هو الرجل الذي قامت ناسا بتسمية خلف تلسكوب هابل الفضائي باسمه، فقد مُنح بناءً على برنامج أبولو القمري كما هو شائع و ليس بناءً على العلم.

جيمس ويب. حقوق الصورة: ناسا تكبير الصورة جيمس ويب. حقوق الصورة: ناسا

يعتقد العديد من الناس حالياً بأن جيمس أي ويب James E. Webb والذي قام بإدارة وكالة الفضاء منذ بداياتها في شباط/فبراير 1961 حتى أيلول/أكتوبر 1968، قد قدّم للعلم أكثر مما قدمته كل الحكومات الرسمية، و هذا ما جعل من الملائم أن يُسمى الجيل الجديد من التلسكوبات الفضائية باسمه.

 

  • برنامج متوازن

سجِل ويب بدعم علوم الفضاء سيزيد هذه التطلعات، ففي حين التزم الرئيس جون كينيدي أمام الشعب على إتمام مهمة مأهولة لتهبط على القمر قبل انقضاء عقد من الزمن، فقد اعتبر ويب البرنامج الفضائي أكثر من مجرد سباق سياسي، حيث آمن بأن ناسا عليها بلوغ التوازن بين الرحلات الفضائية المأهولة من جهة و العلم من جهة أخرى، لأن مثل هذه التوليفة ستكون بمثابة حافز لتعزيز جامعات الأمة و صناعات الطيران.

 

وكجزء من مشروع التاريخ الشفوي المقدّم في مكتبة LBJ في أوستن بولاية تكساس، ذكر فيه ويب محادثاته مع الرئيس كينيدي و نائب الرئيس ليندون جوناسون، وقد اقتبس من قوله: "حتى الآن ما زلت قلقاً، فلن أديرَ برنامجاً ليعمل مرة واحدة ثم يتوقّف حالما ننتهي، إذا أردتم منّي أن أصبح مديراً عاماً، فعلى البرنامج أن يكون متوازناً ليقوم بعمله من أجل الدولة...".

 

أنتجت تطلّعاتُ ويب لبرنامج متوازن أبحاثاً في علوم الفضاء خلال عقد من الزمن لا نظيرَ لها حتى يومنا هذا، وخلال تولّيه لمنصب الإدارة استثمرت ناسا في حقل تطوير المركبات الفضائية الروبوتية، والتي عملت على استكشاف البيئة القمرية ليستطيع روّاد الفضاء استكشافها لاحقاً، و قامت بإرسال المِجسّات العلمية إلى المريخ والزُهرة، لتُقدّم للأميركيين أول مشاهدة لهم للمناظر الغريبة في الفضاء الخارجي. وفي أوائل عام 1965 كان قد كتب ويب بأن تلسكوب الفضاء الرئيسي ـ الذي عُرف لاحقاً تلسكوب الفضاء الكبير- يجب أن يكون عرض ناسا الرئيسي.

 

و مع مرور الوقت تقاعد ويب بعد بضعة أشهر من الهبوط الأول على القمر في تموز/يوليو 1969، كانت ناسا حينها قد أطلقت أكثر من 75 مهمة فضائية علمية لدراسة النجوم و المجرات من بينها شمسنا و البيئة الفضائية فوق الغلاف الجوّي الأرضي و التي لم تكن معروفة وقتها. مهمات مثل المرصد الشمسي المداري Orbiting Solar Observatory و سلسلة المستكشف للأقمار الصناعية الفلكية Explorer Series كانت حجر الأساس للفترة الأكثر نجاحاً في تاريخ الاستكشاف الفلكي والتي لازالت مستمرة إلى هذا اليوم.

 

دعم ويب العلم خلف الأضواء أيضاً، فبعد أن شغر منصب كيث غلينان Keith Glennan وخلال فترة قصيرة تابع ويب نفس التنظيم الأساسي الذي كان قد اتبعه سلفه كيث في اختيار البرامج العلمية، بالإضافة لذلك قام ويب بتحسين دور العلماء بطرق أساسية، حيث منحهم تحكّم أوسع في اختيار آلية المهمات العلمية، و أنشأ برنامج ناسا الجامعي و الذي تم تأسيسه كامتياز للأبحاث الفضائية، حيث عمل البرنامج على تقديم التمويل اللازم لبناء مختبرات جديدة في الجامعات وتأمين المنح الجامعية للطلاب الخريجين.

 

شجّع برنامج ناسا الجامعي رؤساء الجامعات ونوّابهم على المشاركة النشطة في برنامج ناسا للعلوم الفضائية ولتأمين الدعم الشعبي لجميع برامج ناسا.

 

  • سجل مرموق

هذا السجل من الإنجازات الحافلة دفع ويب للموافقة على العمل رغم ممانعته الأولية، فقد كان ويب المواطن من ولاية شمال كارولينا مديراً ذو خبرة بالإضافة لكونه محامياً و رجل أعمال فقد شغل أيضاً منصب مدير مكتب الميزانية وكان وكيلاً لوزارة الخارجية للولاية في مديرية تورمان. كما كان ويب رئيس و نائب رئيس للعديد من الشركات الخاصة، وعضواً في مجلس إدارة شركة ماكدونالد للطيران، ولم يكن يوماً عالماً أو ذو علاقة بالهندسة، و لكنه أصبح معروفاً عندما عرض عليه الرئيس كينيدي منصب المدير العام لناسا.

 

قال ويب في أحد مقابلاته: "شعرت بأني قد وضعت نموذجاً لحياتي، ولم أكن الرجل المناسب لهذا المنصب على أية حال، فقد بدا لي الأمر بأن شخصاً ذو معرفة بعلوم الصواريخ أو الفضاء سيكون أنسب للعمل"، لكن الرئيس كينيدي لم يرَ الأمر هكذا، فقد اعتقد الرئيس كينيدي أن ويب ذو الدهاء السياسي الشديد والمهارات الإدارية الاستثنائية سيكون مثالياً للعمل، حيث أوضح الرئيس لويب بأن إدارة ناسا هي وظيفة سياسية، وأنه بحاجة لشخص قادر على التعامل مع عدد كبير من القضايا السياسية الوطنية و الدولية. أما المجتمع العلمي فقد كان قلقاً لاستلام ويب هذا المنصب، و قد رَغِب علماء الإدارة العامة في ناسا بشخص ذو اهتمام شديد بعلوم الفضاء و ذو رغبة في دعم مشاركات الجامعات في البرنامج الفضائي، لكن خلال بضعة أشهر أثبت ويب مكانته لديهم.

 

 

  • شرف ملائم

خلال ذروة برنامج أبولو أصبح لناسا 35000 موظف و أكثر من 400000 عقد مع آلاف الشركات و الجامعات في مختلف أرجاء الولايات المتحدة الأمريكية، وخلال فترة إدارة ويب استطاعت الوكالة إنجاز أعظم مشروع في تاريخ البشرية وهو هبوط أول رجل على سطح القمر، و ذلك قبل انقضاء عقد من الزمن محققاً وعد كينيدي للشعب الأمريكي.

 

وعندما أعلن مدير ناسا (شون أوكيف) الاسم الجديد للجيل القادم من التلسكوبات الفضائية قال: "من الملائم تسمية خَلَف التلسكوب هابل باسم جيمس ويب، فبفضل إنجازاته كان لنا أول لمحة للمناظر الخلّابة في الفضاء الخارجي، وقد منح أمّتنا أولى رحلاتها الاستكشافية محوّلاً الخيال إلى واقعٍ نعيشه. بالطبع وضع ويب الأساسات لناسا في واحدة من أنجح الفترات الزمنية في عمليات الاستكشاف الفلكي، وكنتيجة لذلك سنقوم بإعادة صياغة كتبنا المدرسية بمساعدة تلسكوب هابل الفضائي و مرصد الأشعة السينية تشاندرا وتلسكوب جيمس ويب".


ترجمة: مازن قنجراوي 

التدقيق اللغوي: محمد سارية سنجقدار


اترك تعليقاً () تعليقات