دراسة تقدّم تفسيراً للغز تكوّن الكثبان الرملية على تيتان

تيتان، أكبر أقمار زحل، مكان غريب, وخلافاً للأقمار الأخرى، لدى هذا القمر غلاف جوي كثيف, ويحتوي على أنهار وبحيرات تتكوّن من مكونات الغاز الطبيعي -مثل الإيثان والميثان ,وبالإضافة إلى ذلك، يمتلك هذا القمر كثبان تعصف بها رياح بعلوّ يصل إلى مئات الياردات وبعرض يزيد عن ميل وبطول مئات الأميال - بصرف النّظر عن البيانات التي تُشير إلى نسائم خفيفة فقط.

 

تُبيّن البحوث، التي تقودها ديفون بور (Devon Burr) _ أستاذة مشاركة في قسم علوم الأرض والكواكب في جامعة تينيسي في نوكسفيل_ أنّ الرياح على تيتان يجب أن تهبّ بسرعة أكبر مما كان يعتقد سابقاً من أجل التسبّب في تحريك الرّمال , وهو اكتشافٌ قد يفسّر كيف تشكلت الكثبان الرملية، نُشرت نتائج الدراسة في العدد الحالي من مجلة الأكاديمية الطبيعة.

 

قبل عقد من الزمان، دُهشت بور وعلماء آخرين عند مشاهدة صور المركبة الفضائية كاسيني التي أظهرت الكثبان للمرّة الأولى وهي مكوّنة من جزيئات لم تكن يُعرف بوجودها , وتقول بور: "كان الأمر مفاجئاً" . فتيتان لديه جسيمات بحجم حبات الرّمل. وما زلنا لا نفهم مصدرها بالإضافة إلى وجود رياح قوية بشكل كافٍ من أجل تحريك الكثبان. قبل رؤية الصور، كنّا نظن أن الرياح خفيفة جداً, ومن المرجح أنها غير قادرة على تحريك الكثبان".

 

تمثل اللغز الأكبر في شكل الكثبان الرملية, إذ أظهرت بيانات كاسيني أنّ الرياح السائدة التي شكّلت الكثبان هبّت من الشرق نحو الغرب, ومع ذلك، أشار المظهر المبسّط للكثبان الرملية، الموجودة حول عقبات مثل الجبال والحفر والتي تمّ إنشاؤها بواسطة الرياح، أنّها تتحرك في الاتجاه المعاكس تماماً.

 

من أجل حلّ هذا اللغز، كرّست بور ست سنوات من العمل على تجديد نفق ناسا الرّيحي ذو الضغط المرتفع وذلك من أجل محاكاة ظروف سطح تيتان, وقامت هي وفريقها برفع الضغط لمحاكاة الغلاف الجوي الكثيف لتيتان، واستخدمت مروحة النفق الريحي من أجل دراسة تحرك الرمال, وبسبب الشكوك المتعلقة بخصائص الرمال على تيتان، استخدموا 23 نوع مختلف من الرمال في النفق الريحي من أجل التقاط السلوك المحتمل للرمال فوق تيتان.

 

بعد عامين على العديد من النماذج والمعايرات، اكتشف الفريق أنّ الحدّ الأدنى لسرعة الرياح فوق تيتان يجب أن يكون أسرع بنحو 50 % مما كان يعتقد سابقاً وذلك من أجل تحريك الرمال.

 

تقول بور: "بدأنا بنماذج لسرعة الرياح السابقة. ولكن كان علينا تغيرها وتبديلها من أجل مطابقة بيانات النفق الريحي, واكتشفنا أن حركة الرمال على سطح تيتان بحاجة سرعة رياح أعلى مما تشير إليه النماذج السابقة".

 

السبب وراء التغيير والتبديل هو الغلاف الجوي الكثيف لتيتان, ولذلك فإنّ هذا الاكتشاف يتحقق أيضاً من صحة استخدام النماذج القديمة مع أجواء رقيقة، مثل المذنّبات والكويكبات, وتقول بور: "يُقدّم اكتشاف رياح ذات سرعة أعلى تفسيراً لشكل الكثبان الرملية أيضاً, فالرياح السّائدة هي الخفيفة وتهب من الشرق إلى الغرب، وليست قوية بما فيه الكفاية لتُحرّك الرمال, لكن حصول حدث نادر قد يسبّب عكس الرياح لحظيّاً وبشكل أقوى".

 

وفقاً لنماذج الغلاف الجوي، انعكست الرّيح مرتين خلال سنة زحل -التي تساوي 30 سنة أرضية تقريباً. يحدث هذا الانعكاس عندما تعبر الشمس فوق خط الاستواء، ما يسبّب تغيّراً في الغلاف الجوي وبالتالي في الرياح ,تنصّ نظرية بور على أنّ هذه الفترة الوجيزة، والتي تتضمن هبوباً لرياح سريعة، هي الأمر الذي يُقدم للكثبان الرملية شكلها الحالي. 

 

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات