إذا كانت جميع المجرات تتحرك بعيدا عن بعضها وبسرعة متزايدة، كيف يمكن لها أن تتصادم؟

 

 

"كالمحتفلين على سفينة، ستستمر المجرات في مجموعتنا المحلية بالتصادم والتفاعل بطرقٍ كثيرة وملفتة للنظر، لكن سنبقى نبتعد وإلى الأبد عن المحتفلين على متن السفن الأخرى التي تُبحر بعيدا عنا في الكون الواسع". 

 

 
تُهيمن قوى متنافسة على ديناميكا الكون، وتتأثر هذه القوى بتغير المسافات، ولذلك يمكن للقوى المحلية أن تتغلب على القوى الكونية في مناطق منفصلة. وفي الواقع، تتحرك كل المجرات بعيدا عن بعضها البعض وبمعدلات سرعات متزايدة عند المسافات التي تتجاوز العناقيد المجرية. يكون التجاذب الثقالي المتبادل بين مجرتين عند تلك المسافات صغيرا جدا على أن يؤدي إلى تأثير معتبر. ولذلك تخضع هذه المجرات، عند مسافات كتلك، للتوسع الكوني بمعدلات أكبر أو أقل حسب المسافة الفاصلة بينها. لكن يختلف الأمر عندما يتعلق بالجيران المحليين لمجرة. ففي هذه الحالة، هناك تجاذب ثقالي قد يكون فعال جدا وتصير التفاعلات بين المجرات هنا أكثر إثارة بكثير. 

 

 
يُعتقد أن الطاقة المظلمة هي مسبب التسارع التوسع الكوني، وهي من يُقدم القوة التي تقود هذا التوسع. وفي الوقت نفسه، لا تنخفض هذه الطاقة أو تتميع أثناء توسع الكون. أما قوى الجذب الثقالي الناتجة عن بقية المادة والطاقة في الكون فتعمل ضد هذا الدفع القوي جدا للطاقة المظلمة.

 

 
في البداية، كان الكون أكبر كثافة بكثير مما هو عليه اليوم، وكانت قوى الجذب الثقالي في ذلك الحين هي الرابح في المعركة عند سلالم القياس الكبيرة والصغيرة أيضا. وفي ذلك الوقت، تكاثفت سحب الغاز لتُشكل النجوم والمجرات، وبدأت المجرات بالاقتراب من بعضها لتُشكل العناقيد المجرية.

 

 
لو وُجدت مادة أكثر في ذلك الوقت، لأمكن حينها للكون أن يعود فينهار من جديد حتى قبل أن يكسب الفرصة ليتسارع. لكن تميَّع كلٌ من المادة والطاقة وخفت قوتها مع زيادة حجم الكون، ولذلك بدأت الطاقة المظلمة تهيمن على المشهد ببطء. ومنذ حوالي 6 مليارات عام مضت وحتى الآن، يستمر معدل توسع الكون بالتسارع (أي قبل حوالي مليار عام من تشكل الأرض). 

 

 
ومع ذلك، تستمر الرقصة الكونية، فالمجرات التي بدأت تتجاذب معا قبل بدء الكون بالتوسع، لا زالت تملك الفرصة كي تصطدم مع بعضها البعض. وفي المجمل، شكَّلت هذه المجرات أجزاء كثيفة من الكون، واستمرت الجاذبية بالهيمنة على هذه الأجزاء. تقع مجرة المرأة المسلسلة (اندروميدا) في جوارنا، وهي في الحقيقة في طريقها إلينا، وستحصل أول مواجهة معها في غضون بضع مليارات من الأعوام القادمة. 

 

 
تتكون مجموعتنا المحلية من اندروميدا، وسحب ماجلان، وحوالي 35 مجرة أخرى؛ وتقع جميعها في عنقود أكبر هو العذراء وسنرحل معا عبر الكون المتوسع. أما الكون فينقسم اليوم إلى جيوب من التفاعلات التي ستنجرف لوحدها عبره. وكالمحتفلين على سفينة، ستستمر المجرات في مجموعتنا بالتصادم والتفاعل بطرق كثيرة وملفتة للنظر، ولكن سنبقى نبتعد وإلى الأبد عن المحتفلين على متن السفن الأخرى التي تُبحر بعيدا عنا في الكون الواسع. 

 

 
حول الصورة: توضح الصورة NGC 3256 حيث تتصادم مجرتان ببطء. يقع هذا المشهد على بعد 100 مليون سنة ضوئية من الأرض.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات