طريقة جديدة لعرض تيتان: إزالة البقع عنه

-- صور الرادار الخاصة بتيتان أظهرت دائماً مشهداً مليئاً بالنتوءات بسبب التشويش الإلكتروني.
-- أداة جديدة أزالت التشويش، مما أدى للحصول على صور أكثر وضوحاً من ذي قبل.


 

خلال عشر سنوات من الاكتشاف، أزاحت مركبة ناسا الفضائية كاسيني (Cassini) سِتار الضباب الذي يخفي سطح تيتان أكبر أقمار زحل. قامت جهاز الرادار على كاسيني بعمل خرائط لأكثر من نصف سطح القمر العملاق، كاشفة بذلك مساحات شبه صحراوية شاسعة من الكثبان الرملية، وسبرت أعماق البحار الهيدروكربونية الشاسعة. ما هو الشيء الذي سيجعل هذه الهبة العلمية أكثر من مدهشة؟ حسناً، ماذا لو كان ممكناُ أن تبدو صور الرادار بشكل أفضل؟

 

وبفضل تقنية تم تطويرها مؤخراً للتعامل مع التشويش في صور رادار كاسيني، أصبحت هذه المناظر تملك شكلاً جديداً بالكامل، هذه التقنية المشار إليها من قبل المطورين بإزالة البقع (despeckling) تنتج صوراً لسطح تيتان أكثر وضوحاً وأسهل للنظر من تلك الصور التي اعتاد عليها العلماء والجمهور.

 

إن صور رادار كاسيني عادةً كان لها مظهر مميز مليء بالنتوءات، هذا التشويش الناتج عن البقع (speckle noise) كان يجعل الأمور أكثر صعوبة للعلماء في تفسير الملامح الصغيرة الحجم أو التعرف على التغيرات في الصور التي أُخذت لنفس المنطقة في أزمنة مختلفة. تقنية إزالة البقع تستخدم خوارزمية لتخفيف التشويش، مما أدى الى مناظر أكثر وضوحاً والتي من الممكن أن يكون تفسيرها أكثر سهولة بالنسبة للباحثين.

حصل أنتوني لوكاس Antoine Lucas على الفكرة لتطبيق هذه التقنية الجديدة بينما كان يعمل مع أعضاء فريق رادار كاسيني عندما كان باحث ما بعد الدكتوراه في معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا في باسادينا.


ويقول لوكاس، الذي يعمل الآن في قسم الفيزياء الفلكية من مركز النووي في فرنسا (CEA): "التشويش في الصور سبب لي الصداع". مع العلم أن نماذج رياضية لمعالجة التشويش قد تكون مفيدة، بحث لوكاس من خلال ما تم نشره من قِبل المجتمع، والبعيد بشكل ما عن الناس الذين يعملون بشكل مباشر على البيانات العلمية. ووجد أن فريقاً بالقرب من باريس كان يعمل على خوارزمية إزالة التشويش (de-noising algorithm)، وبدأ العمل معهم لتبني نموذج في بيانات رادار كاسيني. أسفر التعاون عن بعض تقنيات التحليل الجديدة والمبتكرة .
يقول لوكاس: "لقد اختفى لدي الصداع، والأهم من ذلك كنا قادرين على المضي قدماً في فهمنا لسطح تيتان باستخدام التقنية الجديدة".

 

ومثلما أن الأداة كانت مفيدة، يجري استخدامها في الوقت الراهن بشكل انتقائي، ويقول راندي كريك Randy Kirk، وهو عضو فريق رادار كاسيني من المسح الجيولوجي الأمريكي في مدينة فلاغستاف، أريزونا: "هذه تقنية مدهشة، حيث قام أنتوني بعمل عظيم لإظهار أننا يمكن أن نثق به لعدم وضع ملامح في الصور التي ليست حقاً هناك"، ويقول أيضاً أن فريق الرادار سيعطي الأولوية للصور الأكثر أهمية لتطبيق التقنية عليها، ويقول كريك: "سيأخذ ذلك الكثير من الحسابات، وفي هذه اللحظة فإن التناسق التام مطلوب للحصول على أفضل النتائج لكل صورة جديدة، لذلك في الوقت الحالي نحن سنقوم بتقنية إزالة البقع فقط للصور المحيرة والأكثر أهمية".

 

لدى تقنية إزالة البقع لصور رادار كاسيني العديد من الفوائد، أظهر لوكاس وزملاءه أنه بإمكانهم إنتاج خرائط ثلاثية الأبعاد تسمى خرائط رقمية عالية (digital elevation maps) لسطح تيتان وذات جودة عالية ومُحسّنة، مع مشاهد أكثر وضوحاً للقنوات والبحيرات وخطوط الشاطئ والكثبان التي تعصف بها الرياح، بإمكان الباحثين تنفيذ تحليلات أكثر دقة للعمليات التي شكلت سطح تيتان، ويعتقد لوكاس أنه عند تحليل التشويش الناشئ عن البقع نفسه بشكل منفصل، قد يعطي معلومات حول الخصائص السطحية ودون السطحية.

 

يقول ستيفن وول Stephen Wall، نائب قائد فريق كاسيني للرادار، الذي يوجد مقره في مختبر الدفع النفاث التابع لناسا في باسادينا، كاليفورنيا: "تزودنا هذه التقنية الجديدة بنظرة أكثر حداثة حول البيانات، مما يساعدنا على فهم الصور الأصلية"، ويقول أيضا: "مع هذه الأداة المبتكرة، سنبحث عن التفاصيل التي تساعدنا على التمييز بين العمليات المختلفة التي تشكل سطح تيتان".

 

نشرت تفاصيل عن التقنية جديدة مؤخراً في مجلة Geophysical Research: Planets.
بعثة كاسيني-هيغنز هي مشروع تعاوني بين وكالة ناسا ووكالة الفضاء الأوروبية ووكالة الفضاء الإيطالية. مختبر الدفع النفاث التابع لناسا هو قسم في معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا في باسادينا، ويدير مهمة ناسا لمديرية ناسا للبعثات العلمية في واشنطن. قام مختبر الدفع النفاث(JPL)  بتصميم وتطوير وجمع المسبار كاسيني. تم بناء جهاز رادار من قبل مختبر الدفع النفاث ووكالة الفضاء الإيطالية، والعمل مع أعضاء فريق من الولايات المتحدة وعدة دول أوروبية.
 

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات