ماهو الفرق الحقيقي بين القنابل الذرية والقنابل الهيدروجينية؟

سحابة عيش الغراب (أو سحابة الفطر) التي تظهر من الاختبار الأول للقنبلة الهيدروجينية "إيفي مايك" Ivy Mike كما صُورت في جزيرة الإينويتاك Enewetak، وهي جزيرة مرجانية في المحيط الهادي، عام 1952.

مصدر الصورة: رويترز Reuters.


ادّعت كوريا الشمالية إطلاقها لقنبلة هيدروجينية وذلك يوم الأربعاء الواقع في 6 كانون الثاني/يناير (بتوقيتها المحلي). وفي الوقت الذي لا يزال فيه الخبراء يتحرّون صحّة هذا الأمر، إذ تشكك الولايات المتحدة بذلك، إلا أنه من الواضح أن نوعاً ما من الانفجاريات النووية قد حدث.

تختلف القنبلة الهيدروجينية عن القنبلة الذرية العادية، كتلك التي ألقتها الولايات المتحدة على اليابان بحلول نهاية الحرب العالمية الثانية. حيث بلغ مجمل ضحايا القنبلتين الذريتين اللتين ألقتهما الولايات المتحدة على هيروشيما وناغازاكي أكثر من 200000 شخص. إلا أن القنبلة الهيدروجينية هي وحش مختلف كلياً عن ذلك، إذ تفوق طاقتها طاقة القنبلة الذرية بـ 1000 مرة تقريباً، وذلك وفقاً لخبراء نوويين، وإليكم السبب.

الانشطار مقابل الاندماج


عادت كوريا الشمالية لتختبر قنابل ذرية في الأعوام 2006 و2009 و2013، ونتجت الانفجارات عن الانشطار، وهو انقسام الذرات إلى ذرات أصغر. وذرات العناصر الثقيلة ذات النشاط الإشعاعي كالبلوتونيوم واليورانيوم هي المناسبة للقيام بهذا الانشطار. 

ينتج عن كل انشطار أو انقسام ذريّ انطلاقُ كمية كبيرة من الطاقة، وهو الأمر نفسه الذي تقوم به محطات الطاقة النووية لتوليد الطاقة وإيصالها إلى منزلك. على العموم، في حال تراصت الذرات وهي قريبة جداً من بعضها، عندها يتسارع التأثير المتبادل بين الذرات ليسبب انقسام المزيد من الذرات في آن واحد، وبالتالي انطلاق مقدار كارثي من الطاقة.

في الأسفل، نجد شكلا توضيحياً مقدماً من رويترز لنموذجين مختلفين من القنابل الذرية، والهدف من كلٍّ منهما بدء انفجارات تقليدية (باستخدام مواد متفجرة تقليدية كنترات الأمونيوم التقنية Technical Ammonium nitrate او اختصاراً (tan) وذلك لضغط المواد الانشطارية، كعنصر البلوتونيوم 239 (الأزرق)، أو اليورانيوم 235 (الأصفر)، إلى الكتلة فوق الحرجة التي تؤدي إلى انقسام الذرات على هذا النحو الجنوني.

القنبلة الموجودة في اليسار، فهي نوع من القنابل الانشطارية ذات الانفجار الداخلي (القنابل الانفجارية the implosion-type)، من مثل قنبلة الرجل البدين the Fat Man التي أُلقيت على ناغازاكي، وهي تضغط كل المواد نحو الداخل.


أما القنبلة في اليمين فهي قنبلة انشطارية من نمط المدفع (النظام المصوب the gun-type) كقنبلة الولد الصغير the Little Boy التي ألقيت حينها على هيروشيما، وفيها يُقذف القسم الأجوف من اللب النووي في مركزه تماماً لإيصاله إلى الكتلة فوق الحرجة.

القنابل الذرية
القنابل الذرية


إلا أن ما تفعله القنابل الهيدروجينية يفوق ذلك حدّة بكثير. تعتمد هذه القنابل على اتحاد ذرتين وأكثر عبر تفاعل يدعى الاندماج fusion، وهذه العملية هي ما يمد النجوم كشمسنا بالطاقة التي تجعلها شديدة الحرارة والتوهج، ونذكر هذا لإعطائكم فكرة عن الطاقة الكامنة للقنابل الاندماجية.

ويكمن السبب في ارتياب الخبراء بامتلاك كوريا الشمالية لقنبلة هيدروجينية، هو صعوبة حدوث الاندماج على الأرض، فهذه الأسلحة بالغة التعقيد، ويعد تصنيعها أمراً صعباً، فضلاً عن صعوبة تفجيرها بالتسلسل الصحيح تماماً.

ويصرح يانغ يوكي Yang Uk، وهو باحث مشارك في منتدى كوريا للأمن والدفاع، للغارديان البريطانية أنه في حال كان هذا الاختبار حقيقياً، فمن المرجح أن يكون ما اختبرته كوريا الشمالية هو قنبلة انشطارية "معززة"، وليست قنبلة اندماجية حقيقية، وكل ما نحتاجه هو إلقاء نظرة على هذه القنابل من الداخل لفهم سبب ارتيابهم.

في الأسفل نجد رسماً توضيحياً آخر يظهر لنا قنبلة ذرية مخصبة وقنبلة هيدروجينية. وفي كلا السلاحين، يعد نوع خاص من الهيدروجين الثقيل أو الديتيريوم (الأخضر) أمراً أساسياً، فهو يسبب انقسام المزيد من الذرات القابلة للانشطار، وبالتالي انطلاق المزيد من الطاقة في الوقت نفسه.

ومع ذلك، لبدء الاندماج نحن بحاجة طن من الطاقة، وهذا يفسر ضرورة انفجار القنبلة الانشطارية أولاً، وبالتالي تتألف القنبلة الهيدروجينية في الحقيقة من قنبلتين: قنبلة اندماجية وقنبلة انشطارية.

 

قنبلة هيدروجينية
قنبلة هيدروجينية


داخل القنبلة الهيدروجينية، تحرر القنبلة الانشطارية المُخصبة "boosted fission bomb" مطلقة تيارات هائلة ومفعمة بالطاقة من الأشعة السينية، والمركزة بدقة على القنبلة الاندماجية، ويحدث ذلك قبل أن تؤدي موجة الصدمة shockwave إلى انفجار القنبلة الهيدروجينية، ويعود ذلك بالمناسبة إلى كون الأشعة السينية تنتقل بسرعة الضوء ولا ينطبق الأمر عينه على موجات الصدمة.

تؤدي هذه التيارات من الأشعة السينية إذاً إلى انفجار القنبلة الاندماجية، لتولد انفجاراً يملك من الطاقة ما يكفي لاندماج مجموعة من الذرات، محولاً بعضاً من هذه المواد إلى طاقة صافية، وتحفز بذلك انفجاراً أقوى بكثير من الانفجار الذري العادي بشكل مخيف.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المصطلحات
  • الانهيار (Implosion): انهيار عنيف باتجاه الداخل، أي انفجار نحو الداخل. المصدر: ناسا

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات