لماذا يرصد علماء الفلك الشمس عند أطوال موجية مختلفة؟

يُقدم التقاط صورة بكاميرا قياسية للشمس مشهداً مألوفاً: قرص مائل اللون إلى الصفرة، وبلا مميزات، ومن الممكن أن يكون مائل اللون إلى الأحمر عندما تكون الشمس بالقرب من الأفق لأن ضوء الشمس في هذه الحالة سيتحرك مسافة أطول عبر الغلاف الجوي للأرض وبالتالي يفقد الأطوال الموجية الزرقاء قبل أن يصل هذا الضوء إلى عدسة الكاميرا. في الحقيقة، تُصدر الشمس الأضواء بكل ألوانها، وبما أن الضوء الأصفر هو أكثر الأطوال الموجية لمعانا لذلك فإن هذا اللون هو الذي يصل إلى العين المجردة—أي عبر عدسة الكاميرا لعدم قدرة الشخص على النظر مباشرة إلى أشعة الشمس. وعندما تجتمع جميع الألوان المرئية معا، يُسميها العلماء الضوء الأبيض. 


على أية حال، بإمكان الأدوات المختصة والموجودة على متن التلسكوبات الأرضية أو التلسكوبات الفضائية رصد جميع الأضواء التي تتوضع خارج النطاق الذي تتحسسه العين البشرية المجردة. وتُعطي الصور التي يتم الحصول عليها عند أطوال موجية مختلفة معلومات مختلفة حول مكونات سطح الشمس وغلافها الجوي، ولذلك يستخدم العلماء هذه الصور من أجل رسم صورة كاملة للشمس، نجمنا المتغير بشكل مستمر. 


على سبيل المثال، يصدر اللون الأصفر ذو طول الموجة 5800 انغستروم بشكل عام من قبل المواد الموجودة عند درجة حرارة 10000 فهرنهايت (حوالي 5700 درجة سيلسيوس مئوية)، وتمثل درجة حرارة سطح الشمس. ومن ناحية أخرى، تصدر الأضواء فوق البنفسجية الشديدة من قبل ذرات موجودة عند درجة حرارة تبلغ حوالي 11 مليون فهرنهايت (حوالي 6300000 درجة سيلسيوس مئوية)، ودرجة الحرارة هذه هي حرارة التوهجات الشمسية، التي يمكنها الوصول إلى درجات الحرارة هذه. 


ومن خلال رصد الشمس عند أطوال موجية مختلفة، يمكن للعلماء معرفة كيف تتحرك الجسيمات وتنتقل الحرارة عبر الغلاف الجوي للشمس (هذه المراقبة عند أطوال موجية مختلفة تتم من خلال التلسكوبات التالية: المرصد الديناميكي الشمسي الديناميكي SDO، ومرصد العلاقة الأرضية الشمسية STEREO، ومرصد الهليوسفير والشمس SOHO).  


نحن نرى المجال المرئي من الضوء لأن الشمس ببساطة مكونة من غاز حار، حيث تُنتج الحرارة الضوء كما يحدث هذا تماما في الشمع. لكن عندما تصبح الأطوال الموجية أقصر، تقوم الشمس بإصدار الأشعة فوق البنفسجية وأشعة اكس لأن الشمس مليئة بأنواع مختلفة من الذرات، وكلٌ من هذه الذرات يُصدر ضوءاً بطول موجي معين عندما تصل إلى درجات حرارة معينة. 


لا تحتوي الشمس على أنواع مختلفة من الذرات فقط –على سبيل المثال: الهيدروجي والهليوم والحديد- وإنما أيضاً ذرات تمتلك شحنات مختلفة أو ما ندعوه بالأيونات، ويمكن لكل أيون أن يُصدر ضوء له طول موجي مختلف عن أيون آخر عند درجات حرارة معينة. ومنذ بدايات عام 1900، قام العلماء بتصنيف الذرات والأطوال الموجية التي تصدر عنها. وتم توثيق النتائج في قوائم يمكن أن تصل إلى المئات من الصفحات. 


تستخدم التلسكوبات هذه المعلومات المتعلقة بالأطوال الموجية بطريقتين. أولاً، يمكن وبالاعتماد على المحلل الطيفي رؤية هذه الأطوال الموجية وتسجيل كم يوجد منها لكل طول منها على حدا وقياسه. ويُساعدنا هذا الأمر بتكوين فهم لتأثير مجالات درجة الحرارة في المواد على الشمس. لا تظهر الرسومات الطيفية مثل الصور النموذجية، لكنها تُوضح كمية كل نوع من أنواع الضوء على حدا.  


من ناحية أخرى، تُوجد أجهزة تنتج صور للشمس تركز على طول موجي معين دون غيره. وفي بعض الأحيان، لا يكون من النوع المرئي من قبل العين المجردة. على سبيل المثال، يختار علماء SDO عشرة أطوال موجية لرصد الشمس، ويُنجز ذلك عبر جهاز التصوير للغلاف الجوي AIA. ويعتمد كل طول موجة على نموذج صادر عن أيون أو اثنين في الأكثر؛ ولذلك تبدو الأضواء الناتجة عن المواد ذات الأطوال الموجية الأقصر والتي يتم إنتاجها من قبل أيونات أخرى غير متغيرة في الصورة. ويتم اختيار كل طول موجي لتسليط الضوء على جزء معين من الغلاف الشمسي. 

ويُمكننا تلخيص الأطوال الموجية الخاصة بالمرصد الديناميكي الشمسي كالتالي -واحدتها الانغستروم:  

  • 4500: تُرينا سطح الشمس أو الفوتوسفير. 
     
  • 1700: تُرينا سطح الشمس وأيضا طبقات من الغلاف الجوي لها، وهي تلك الطبقات التي تدعى الكروموسفير وتوجد مباشرة فوق الفوتوسفير حيث ترتفع فيها درجة الحرارة. 
     
  • 1600: تُرينا مزيج من الطبقة العليا من الفوتوسفير والمنطقة الانتقالية، وهي المنطقة الموجودة بين الكروموسفير والطبقة العليا من الغلاف الجوي الشمسي والتي تسمى الكورونا (الإكليل). والمنطقة الانتقالية هي منطقة ترتفع فيها درجة الحرارة بشكل كبير وسريع جدا. 
     
  • 304: تصدر هذه الأضواء من الكروموسفير والمنطقة الانتقالية. 
     
  • 171: يُرينا هذا الضوء الإكليل عندما يكون هادئا، والحلقات المغناطيسية الضخمة المسماة الحلقات الإكليلية.  
     
  • 193: يُرينا هذا الضوء عموما القسم الأسخن من الإكليل، والمواد الأكثر سخونة الموجودة في التوهجات الشمسية. 
     
  • 211: يُرينا المناطق النشيطة مغناطيسيا والساخنة جدا في الإكليل.  
     
  • 355: يُرينا أيضا المناطق النشيطة مغناطيسيا والساخنة جدا من الإكليل.  
     
  • 94: يُسلط الضوء على مناطق الإكليل أثناء حصول التوهجات الشمسية.
     
  • 131: يُرينا هذا الضوء المواد الأكثر سخونة في التوهجات الشمسية. 

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات