مجرة أندروميدا: الخصائص، والموقع، وحقائق أخرى

تُعد مجرة أندروميدا أقرب جارة إلى مجرتنا، وهي أبعد جسم يمكنك رؤيته بالعين المجردة، لكن فقط في ليلةٍ صافية ومن موقع بسماء شديدة السواد. وهذه المجرة ذات شكل لولبي جميل، لكن هناك حقيقة قد لا تكون على علم بها، ألا وهي أننا في أمان منها لعدّة مليارات من السنين فقط؛ ذلك لأن مجرة أندروميدا في طريقها للاصطدام بمجرة درب التبانة؛ لذا سنقوم بتفسير وشرح درس قطار التدمير الكوني، بالإضافة إلى شرح موقع أندروميدا، وبنيتها، وحقائق أخرى.

 

الموقع


تقع مجرة أندروميدا في شمال الكوكبة التي تحمل اسمها، وتظهر كبقعة ضبابية طويلة في السماء، حيث ينبغي أن تبدو كلطخة دخان في السماء حتى مع التلوث الضوئي الحديث، فإذا كنت تعيش في مكان مكتظ بالسكان، فقد تواجه المزيد من المشاكل في رؤيتها، لكن المنظار سيكشف بنيتها بوضوح.

 

تمتد بقعة النجوم الضبابية على مساحةٍ شاسعة طولها في مثل عرض القمر كاملاً، وعرضها نصف عرض هذا الأخير، ومع التكبير الشديد فقط يمكننا القول بأنها تمتد لستة أضعاف ذلك الطول بشكلٍ أوسع.

 

باعتبار أندروميدا مجرة حلزونية الشكل كمجرتنا -درب التبانة- فإنها تحتوي على انتفاخ كثيف للمادة في الوسط مُحاط بقرصٍ من الغاز، والغبار، والنجوم بطول 260 ألف سنة ضوئية، وهي بذلك أطول بمرتين ونصف من طول مجرة درب التبانة، ورغم احتواء مجرة أندروميدا على ما يقارب تريليون نجم، بينما تحتوي مجرتنا -درب التبانة- على ربع إلى نصف مليار نجم، لكن مجرتنا تمتلك كتلة أكبر من كتلة أندروميدا؛ لأنه يُعتقد بأنها تحتوي كمية أكبر من المادة المظلمة.

 

تظهر المجرة بطول قمر كامل، وعرضها من نصف طوله، وتمتد على طول 2.5 مليون سنة ضوئية، وهي بذلك أبعد من أي نجم يمكنك رؤيته بالعين المجردة، تُعرف المجرة أيضاً باسم (M31)، وهي أقرب مجرة إلى درب التبانة، ويزداد قُربها منّا كل يوم.

 

مسار الاصطدام


التقارب مع أندروميدا سيكون مميتاً لمجرتنا؛ حيث أن المجرتين تسرعان باتجاه بعضهما البعض بسرعة 70 ميلاً في الثانية تقريباً (112 كيلومتراً في الثانية)، ويُقدر علماء الفلك أنها ستصطدم مع درب التبانة خلال 5 مليارات سنة.

 

بحلول ذلك الوقت، ستكون الشمس قد تضخمت لتُشكِّل عملاقاً أحمراً، وابتلعت الكواكب الصخرية؛ لذلك سيكون للأرض أمور أخرى تقلق بشأنها، مع ذلك فالتدفق الحديث للغبار من شأنه أن يعزز عملية التشكُّل النجمي في المجرة الجديدة ميلكوميدا (Milkomeda) وستغادر حتماً شمسنا –بعد أن ابتلعت كواكبها- مجرة درب التبانة، وبعد فترة فوضوية وبعدما تتشكل الأذرع بشكل جنوني من المجرتين المندمجتين، ستستقر المجرتان على هيئة مجرة بيضاوية مستوية.

 

يُعد التصادم المَجَرِّيّ جزءاً طبيعياً من تطور الكون، وفي الحقيقة تحمل كلتا المجرتين علامات تدل على اصطدامهما بمجراتٍ أخرى، حيث تتوسط أندروميدا حلقة كبيرة من الغبار معطيةً إياها شكلاً مثيراً للاهتمام، ويعتقد علماء الفلك أن هذا الغبار قد تشكل عندما ابتلعت مجرة أخرى.

 

حقائق أخرى حول أندروميدا، المجرة التي غيرت الكون


في العام 964، وصف العالم الفارسي عبد الرحمن بن عمر الصوفي Abd al-Rahman al-Sufi المجرة بـ "سحابة صغيرة'' في كتابه النجوم الثابتة (Fixed Stars) الذي يُعتبر أول تقرير معروف عن أقرب جارة لنا، وعندما عنونها شارل ميسييه بإسم (M31) عام 1764، أخذ وبشكلٍ خاطئٍ الفضل في الاكتشاف لما كان يسمى بالسديم نسبةً إلى عالم الفلك الألماني سيمون ماريوس Simon Marius، والذي قدم أول مشاهدة تلسكوبية للجسم.

 

أصبحت المجرة البعيدة في عشرينيات القرن الماضي مثيرةً للجدل وبشكلٍ كبيرٍ بين عالمي الفلك الأمريكيين هارلو شابلي Harlow Shapley وهابر كورتيس Heber Curtis؛ حيث اعتقد علماء الفلك في ذاك الوقت أن الكون بأكمله يتكون من مجرة درب التبانة والبقع الغريبة المعروفة باسم السُدُم تقع داخلها، وقد رصد كورتيس انفجاراً لنوفا في مجرة أندروميدا مؤكداً بذلك أنها مجرة منفصلة عن مجرتنا.

 

لم ينته النقاش حتى عام 1925، وذلك عندما حدد أدوين هابل Edwin Hubble نوعاً خاصاً من النجوم ضمن أندروميدا تُعرف بإسم النجم الملتهب أو قيفاوي [1] المُتغير - نجم يتمتع بخواص تسمح بقياسات دقيقة للمسافة - ولأن شابلي كان قد حدد في وقتٍ سابق عرض درب التبانة بحوالي 100 ألف سنة ضوئية فقط؛ بالتالي كشفت حسابات هابل الدقيقة أن البقعة الضبابية أبعد من أن تكون ضمن مجرة درب التبانة، خَلُص هابل باستخدام قياساته لإزاحات دوبلر [2] للمجرات على إثبات التوسع الكوني.

 

ملاحظات


[1] متغير قيفاويّ (Cepheid variable): هو أهم النجوم النابضة وأشهرها على الإطلاق، سُمّي بهذا الاسم نسبة إلى دلتا قيفاوس أول نجم مُكتشَف من هذه الفئة.

 

[2] ظاهرة دوبلر أو تأثير دوبلر (Doppler Effects): هو تغير ظاهري للتردد أو الطول الموجي عندما تُرصد الأمواج من قبل مُراقب مُتحرك بالنسبة للمصدر الموجي، يُسمي هذا التأثير بتأثير دوبلر نسبةً لدوبلر الذي اكتشف هذه الظاهرة عام 1842.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المصطلحات
  • مجرة درب التبانة-المرأة المسلسلة (Milkomeda): مجرة درب التبانة-المرأة المسلسلة أو ميلكوميدا هو مصطلح يُشير إلى المجرة التي ستنتج عن تصادم مجرة المرأة المسلسلة (اندروميدا) مع مجرة درب التبانة بعد بضع مليارات الأعوام من الآن. المصدر: Space.

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات