غالباً ما يُشار إلى ويب على أنه بديل هابل، لكننا نُفضل القول بأنه خليفته. بعد كل ذلك، يُمثل ويب الخليفة العلمي لتلسكوب هابل، حيث صُممت أجهزته العلمية اعتماداً على نتائج قادمة من هابل. دفعتنا علوم هابل للنظر إلى الأطوال الموجية الأكبر والتي تقع في مجالات لا يُمكن لهابل التعامل معها. وبشكلٍ خاص، تنزاح الأجسام الأكثر بعداً نحو المجال الأحمر من الطيف بشكلٍ كبير، وينتقل ضوءها من المجال فوق البنفسجي والبصري نحو المجال القريب من تحت الأحمر. وبالتالي يتطلب رصد هذه الأجسام البعيدة كأولى المجرات المتشكلة في الكون، تلسكوباً عاملاً في المجال تحت الأحمر.

 

هذا سببٌ آخر لعدم كون ويب بديلاً لهابل، فقدراتهما ليست متطابقة. سيقوم ويب بشكلٍ جوهري بالنظر إلى الكون باستخدام المجال تحت الأحمر، في حين يدرس هابل الكون بالاعتماد على الأطوال الموجية المرئية وفوق البنفسجية على الرغم من امتلاكه لبعض القدرات تحت الحمراء. يمتلك ويب أيضاً مرآة أكبر بكثير من مرآة هابل، ووجود مساحة جمع الضوء الكبيرة هذه يعني انه باستطاعة ويب الإبحار أبعد في الزمن مقارنة مع تلسكوب هابل. يُوجد هابل في مدار قريب جداً من الأرض، في حين سيبعد تلسكوب ويب عنا حوالي 1.5 مليون كيلومتر ليُوجد في نقطة لاغرانج الثانية (L2).

 

ويُمكن تلخيص الاختلافات في المجالات التالية:

  • الطول الموجي
  • الحجم
  • المدار
  • قدرة ويب على الرؤية
  • ماذا عن تلسكوب هيرتشيل؟

 

  • الطول الموجي

سيرصد ويب وبشكلٍ رئيسي في المجال تحت الأحمر، وهو يمتلك أربعة أجهزة علمية تُمكنه من التقاط صور وأطياف الأجسام الفلكية. ستُقدم هذه الأجهزة تغطية لأطوال موجية تمتد من 0.6 إلى 28 ميكرومتر. يمتد المجال تحت الأحمر من الطيف الكهرومغناطيسي من حوالي 0.75 ميكرون وصولاً إلى بضع مئات الميكرونات. يعني ذلك الأمر أن أجهزة ويب ستعمل في المجال تحت الأحمر من الطيف الكهرومغناطيسي، وبوجود بعض القدرات على العمل في المجال المرئي (بشكلٍ خاص في الجزء الأحمر والأصفر من الطيف المرئي).

 

تستطيع الأجهزة الموجودة على متن هابل رصد أقسام صغيرة من الطيف تحت الأحمر وتمتد من 0.8 إلى 2.5 ميكرون، لكن قدراتها الأساسية موجودة في الأقسام فوق البنفسجية والمرئية من الطيف، أي من 0.1 إلى 0.8 ميكرون.

مجالات رصد مجموعة من التلسكوبات الفضائية. حقوق الصورة: ناسا تكبير الصورة مجالات رصد مجموعة من التلسكوبات الفضائية. حقوق الصورة: ناسا

IRAS 13481-6124. حقوق الصورة: ناسا تكبير الصورة IRAS 13481-6124. حقوق الصورة: ناسا
ما هي أهمية مراقبات الأشعة تحت الحمراء في علم الفلك؟ تقع النجوم والكواكب الموجودة في طور التشكل داخل شرانق من الغبار الذي يمتص الضوء المرئي، والأمر نفسه صحيح بالنسبة لمركز مجرتنا. مع ذلك، بإمكان الأشعة تحت الحمراء الصادرة عن هذه المناطق اختراق هذه الأكفان الغبارية والكشف عما في داخلها.

في الأعلى، نُشاهد صورة بالأشعة تحت الحمراء قادمة من تلسكوب سبيتزر الفضاء للغاز والغبار العاملين كحاضنة نجمية للنجم الشاب واللامع IRAS 13481-6124، الموجود في أعلى يسار الصورة. لون الغبار في هذه الصورة أحمر-برتقالي، والنجوم زرقاء، لكن يميل لون النجوم المدفونة عميقاً في الغبار مثل النجم IRAS 13481-6124، إلى أن يكون أصفرا-أخضرا.

  • الحجم

يبلغ طول هابل حوالي 13.2 متر (43.5 قدم)، وقطره الأعظمي 4.2 متر (14 قدم). أي أن حجمه يصل إلى حجم قاطرة كبيرة.

الحجم. حققوق الصورة: ناسا تكبير الصورة الحجم. حققوق الصورة: ناسا

وبالمقارنة، فإن أبعاد الدرع الشمسي لتلسكوب ويب هي 22 متر∗ 12 متر (69.5 قدم ∗ 46.5 قدم)؛ وبالتالي له حجم يبلغ نصف حجم طائرة كبيرة من طراز 737، ويساوي ضعفي حجم ملعب كرة مضرب.

حجم ويب. حقوق الصورة: ناسا تكبير الصورة حجم ويب. حقوق الصورة: ناسا

سيكون لدى ويب مرآة رئيسية بقطر يبلغ 6.5 متر، مما سيُعطيه مساحة جمع للضوء أكبر بكثير مقارنةً مع المرايا المتاحة في الجيل الحالي من التلسكوبات الفضائية. مرآة هابل أصغر بكثير من مرآة ويب ويصل قطرها إلى 2.4 متر، وتبلغ مساحة جمع الضوء فيها حوالي 4.5 متر مربع، وهي أقل بسبع مرات من المساحة الموجودة في ويب!

تلسكوب ويب. حقوق الصورة: ناسا تكبير الصورة تلسكوب ويب. حقوق الصورة: ناسا

سيتمتع ويب أيضاً بحقل رؤية أكبر مقارنة مع كاميرا NICMOS الموجودة على متن هابل، ولديه أيضاً دقة تمييز مكاني أفضل بكثير مقارنةً مع تلسكوب سبيتزر الفضائي العامل في المجال تحت الأحمر.

 

  • المدار

تبعد الأرض حوالي 150 مليون كيلومتر عن الشمس، ويدور القمر حولها عند بعد يصل إلى 384500 كيلومتر. يدور تلسكوب هابل في مدار يبعد عن الأرض حوالي 570 كيلومتر، أما تلسكوب ويب الفضائي فلن يدور في الواقع حول الأرض، وبدلاً من ذلك سيُوجد في نقطة لاغرانج الثانية (L2)، وهي تقع على بعد حوالي 1.5 مليون كيلومتر عن الأرض!

مدار ويب. حقوق الصورة: ناسا تكبير الصورة مدار ويب. حقوق الصورة: ناسا

وبسبب مدار هابل الموجود حول الأرض، فقد كان من الممكن إطلاقه إلى مداره على متن مكوك فضاء. أما ويب فسيُقلع إلى الفضاء على متن الصاروخ (Ariane 5) لأنه لن يكون موجوداً في مدار حول الأرض، وهو غير مصمم لتتم خدمته من قبل مكوك فضائي.

المدار. حقوق الصورة: ناسا تكبير الصورة المدار. حقوق الصورة: ناسا

سيقوم الدرع الشمسي بحجب الضوء القادم من الشمس، والأرض، والقمر. وسيساعده هذا الأمر على البقاء بارداً، وهو أمر ضروري جداً بالنسبة لتلسكوب عامل بالأشعة تحت الحمراء. ومع دوران الأرض حول الشمس، كما هو موضح في المخطط هنا، تدور الأقمار الصناعية حول النقطة L2 كما يُمكنك رؤيتها في هذا المخطط، فهي لا تبقى ساكنه تماماً في بقعة محددة.

نقطة لاغرانج. حقوق الصورة: ناسا تكبير الصورة نقطة لاغرانج. حقوق الصورة: ناسا

ما هي قدرات الرؤية لتلسكوب هابل؟

بسبب أن الضوء يحتاج إلى العديد من السنوات للوصول إلى الأرض منطلقاً من الأجسام البعيدة، فإن ذلك يعني أننا نعود بالزمن أكثر إلى الوراء.

حقوق الصورة: ناسا ومعهد علوم تلسكوبات الفضاء تكبير الصورة حقوق الصورة: ناسا ومعهد علوم تلسكوبات الفضاء

يقارن الشكل الموجود هنا بين تلسكوبات مختلفة وبين قدرة هذه التلسكوبات على الرؤية. بشكلٍ أساسي، يستطيع هابل رؤية المجرات الشابة، في حين يستطيع ويب رؤية المجرات الطفلة. سيكون ويب قادراً على رؤية أولى المجرات لأنه تلسكوب عامل بالأشعة تحت الحمراء. تسبب الانفجار العظيم في توسع الكون، وبالتالي المجرات أيضاً، ولذلك تتحرك معظم المجرات بعيداً عن بعضها البعض.

 

تتحرك أكثر المجرات بعداً عنا بسرعة كبيرة وبحيث ينزاح الضوء الذي تُصدره نحو النهاية الحمراء من الطيف. هذا الأمر مشابه كثيراً للاستماع إلى صفارة قطار وهي تنزاح من الترددات العالية إلى المنخفضة أثناء مروره بالراصد، وبسبب الحركة السريعة للضوء القادم من بعيد، فإن المجرات ذات الانزياح نحو الأحمر الكبير تتحرك نحو

المجال تحت الأحمر، وبالتالي تُعتبر التلسكوبات تحت الحمراء مثل ويب، أداة مثالية لرصد هذه المجرات.

 

  • ماذا عن هيرتشيل؟

مرصد هيرتشيل الفضائي عبارة عن تلسكوب عامل بالأشعة تحت الحمراء تابع لوكالة الفضاء الأوروبية، ويقع هذا التلسكوب حالياً في النقطة L2، حيث سيُقيم ويب. الفرق الأساسي بين ويب وهيرتشيل هو مجال الطول الموجي حيث يعمل ويب في المجال من 0.6 إلى 28.5 ميكرون، في حين يعمل هيرتشيل في المجال من 60 إلى 500 ميكرون. تلسكوب ويب أكبر أيضاً، فقطر مرآته يبلغ 6.5 متر، مقابل 3.5 متر لتلسكوب هيرتشيل.

 

تم اختيار مجالات الأطوال الموجية لأداء علوم مختلفة، إذ يبحث هيرتشيل عن المجرات التي تجري فيها عملية تشكل نجمي نشطة جداً، والتي تُصدر معظم طاقتها عند الجزء البعيد من المجال تحت الأحمر. في حين سيكتشف ويب أولى المجرات المتشكلة في المراحل المبكرة من عمر الكون؛ وسيحتاج للقيام بذلك إلى حساسية مرتفعة للمجال القريب من تحت الأحمر.

 

نشاهد هنا صورة بالأشعة تحت الحمراء لمجرة اندروميدا (M31)، وهي ملتقطة من قبل تلسكوب هيرتشيل (اللون البرتقالي)، وتم جمعها مع صورة ملتقطة من قبل تلسكوب نيوتن XMM العامل في مجال الأشعة اكس.

صورة بالأشعة تحت الحمراء لمجرة اندروميدا (M31). حقوق الصورة: ناسا ووكالة الفضاء الأوروبية. تكبير الصورة صورة بالأشعة تحت الحمراء لمجرة اندروميدا (M31). حقوق الصورة: ناسا ووكالة الفضاء الأوروبية.


ترجمة: همام بيطار

التدقيق اللغوي: وسيم عباس


اترك تعليقاً () تعليقات