يمكنك الاستماع إلى المقال عوضاً عن القراءة
سبعون عاماً بعد السقط الإشعاعي الأضخم: الآثار والنتائج

في السادس من أغسطس/آب عام 1945، أطلق الطياران الأمريكيان قنبلة "الولد الصغير" (Little boy)، ليطمسا مدينة هيروشيما في اليابان. انفجرت القنبلة على بعد 600 متر فوق أحد المشافي بقوة تبلغ حوالي 12,500 طن تي إن تي. وبعد ثلاثة أيام، أطلق الأمريكيون قنبلة أخرى أكثر فعالية، تُعرف بقنبلة الرجل السمين (Fat Man)، على مدينة ناجازاكي الساحلية. 

قُتل أكثر من 100,000 شخص بسبب القوة الهائلة للمتفجرات ودرجات حرارتها الحارقة، التي وصلت إلى 4000 درجة مئوية، أي أنها ولسوء الحظ كانت حارة بما فيه الكفاية لغلي البلاط وتبخير الناس المتواجدين في المنطقة المجاورة للانفجار مباشرة. وبعد ذلك بدأ الإشعاع: رشقات نارية كثيفة من أشعة جاما عالية الطاقة والتي تشع خارجاً بشكل كروي من القنابل المتفجرة عند القوى الجسدية. أما أولئك المتواجدين بالقرب من مركز الإشعاع -النقاط الواقعة فوق مكان المتفجرات في الأرض- فقد امتصوا أعلى جرعة من الإشعاع وصلت للبشر على مر التاريخ. حيث أحرق الإشعاع الهائل ملابس الناس على أجسادهم، وقتل الآلاف في الشهر التالي بسبب التسمم الإشعاعي الحاد. 


ناجازاكي في اليابان في 24 سبتمبر/أيلول 1945 بعد ستة أسابيع من تدمير المدينة بواسطة ثاني قنبلة ذرية في العالم. المصدر: العريف لين ووكر جونير (مشاة البحرية) - وزارة الدفاع. Cpl. Lynn P. Walker, Jr. (Marine Corps) - DOD
ناجازاكي في اليابان في 24 سبتمبر/أيلول 1945 بعد ستة أسابيع من تدمير المدينة بواسطة ثاني قنبلة ذرية في العالم. المصدر: العريف لين ووكر جونير (مشاة البحرية) - وزارة الدفاع. Cpl. Lynn P. Walker, Jr. (Marine Corps) - DOD


ولكن العديد من الناجين من الانفجارات والذين تعافوا من التأثيرات المباشرة للإشعاع تُركوا ليواجهوا المستقبل الغامض: ما هي الآثار بعيدة المدى التي سوف تحدث لهم -ولأطفالهم في المستقبل بسبب تأثير الإشعاع على خلاياهم وعلى الأحماض النووية DNA بداخلها؟ في ذلك الوقت كان علم الأحياء الإشعاعي لا يزال في بدايته، ولم يسبق لأحد دراسة التأثيرات المترتبة عن إشعاع كهذا حتى عن بعد وبمقياس الأسلحة النووية. 

نتيجة لذلك، أصبح الناجون من الانفجار يمثلون إحدى أكثر الشرائح الطبية وأطولها دراسة. يذكر كيوهيكو مابوتشي Kiyohiko Mabuchi عالم الأوبئة في معهد السرطان الوطني في روكفيل في ماريلاند: "تعرض عدد كبير من السكان من شريحة واسعة من الأعمار من الرجال والنساء إلى مجموعة واسعة من الجرعات الإشعاعية. ولذلك يمكننا استقراء النتائج على العديد من الشعوب الأخرى."


في الواقع، استخدمت هذه النتائج من الدراسة لعقود طويلة على الناجين لوضع معايير التعرض للإشعاع في جميع أنحاء العالم. ولكن على نحو متزايد، تصبح هذه المعايير قديمة. 


في عالم اليوم، بسبب التعرض المستمر للأشعة الطبية والسفر الجوي وانتشار الطاقة النووية على نطاق واسع، أصبح الناس أكثر عرضة لتلقي جرعات منخفضة من الإشعاع المنتشرة على مدى سنوات أو عقود، بدلاً من الجرعات المركزة. ويقول كثير من علماء الأحياء الإشعاعي أن الدراسات المخبرية على الحيوانات تشير إلى أن الجرعات المنخفضة من غير المحتمل أن تكون ضارة، ويمكن في بعض الحالات أن تساهم في تحسين الصحة، ولكن المنظمين يشعرون بالقلق من أن مثل هذه الدراسات لا يمكن تطبيقها بسهولة على البشر. يبدو أن الشيء الوحيد الذي يتفق عليه العلماء هو أن هناك حاجة إلى معايير أكثر تطوراً. ولكن في نهاية الأمر سيمكن لأي شخص تخمين تلك المعايير.



تعاون بحثي طويل المدى 


بدأت الدراسات لآثار الإشعاع على الناجين من القنبلة الذرية في عام 1946 مع لجنة ضحايا القنبلة الذرية التي تقودها الولايات المتحدة، والتي تحولت فيما بعد إلى شراكة أميركية-يابانية معروفة باسم "مؤسسة بحوث تأثيرات الإشعاع" (Radiation Effects Research Foundation)، أو اختصاراً RERF، ومقرها الآن في هيروشيما. جاءت "دراسة المدى العمري" (Life Span Study LLS) -وهو برنامج بحثي للتحقيق في الآثار الصحية مدى الحياة للناجين- من مؤسسة بحوث تأثيرات الإشعاع لتشمل حوالي 94,000 ناجٍ من الانفجار والذين كانوا على بعد بضعة كيلومترات من أحد المراكز المتفجرة، ومجموعة أخرى "مجموعة التحكم" مكونة من 26,000 شخص من الأشخاص الذين كانوا أبعد ولم يتلقوا أي إشعاع كبير من القنابل.
 


صورة من لجنة ضحايا القنبلة الذرية في 1945، لصبي تعرض للإشعاع في ناجازاكي. المصدر: المتحف الوطني للصحة والطب، معهد القوات المسلحة لعلم الأمراض.
صورة من لجنة ضحايا القنبلة الذرية في 1945، لصبي تعرض للإشعاع في ناجازاكي. المصدر: المتحف الوطني للصحة والطب، معهد القوات المسلحة لعلم الأمراض.

تعقبت اليابان الأورام بدقة في مواطنيها منذ 1950، وهذا قدّم لعلماء RERF الكثير من البيانات التي يحتاجون إليها. بالإضافة إلى ذلك، يقوم جزء من الأشخاص التابعون لشريحة الدراسة بإجراء الاختبارات الطبية مرة واحدة كل سنتين.

ويقول روي شور Roy Shore، عالم الأوبئة الذي تقاعد مؤخراً من RERF: "ليست هناك أي دراسة أخرى [لآثار الإشعاع] يمكن أن تطابق هذه الدراسة من حيث القوة الإحصائية ودقة التقديرات."


قام علماء RERF بإعادة ترتيب جرعات الإشعاع التي تعرض لها كل الناجين بدقة، على أساس المسافة التي ذكر الشخص أنه متواجد فيها من مركز الانفجار النووي والمباني وغيرها من المواد كانت تفصل بين الشخص والانفجار لتُوفر أي نوع من الوقاية من الإشعاع. قام علماء يعملون في وزارة الطاقة (DOE) في مختبر لوس ألاموس الوطني في نيو مكسيكو بإنشاء قنبلة الولد الصغير للتأكد من فهم كيفية نشر القنبلة لإشعاعها في جميع أنحاء هيروشيما، والتي يعتبر تصميمها الآن بدائياً مقارنة بالقنابل التي صُمِّمت في وقت لاحق.

يعرف العلماء حتى قبل عام 1945 أن الإشعاع يمكن أن يُحوّل الجينات ويسبب السرطان، لذلك لم يكن مفاجئاً أن معدل السرطانات التي ظهرت في الناجين أعلى من المعدلات المعتادة. كان الأثر الأول موجة من سرطان الدم (leukemia)، والتي بلغت ذروتها في أوائل 1950. وبحلول عام 2000، بلغ عدد المتوفين من شريحة الدراسة 310 شخص بسبب سرطان الدم، ويقدّر علماء RERF أن 103 من هذه الوفيات يمكن أن يعزا سببها إلى الإشعاع الصادر عن القنابل.

بعد اكتشاف أن الجينات مشفرة في الدي إن ايه DNA في بداية 1950، بدأ العلماء بالكشف عن العملية التي يحوّل فيها الإشعاع الخلايا إلى خلايا سرطانية. بحسب افتراض مابوتشي ظهر سرطان الدم أولاً لأن خلايا الدم التالفة تصبح سرطانية بسهولة أكثر من الخلايا الأخرى، وأضاف أن العلماء حتى الآن لم يفهموا تماماً كيف أن التغييرات التي يقوم بها الإشعاع في الخلايا تؤدي إلى السرطان لدى الناس.

وفي الوقت نفسه، تراكمت ببطء حالات السرطان مع الأورام الصلبة والتي تعزا إلى الإشعاع على مدار الدراسة. ووفقاً لأحدث البيانات الصادرة عن RERF أصيب الناجون من القنبلة بحوالي 853 ورم سرطاني، وذلك يزيد عنه في مجموعة التحكم. وعلى سبيل المقارنة، قدّر الباحثون بأن شريحة الدراسة أصيبت بحوالي 16,595 ورم من أسباب أخرى، مثل التدخين والنظام الغذائي، والعوامل الوراثية والبيئية الأخرى. ووجد الباحثون أيضاً بين الناجين نسباً صغيرة من أمراض القلب والشرايين وأمراض أخرى، وظروف أكثر بساطة مثل إعتام عدسة العين، ولم يجدوا أي أضرار وراثية أو أمراض سرطان تظهر في أطفال الناجين، على الرغم من أن الأطفال الذين ولدوا في الأشهر التي تلت التفجيرات عانوا من مشاكل عصبية بشكل أعلى من المعدلات الطبيعية.

خلال دراسات متتالية، وجد علماء RERF أنه كلما زادت جرعة الإشعاع التي استقبلها الناجي كانت فرصة إصابته بالسرطان في إحدى فترات حياته أكبر. وقد تحولت هذه العلاقة إلى أن تكون خطية تماماً تقريباً، وهذا يعني أن مضاعفة الجرعة الإشعاعية يضاعف من خطر الإصابة بسرطان. وقد ثبتت هذه العلاقة بغض النظر عن الجنس والعمر عند التعرض للإشعاع، ونوع السرطان، مع استثناء واحد وهو سرطان الدم الذي يتزايد خطر الإصابة به بشكل أسرع؛ عند الجرعات العالية، فمضاعفة جرعة الإشعاع تزيد من خطر الإصابة بسرطان الدم لأربعة أضعاف تقريباً.

وقد أكدت الدراسات على المجموعات الأخرى التي تعرضت للإشعاع، بما في ذلك طواقم تنظيف الحادث النووي والعاملين في محطات الطاقة النووية والمستشفيات الذين يتلقون جرعات الإشعاع الصغيرة بانتظام، على العلاقة الخطية التي عثر عليها علماء RERF. أدت هذه النتائج مجتمعة إلى ما يسمى بنظرية "لاعتبة الجرعة الخطية" (linear no-threshold LNT)، وتنص على أنه مهما كانت جرعة الإشعاع التي يتعرض لها الشخص، سيزيد لديه خطر الاصابة بالسرطان. وبعبارة أخرى، تخطئ منظمات وضع معايير التعرض للإشعاع عادةً على جانب من الحذر، على افتراض أنه حتى أصغر جرعة ممكنة من الإشعاع تقدم بعض المخاطر.



ما حجم خطورة الجرعة المنخفضة؟


ولكن العديد من العلماء يشككون في هذا الافتراض. في كل من دراسة RERF والدراسات الوبائية الأخرى، فإن أمراض السرطان في الأشخاص الذين تلقوا جرعات أقل من حوالي 100 ملي زيفرت (sieverts) "هي وحدة شائعة الاستخدام لقياس جرعة الإشعاع" نادرة بحيث تصبح مهملة إحصائياً. ومائة ملي زيفرت هي جرعة كبيرة بحسب معايير الحياة الطبيعية، فعلى سبيل المقارنة، فإن مسح الرأس بالأشعة المقطعية CT يؤدي إلى الحصول على حوالي 2 ملي زيفرت، كما أنه إذا ما سافر أحد ما جواً عبر الولايات المتحدة فإنه يتلقى نحو واحد إلى خمسين من هذا الرقم أي 40 مايكرو زيفرت.

وعلاوة على ذلك، لا يمكن لعلماء الأوبئة السيطرة على جرعات أو معدلات الجرعات التي يتلقاها عنصر من شريحة الدراسة، ويحتمل أن تحد من تطبيق النتائج التي توصلوا إليها. ويقول غايل ولوشاك Gayle Woloschak عالم الأحياء في كلية فاينبيرغ في جامعة نورثوسترن للطب، في شيكاغو في إلينوي: "وقعت القنبلة الذرية في ضربة واحدة، تعرض الناس للإشعاع، وبعد ذلك هذه هي النتيجة. ماذا سيحدث إذا كنت تعيش بالقرب من مكب النفايات، أو شيء من هذا القبيل؟ أنت تتحدث عن التعرض المزمن لمعدل منخفض من الجرعة يومياً."


وأضاف نوري ناكامورا Nori Nakamura عالم الأحياء وعالم كبير سابق في RERF: "حتى مع أقصى قدر من الرعاية لا تزال الجرعات إلى حد ما غير مؤكدة." وقد واجه الناجون من القنبلة الذرية تمييزاً في المعاملة بسبب مخاوف سيئة نشأت حول الآثار طويلة الأمد للإشعاع، بحيث أصبح لديهم حافز قوي إلى المبالغة في تقدير البعد الذي كانوا فيه عن مركز الانفجار النووي. بالإضافة إلى ذلك، أشار ناكامورا بأنه يقال أنه سقط "المطر الأسود" المروع على هيروشيما بعد ساعات من التفجير. كم من الإشعاع أرسلت هذه الأمطار؟ لا أحد يعرف مطلقاً. يحاول ناكامورا تسوية المسألة من خلال تحليل مينا الأسنان للناجين من القنبلة، الذي يسجل بشكل لا لبس فيه التعرض للإشعاع. ولكن الحصول على أسنان سليمة أمر أصعب بكثير من سحب الدم مثلاً. ويضيف: "استغرق الأمر 10 أعوام بالنسبة لي لجمع 300 سن" وكثير من تلك الأسنان أثبتت عدم جدواها لدراسته، لأنها كانت متحللة أو مغطاة بالمعادن، ولا تزال الدراسة جارية.

للحصول على صورة أكثر اكتمالاً لآثار الإشعاع، تحول علماء الأحياء مثل ولوشاك وناكامورا إلى دراسة الحيوانات والخلايا. فهم يستطيعون في هذه التجارب السيطرة على جرعة دقيقة من الإشعاع، وكذلك ما إذا كانت متلقاة دفعة واحدة أو دفعات صغيرة على مر الزمن. وبإمكانهم عمل التجربة على العديد من الحيوانات كما يسمح لهم التمويل. وقد قضىت مئات الآلاف من الفئران وعشرات الآلاف من الكلاب في سبيل هذه القضية.


وقال أنطون بروكس Antone Brooks، عالم الأحياء الإشعاعي وكبير العلماء السابق لبرنامج بحوث طاقة الجرعة المنخفضة في وزارة الطاقة، أدت البيانات من الدراسات البيولوجية إلى عدة "تحولات نوعية". يفهم علماء الأحياء الآن أن الإشعاع لا يتسبب بتلف الحمض النووي مباشرة وحسب، بإمكانه أن يؤثر أيضاً على الأجهزة الخلوية التي تسيطر على ما إذا كان أي من الجينات "يعمل" أو "لا يعمل" في الخلية، والذي بدوره يحدد أي بروتينات تنتجها الخلية. وبالمثل، فإن الخلايا المتواجدة بجانب الخلية التي أصيبت مباشرة من الإشعاع يمكن أن تستجيب أيضاً، ربما عن طريق قتل الخلايا التالفة لحماية البنية الجسمية.

يقول العديد من الخبراء أن الدراسات البيولوجية توفر أدلة متزايدة على أن الجرعات المنخفضة من الإشعاع من غير المحتمل أن تكون ضارة، ويمكن أن توفر في بعض الحالات الحماية ضد جرعات أعلى ربما تتلقاها في وقت لاحق، عن طريق إحداث خلية لتنشيط الجينات المسؤولة عن الدفاع ضد الإشعاع، ويعرف علماء الأحياء هذا بالاستجابة التكيفية. تشير الدراسات أيضاً إلى أن الجرعات المنخفضة المتراكمة على مر الزمن تتسبب بضرر أقل من نفس الجرعة الإجمالية عند التعرض لها في ضربة واحدة، كما هو الحال في تفجيرات 1945. وخلاصة القول، كما يقول بروكس، هو أنه بالمقارنة مع عوامل مثل النظام الغذائي والتدخين والوراثة، فإن "الإشعاع ليس السبب الأهم."

ولكن العلماء يقولون أنه بقدر ما تعلموا حتى الآن، إلا أن هناك الكثير مما هم بحاجة إلى تعلمه، وبالأخص حول كيفية تأثير جرعات مختلفة ومعدلات الجرعات على معدل تعرض الناس للمرض. ومع ذلك، فإن وزارة الطاقة، والممول الرئيسي لهذه الدراسات في الولايات المتحدة، كان لديها كل شيء ولكنها أنهت برنامجها لبحوث الإشعاع للجرعات المنخفضة. وكان على ولوشاك شخصياً إنقاذ أرشيف القسم الفريد من نوعه من الفئران المشعة وأنسجة الكلاب بعد أن هددت الإدارة برميه خارجاً وذلك بسبب حاجتها للمساحة؛ فالأرشيف يقع الآن في جامعة نورثويسترن، حيث يمكن للباحثين دراسة العينات باستخدام التقنيات الأكثر تقدماً مما كانت عليه عندما تم القيام بالتجارب الأصلية. ويقول ولوشاك "لا أحد سيقوم بإعادة تجربة 49,000 فأر مرة أخرى."



مستقبل أبحاث الجرعة المنخفضة


تبدو النتائج الأخيرة من علم الأحياء وعلم الأوبئة متباينة، حيث جمعت أحدث دراسة وبائية رئيسية، والتي نشرت في يونيو/ حزيران في مجلة لانسيت هيماتولوجي Lancet Haematology، أكثر من 300,000 عامل في المجال النووي في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا ووجدت مخاطر قليلة زائدة من أنواع معينة من سرطان الدم حتى في حالات التعرض لأقل من 100 ملي زيفرت خلال العمر. ولكن المشككين تساءلوا عن بعض الأساليب الإحصائية في الدراسة، وجادلوا بأن الاختلافات بين البلدان والتعرض للإشعاع خارج العمل، مثل التعرض له أثناء الفحوصات الطبية، لم تكن مضمونة في الدراسة.

في محاولة لزيادة القوة الإحصائية لعلم الأوبئة، قام جون بويس John Boice، رئيس المجلس الوطني للحماية من الإشعاع والقياسات في بيثيسدا بولاية ميريلاند، وأشخاص آخرون بإطلاق "دراسة المليون عامل" (Million Worker Study)، وهذه الدراسة تجمع سكان الولايات المتحدة الجنود والبحارة والعمال في المجال النووي والعاملين في المجال الطبي الذين تعرضوا لجرعات منخفضة على المدى الطويل. وفي الوقت نفسه، فإن أوروبا تكثف برنامج البيولوجيا الإشعاعية الخاص بها، وكذلك يدعو البعض في الولايات المتحدة، مثل رئيس لجنة العلوم في مجلس النواب لامار سميث Lamar Smith، لاستثمارات جديدة في بحوث الإشعاع. ولكن يتفق الخبراء في المستقبل القريب على أنه من غير المرجح أن تنتهي المشكلة. 

منذ 9 أغسطس/آب 1945، تعرض عدد قليل من الناس لسلاح نووي من مسافة قريبة، ولكن التعرض للإشعاع القليل جداً أصبح جزءاً من الحياة اليومية. ورغم وجود أدلة تذكر أن الجرعات المنخفضة من الإشعاع تتسبب بالسرطان لدى البالغين (وتشير بعض الأدلة إلى أن أجسام الأطفال النامية أكثر عرضة)، لايزال كثير من الناس يتجنبون الأشعة الطبية وأجهزة المطارات، ويخشون الطاقة النووية. 

القنبلة الذرية هي أقوى سلاح مادي تعرضت له مجموعة من البشر على الإطلاق، وقد يكون السلاح النفسي الأقوى أيضاً. فعلى الرغم من أنه حدث قبل 70 سنة وفي عالم مختلف تماماً، إلا أنه عندما يتعلق الأمر بالإشعاع فإن "الولد الصغير" و"الرجل السمين" لا يزالان يحددان المعايير.




ملاحظات:


مكافئ تي إن تي أو مكافئ TNT (بالإنجليزية: TNT equivalent) هي وحدة تستخدم لتقدير الطاقة الناتجة عن انفجار، وهي ليست من وحدات النظام الدولي للوحدات. وتنطبق القيمة على كل طاقة ناتجة عن انفجار أي لا تقتصر فقط على طاقة الحركة التي تنتج مثلاً من قنبلة نووية والتي تشكل نسبة قليلة فقط من مجمل الطاقة الصادرة. ولذلك فإن تقدير شدة انفجار نووي على أساس كمية من متفجر مثل TNT يعتبر تقريبياً.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

اترك تعليقاً () تعليقات