلسكوب المصفوفة الضخمة في مرصد علم الفلك الراديوي الوطني في نيومكسيكو، لقياس كمية الغازات أو الوقود التي تحتاجها عمليات التشكل النجمي في المستقبل في العنقود المجري. تشير النتائج إلى أن العنقود المجري سيبقى آخذاً بالنمو ليغدو مركزَ تجمعٍ مجري حديث.

يقول كيباك: "تطلب الأمر بالفعل قرية كاملة من التلسكوبات للإحاطة بهذا العنقود. فقد كانت الترصدات بواسطة الطيف الكهرومغناطيسي، من الأشعة السينية وحتى الأطوال الموجية المليمترية، جميعها بالغة الأهمية لتأكيد رؤية شاملة لجوانب العنقود المتعددة''.

سُمي COSMOS-AzTEC3، الذي يقع في كوكبة السدس (Sextans)، كذلك نسبةً للموقع الذي وُجد فيه، حيث يعود المقطع COSMOS للمسح التطوري الكوني (Cosmic Evolution Survey)، بينما AzTEC هو اسم الكاميرا المستخدمة في تلسكوب جيمس كليرك ماكسويل، وهذه الكاميرا هي الآن في طريقها للتلسكوب المليمتري الضخم الذي يقع في ولاية بويبلا في المكسيك.

يدير مختبر الدفع النفاث التابع لناسا في باسادينا-كاليفورنيا مهمة تلسكوب سبيتزر الفضائي لصالح مديرية المهام العلمية التابعة لناسا في واشنطن، كما يتم إجراء العمليات العلمية في مركز سبيتزر العلمي في معهد كاليفورنيا التقني في باسادينا-كاليفورنيا، وهو الذي يقوم بدوره بإدارة مختبر الدفع النفاث لصالح ناسا.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات