المستعرات الفائقة: السوبرنوفا

إن المستعر الفائق، أو السوبرنوفا هو انفجار نجم ما في الفضاء، وللسوبرنوفات أهمية بالغة في مجرتنا، فهي تعمل على تسخين الأوساط النجمية، ونشر العناصر الثقيلة في كافة أرجاء المجرة، كما تقوم بتسريع الأشعة الكونية. لكن، ما الذي يُودي بالنجوم إلى الانفجار؟ وهل هناك أكثر من نوع من السوبرنوفات؟
يبدو في الحقيقة أنه يوجد نوعين مختلفين من السوبرنوفات: أحدها ذلك الذي يحدث لنجمٍ وحيد وضخم، ونوع آخر هو الذي يحدث لقزمٍ أبيض موجود في نظام نجمي ثنائي جراء عملية امتصاصه للنجم المرافق.


النوع الأول: السوبرنوفا الناشئة عن نجم وحيد وضخم


تنتهي حياة النجوم التي تكبر كتلة شمسنا بحوالي 8 مرات أو أكثر بشكل أكثر إثارة من غيرها، فهي تنفجر على شكل سوبرنوفا. ويحدث ذلك عندما يقل الوقود اللازم لعملية الانصهار في قلب النجم عن الحد اللازم لإنتاج ضغط للخارج يُضاهي قوة سحب الجاذبية للداخل، والتي تتناسب مع كتلة النجم الضخمة. يبدأ النجم بالتضخم ليُصبح ما نسميه بـ "العملاق الاحمر" في بداية تلك المرحلة؛ إذ أنَّ لون النجم يكون أحمراً على الأقل من الخارج. بينما في الداخل، يبدأ قلب النجم بالانكماش تحت تأثير قوة الجاذبية ليصبح أكثر حرارة وأكثر كثافة. هذا ما يحفز سلسلة جديدة من التفاعلات النووية لم تكن ممكنة سابقاً.


يقوم ذلك بعملية انهيار للنجم مؤقتاً. غير أن هذا الأمر لا يطول للأسف. فبعد أن تتحول كل العناصر الموجودة داخل القلب إلى عنصر الحديد، لا يبقى فيه شيء لإنتاج الطاقة (فنتيجة لتركيب ذرة الحديد، لا يؤدي انصهارها إلى إنتاج أي طاقة، مما يعني عدم جدواها) فيتوقف الانصهار داخل القلب.


في أقل من ثانية واحدة، يبدأ النجم في دخول آخر مراحل الانهيار الثقالي، حيث ترتفع درجة حرارة القلب إلى ما يفوق الـ 100 مليار درجة سيليزية أثناء تصادم ذرات الحديد مع بعضها البعض. ورغم وجود قوى تنافر بين الأنوية موجبة الشحنة، فإن قوة الجاذبية تنتصر عليها. ولذلك ينضغط القلب ومن ثمَّ يرتدّ، فتنتقل طاقة الارتداد تلك على شكل موجات حتى تصل إلى سطح النجم، فينفجر ويُنتج ما نسمية بموجة الصدمة (Shock Wave). وعندما تُصادف تلك الأمواج مواداً معينة عند سطح النجم، تقوم بتسخينها وبالتالي صهرها مما يؤدي إلى إنتاج عناصر ونظائر مشعة جديدة. ومن ثمَّ تعمل نفس الأمواج تلك على دفع تلك المواد إلى الفضاء. نُطلق على تلك المواد اسم "بقايا السوبرنوفا".


وكل ما يتبقى من النجم هو قلب صغير مُدمج (شديد الكثافة) يتكون بمعظمه من النيوترونات، ولذلك نُسميه حينها "النجم النيوتروني"، أما إذا كان النجم المنفجر شديد الضخامة (أكبر 15 مرة أو أكثر من الشمس)، فحتى النيوترونات عندها لا تقوى في تلك الحالة على الصمود جراء انهيار القلب ليتشكل بالتالي ثقب أسود. وتقوم المواد الملتهبة الناتجة عن الانفجار، والنظائر المشعّة، والإلكترونات الحرة المتحركة في الحقل المغناطيسي للنجم النيوتروني بإنتاج أشعة غاما وأشعة سينية، وهي عبارة عن فوتونات عالية الطاقة يستغلها الفلكيون في دراسة ظاهرة السوبرنوفا ودراسة النجوم النيوترونية.


النوع الثاني: انفجار القزم الأبيض انفجاراً نووياً – حرارياً


يحدث نوع آخر من السوبرنوفات على شكل انفجار مفاجئ لقزم أبيض موجود في نظام نجمي ثنائي. إن القزم الأبيض هو آخر مراحل حياة بعض النجوم التي كانت كتلتها تساوي ثمانية أضعاف كتلة شمسنا أو أكثر، ولكن القزم الأبيض الذي يتبقى يتمتع بكتلة أقل من 1.4 ضعف كتلة الشمس، بينما يصل حجمه إلى حجم الأرض فقط!


وغالبا ما يكون رفيق القزم الأبيض في النظام النجمي عبارة عن عملاق أحمر. ويحدث أحياناً أن يكون النجمين قريبان جداً من بعضهما البعض بشكلٍ يسمح بانسياب المادة من العملاق الأحمر نحو القزم. وما أن تصل كتلة القزم المتزايدة إلى حوالي 1.4 ضعف كتلة الشمس وهو ما يُسمى بحد تشاندراسكار (Chandrasekhar threshold) يفوق الضغط على قلب النجم الحد اللازم لصهر ذرات الأكسجين والكربون، مما يؤدي إلى انصهارهما داخله بشكلٍ عشوائي، ومن ثمَّ انفجار النجم انفجاراً نووياً حرارياً تاماً. بحيث لا يتبقى أي شيء من النجم عدا بعض العناصر المتناثرة التي هربت من القزم المنفجر، أو تلك التي تكونت نتيجة انصهار العناصر المختلفة خلال حدوث السوبرنوفا. ومن ضمن تلك العناصر التي تقوم السوبرنوفا بتكوينها نجد عناصر مشعة كالنيكل الذي يُحرر كميات ضخمة من الطاقة يُوجد بعضها في طيف الضوء المرئي.


من الجدير بالملاحظة أن تطور هذه السوبرنوفات يميل إلى أن يكون متشابهاً.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات