هل تساءلتم يوماً كيف تسطع الشمس؟ نقدم لكم في هذا الجزء الثالث والأخير سبب سطوع الشمس. وفي حال لم تطلعوا على الجزئين الأول والثاني من السلسلة، ننصحكم بمراجعة الرابط التالي للجزء الأول، والرابط التالي للجزء الثاني. قراءة ممتعة للجميع.
اختبار فرضية الاحتراق النووي
يتقدم العلم نتيجة الصراع بين النظرية والتجربة، بين التأمّل والقياس. وقد أشار إدينجتون في نفس المحاضرة التي تطرق فيها لاحتراق نواة الهيدروجين في النجوم للمرة الأولى ، قائلا:
أعتقد أن على عالم الرياضيات التطبيقية، الذي اجتازت نظريته لتوها اختبارا أكثر صرامة بواسطة الرصد، ألا يشعر بالرضا، بل بخيبة الأمل - "لقد هُزمتُ مرة أخرى! فقد كنت آمل هذه المرة في أن أجد نشازا ما قد يلقي الضوء على النقاط التي يمكن تعديلها في نموذجي".
هل هناك أي سبيل لاختبار نظرية أن الشمس تسطع لأن الهيدروجين يحترق إلى هيليوم عميقا في باطنها؟ يبدو، للوهلة الأولى، أنه من المستحيل إجراء اختبار مباشر لفرضية الاحتراق النووي؛ إذ يستغرق الضوء حوالي عشرة ملايين سنة ليتسرب من مركز الشمس إلى سطحها، وعندما يظهر أخيرا في أبعد المناطق الخارجية منه، فإن الضوء يخبرنا بشكل رئيسي عن الأوضاع في تلك المناطق الخارجية. على الرغم من ذلك، هناك وسيلة لـ "رؤية" باطن الشمس بواسطة النيوتريونات، تلك الجسيمات الغريبة التي اكتُشفت أثناء محاولة فهم لغز آخر.[1]
اكتشاف، تأكيد، ثم المفاجأة
النيوترينو هو جسيم دون ذري يتفاعل تفاعلا ضعيفا مع المادة ويتنقل بسرعة هي، جوهريا، سرعة الضوء. تُنتَج النيوترينوات في النجوم عند حرق نواة هيدروجين إلى نواة هيليوم. كما أنها تُنتَج أيضا على الأرض في مسرعات الجسيمات والمفاعلات النووية وفي النشاط الإشعاعي الطبيعي. واستنادا إلى عمل هانز بيته وزملائه، فأننا نعتقد أن العملية التي تولد بها نجوم، من مثل الشمس، الطاقة، من الممكن ترميزها بالعلاقة:
\(^{1}_4H \rightarrow ^4H+2e^++2v_e+energy \)
التي تُحرق بموجبها أربعة من نوى الهيدروجين (\(^1H\)، والبروتونات) إلى نواة واحدة من الهليوم (\(^4HE\)، الجسيمات)، بالإضافة إلى إلكترونين إيجابيين (\(e^+\)) ونيوتريونين (\(v\))، بالإضافة إلى الطاقة. وكما بين آتسون، فإن هذه العملية تطلق طاقة النجم، حيث أن أربعة من ذرات الهيدروجين أثقل من ذرة هيليوم واحدة. إن مجموعة التفاعلات النووية التي تغذي طاقة أشعة الشمس ذاتها، تُنتَج أيضا النيوتريونات، التي يمكن البحث عنها في المختبر.
من الصعب رصد النيوتريونات، بسبب تفاعلاتها الضعيفة. ما مدى هذه الصعوبة؟ إن فرصة إيقاف مادة أرضية ما لنيوترينو شمسي يمر على امتداد الأرض، تبلغ أقل من واحد في الألف مليار. ووفقا للنظرية القياسية، يمر ما يقارب مئة مليار نيوترينو شمسي عبر إبهامك في كل ثانية، ولا تلاحظها. تستطيع النيوتريونات التنقل بدون تأثّر عبر الحديد بنفس قدر ما يمكن للضوء أن يقطعه من مسافة في مائة عام عبر الفضاء الحالي.
في العام 1964 اقترحتُ أنا وريموند ديفيز جونيور Raymond Davis Jr أن تجربة يستخدم فيها 100,000 غالون من سائل تنظيف (بيركلور الإيثيلين perchloroethylene، الذي يتألف في معظمه من الكلور) قد تقدم اختبارا حاسما لفكرة أن تفاعلات الاندماج النووي هي المصدر الأساسي للإشعاع الشمسي.
وقد جادلنا بأنه لو صح فهمنا للعمليات النووية في باطن الشمس، فهذا يعني أن النيوتريونات الشمسية سوف تحتجز بمعدل يستطيع ديفيز قياسه بواسطة خزان كبير مليء بسائل التنظيف. عندما تتفاعل النيوتريونات مع الكلور، فإنها تُنتِج أحيانا النظائر المشعة لغاز الأرجون. وقد بين ديفيز في وقت سابق أنه يستطيع استخلاص كميات ضئيلة من الأرجون، الذي أُنتج بواسطة النيوترينو، من كميات كبيرة من بيركلور الإيثيلين. لإجراء تجربة النيوترينو الشمسي، كان على ديفز أن يكون مذهلَ الألمعية، حيث أنه وفقا لحساباتي وحدها، سيتم إنتاج عدد قليل من الذرات أسبوعيا من كمية تملأ حوض سباحة أولومبي من سائل التنظيف.
كان دافعنا الوحيد للحث على إجراء هذه التجربة، هو استخدام النيوتريونات
لتمكننا من رؤية باطن النجم، ومن ثَمّ التحقق مباشرة من صحة فرضية توليد الطاقة النووية في النجوم.
وكما سنرى، لم نتوقع أنا وديفيس بعض الجوانب الأكثر إثارة للاهتمام لهذا الاقتراح.
أجرى ديفيس التجربة، وفي العام 1968 أعلن عن نتائجها الأولية. لقد قاس نيوتريونات أقل من العدد الذي تَوقْعتهُ. ومع صقل التجربة والنظرية، بدا الخلاف أشد. فقد ابتهج العلماء بالكشف عن النيوتريونات الشمسية، لكنهم حاروا في سبب انخفاض عددها عن المتوقع.
ما الخطأ؟ هل فهْمُنا لكيفية سطوع الشمس غير صحيح؟ هل ارتكبت خطأً في حساب المعدل الذي ستُحتجز فيه النيوتريونات الشمسية في خزان ديفيس؟ هل كانت التجربة نفسها خطأ؟ أو، هل حدث شيء ما للنيوتريونات بعد أن صُنعت في الشمس؟
على مدى السنوات العشرين التالية، فحص مئات، وربما آلاف من علماء الفيزياء والكيميائيين وعلماء الفلك، كثيرًا من الاحتمالات المختلفة. [2] وقد بدا أنّ كلا من التجربة والحساب النظري كانا صحيحين.
ومرة أخرى، أنقذت التجربة الفكر الخالص. في العام 1986، قامت مجموعة من علماء الفيزياء اليابانين، بقيادة ماساتوشي كوشيبا Masatoshi Koshiba ويوجي توتسوكا Yoji Totsuka، إلى جانب زملائهم الأمريكيين، يوجين بيير Eugene Beier وألفريد مان Alfred Mann، بإعادة تجهيز خزان ضخم للمياه صمم لقياس استقرار المادة. وزاد أصحاب التجربة من حساسية مسبارهم، لكي يصبح بمثابة مرصد كبير تحت الأرض للنيوتريونات الشمسية. كان هدفهم هو استطلاع سبب الخلاف الكمي بين المعدل المتوقع والمعدلات المقيسة في تجربة الكلور.
كذلك، رصدت التجربة الجديدة في جبال الألب اليابانية (وتسمى كاميو كاندي Kamiokande) النيوتريونات الشمسية. علاوة على ذلك، أكدت تجربة كاميو كاندي أن معدل النيوترينو كان أقل مما توقعته الفيزياء القياسية والنماذج القياسية للشمس. كما بيّنت أن النيوتريونات المرصودة جاءت من الشمس.
وفي أعقاب ذلك رُصدت نيوتيرونات من باطن الشمس، لكلّ منها خصائصها المختلفة، بواسطة عدة تجارب في روسيا (تجربة SAGE، بقيادة غافرين V. Gavrin) وفي إيطاليا (تجربة GALLEX، ولاحقا، تجربة GNO، بقيادة كل من كرستين T. Kirsten وبيلوتي E. Belotti، على التوالي) ومرة أخرى في اليابان (تجربة سوبر كاميوكاندي، بقيادة توتسوكا Y. Totsuka وسوزوكي Y. Suzuki). وفي كل كاشف كان عدد النيوتريونات المرصودة أقل قدرا مما تنبأت به النظرية القياسية.
ما معنى كل هذه النتائج التجريبية؟
لقد رُصدت النيوتريونات التي تُنتج في مركز الشمس في خمس تجارب. وبيّن الرصد مباشرة أن مصدر الطاقة التي تبثها الشمس هو اندماج نوى الهيدروجين في باطن الشمس. وبذلك، فإن جدل القرن التاسع عشر بين علماء الفيزياء النظرية وعلماء الجيولوجيا وعلماء الأحياء، قد حُسم تجريبيا.
يعدّ التوافق بين مشاهدات النيوترينو والنظرية جيدا من وجهة نظر الفيزياء الفلكية، حيث أن طاقات النيوتريونات الشمسية التي رُصدت مطابقة للقيم التي تنبأت بها النظرية. ومعدلات رصد النيوترينو كانت أقل من المتوقع، ولكنّ معامل الفرق لم يكن كبيرا. أما المعدّل المتوقع لوصول النيوترينو إلى الأرض، فيعتمد تقريبا على القوة 25 من درجة الحرارة المركزية للشمس، T × T × ... T (25 معاملا من معاملات الحرارة T). ويبيّن التوافق المُنجز (توافق بحدود معامل من 3) أننا قد قسنا تجريبيا درجة الحرارة المركزية للشمس بدقة تصل إلى بضعة أجزاء من المئة. وبالمناسبة، لو أن أحدأ قال لي في العام 1964 أن عدد النيوتريونات المرصودة من الشمس سيكون ضمن معامل من 3 من القيمة المتوقعة، لذُهلت وابتهجت.
في الواقع، إن التوافق بين المشاهدات الفلكية العادية (باستخدام الضوء بدلا من النيوتريونات) والحسابات النظرية للخصائص الشمسية، هو أكثر دقة بكثير. وتبين دراسات البنية الداخلية للشمس، باستخدام المكافئ الشمسي لعلم الزلازل الأرضية (أي مشاهدات الاهتزازات الشمسية)، أن توقعات النموذج القياسي الشمسي لدرجات الحرارة في المناطق المركزية من الشمس متّسقة مع المشاهدات بدقة تبلغ من 0.1 في المئة على الأقل. في هذا النموذج القياسي، يبلغ العمر الحالي للشمس خمسة مليارات عام. وهذا متّسق وتقدير الحدّ الأدنى لعمر الشمس الذي وضعه علماء الجيولوجيا وعلماء الأحياء في القرن التاسع عشر (بضع مئات من ملايين السنين).
بما أن النماذج النظرية للشمس تصف المشاهدات الفلكية بدقة، فما الذي يمكن أن يفسر الاختلاف بمقدار معامل أو معاملين أو ثلاث معاملات، بين معدلات النيوترينو المقيسة والمعدلات المتوقعة؟
فيزياء جديدة
اضطر علماء الفيزياء وعلماء الفلك لإعادة النظر في نظرياتهم مرة أخرى. وهذه المرة، لم يكن التعارض بين تقديرات مختلفة لعمر الشمس، بل بين توقعات تستند إلى نظرية مقبولة على نطاق واسع وقياسات مباشرة لجسيمات أنتجت بواسطة الاحتراق النووي في باطن الشمس. أحيانا، يشار إلى هذا الوضع بأنه لغز النيونتريونات المفقودة، أو، في لغة تبدو أكثر علمية، مشكلة النيونترينو الشمسي.
منذ وقت مبكر مثل العام 1969، اقترح عالمان يعملان في روسيا، هما برونو بونتيكورفو Bruno Pontecorvo وفلاديمير غريبوف Vladimir Gribov، أن التعارض بين النظرية القياسية وتجربة النيوترينو الشمسي الأولى يمكن أن يُعزى إلى عدم ملاءمة وصف الكتاب المدرسي لفيزياء الجسيمات، وليس للنموذج القياسي للشمس. (وبالمناسبة، كان بونتيكورفو أول من اقتراح استخدام كشاف الكلور لدراسة النيوتريونات). وقد لمّح غريبوف وبونتيكورفو إلى أن النيوتريونات تعاني من اضطراب تعدد الشخصية، وأنها تتذبذب جيئة وذهابا بين حالات أو أنواع مختلفة.
وفقا لاقتراح غريبوف وبونتيكورفو، تُنتَج النيوتريونات في الشمس في خليط من الحالات الفردية، وهو نوع من انفصام الشخصية. الحالات الفردية لها كتل مختلفة صغيرة، عوضا عن الكتل الصفرية التي نسبتها لها النظرية القياسية للجسيمات. وفي أثناء انتقالها من الشمس إلى الأرض، تتذبذب حالة النيوتريونات بين حالة يسهل رصدها وحالة يصعب رصدها. تجربة الكلور ترصد النيوتريونات التي في الحالة التي يسهل رصدها فقط. فإذا وصل كثير من النيوتريونات إلى الأرض وهي في الحالة التي يصعب رصدها، فإنها لا تُحتسب. سيبدو الأمر وكأنّ بعضا أو كثيرا من النيوتريونات قد تلاشت، وهذا ما قد يفسر لغز النيوتريونات المفقودة ظاهريا.
بناء على هذه الفكرة، بيّن كل من لينكولن ولفينشتاين Lincoln Wolfenstein في العام 1978 وستانيسلاف مايكييف Stanislav Mikheyev واليكسي سميرنوف Alexei Smirnov في العام 1985، أن آثار المادة على النيوتريونات التي تتحرك خلال الشمس قد تزيد من احتمال تذبذب النيوتريونات، إذا ما اختارت الطبيعة أن تمنحها كتلا من نطاق معين.
كما أن النيوتريونات تُنتَج أيضا بفعل اصطدام جسيمات الأشعة الكونية بجسيمات أخرى في الغلاف الجوي للأرض. في العام 1998 أعلن مجربو فريق تجربة سوبر كاميو كاندي أنهم لاحظوا تذبذبات بين نيوتريونات الغلاف الجوي. ولقد وفرت هذه النتيجة دعما غير مباشر لهذا الاقتراح النظري الذي يقول بأنّ النيوتريونات الشمسية تتذبذب بين حالات مختلفة. وباستذكار الماضي، يعتقد كثير من العلماء العاملين في مجال النيوتريونات الشمسية أن الدليل على تذبذبات النيوتريونات الشمسية كان بحوزتنا منذ العام 1968.
إلا أننا لا نعرف حتى الآن ما الذي يسبب اضطراب تعدد الشخصية في النيوتريونات الشمسية. وربما وفرت الإجابة عن هذا السؤال دليلا للفيزياء يتجاوز النماذج القياسية الحالية للجسيمات دون الذرية. هل يحدث تغير الهوية أثناء انتقال النيوتريونات إلى الأرض من الشمس، وفق اقتراح غريبوف وبونتيكورفو الأصلي؟ أو هل تؤدي المادة بالنيوتريونات الشمسية إلى أن "تشطح"؟ هناك تجارب تُجرى في كندا وإيطاليا (ثلاث تجارب) واليابان (تجربتان) وروسيا والولايات المتحدة، في محاولة لتحديد سبب تذبذبات النيوتروينات الشمسية، وذلك بواسطة معرفة مقدار وزنها، وكيف تتحول من نوع إلى آخر. وقد توفر كتل النيوترينو غير الصفرية دليلا على منحى لم يُكتشف بعد من حقول النظرية الفيزيائية.
الطبيعية: لغز باهر
لقد كَتَبت الطبيعة لغزا باهرا. تتغير حبكة هذا اللغز باستمرار، وتأتي أهم القرائن من أبحاث تبدو غير ذات صلة. وتبدو هذه التغيرات المفاجئة والجذرية في المشهد العلمي، هي أسلوب الطبيعة في الكشف عن وحدة كل العلوم الأساسية.
تبدأ الأحجية في منتصف القرن التاسع عشر بلغز: كيف تسطع الشمس؟ وعلى الفور تقريبا، تنقلب الحبكة إلى أسئلة عن مدى السرعة التي يحدث بها الانتخاب الطبيعي وما هو معدل نشأة التكوينات الجيولوجية. وقد أعطت أفضل فيزياء نظرية في القرن التاسع عشر إجابة خاطئة عن كل هذه الأسئلة. وقد جاء أول تلميح للإجابة الصحيحة عندما شارف القرن التاسع عشر على الانتهاء، من اكتشاف النشاط الإشعاعي بواسطة صفائح فوتوغرافية صارت قاتمة بطريق الخطأ.
أما الاتجاه الصحيح للبحث عن حل مُفصّل، فقد تجلّى من خلال اكتشاف نظرية النسبية الخاصة في العام 1905، وبواسطة قياس كتل الهيدروجين والهيليوم في العام 1920، وبواسطة تفسير ميكانيكا الكم لكيفية اقتراب الجسيمات المشحونة من بعضها البعض في العام 1928. ولم تكن هذه الأبحاث الحاسمة مرتبطة مباشرة بدراسة النجوم.
بحلول منتصف القرن العشرين، صار بوسع علماء الفيزياء النووية والفيزياء الفلكية أن يحسبوا نظريا معدل الاحتراق النووي في بواطن النجوم أمثال الشمس. ولكن، ما أن ظننا أننا فهمنا الطبيعة، حتى بينت التجارب أنه قد تم رصد عدد من النيوتروينات الشمسية على الأرض أقل مما توقعته النظرية القياسية عن كيفية سطوع النجوم وكيفية تصرف الجسيمات دون الذرية.
عند بداية القرن الحادي والعشرين، عرفنا أن النيوتريونات الشمسية تخبرنا، ليس فقط عن باطن الشمس، بل وتخبرنا أيضا شيئا عن طبيعة النيوتريونات. ولا أحد يعرف ما المفاجآت التي ستكشف عنها تجارب النيوترينو الشمسية الجديدة، سواء الجارية منها أو المخطط لها. إن الخصوبة والظرافة التي كتبت بها الطبيعة لغزها، بلغة دولية يستطيع قراءتها كل الفضوليين من كلّ الأمم، لهي غاية في الجمال والمهابة والإعجاز.
ملاحظات
[1] في رسالة وجهها في العام 1930 إلى زملائه من علماء الفيزياء، اقترح فولفغانغ باولي وجود النيوتريونات أول مرة باعتبارها "مهرب اليائس" من عدم حفظ الطاقة الظاهري في بعض الاضمحلالات المشعة (وتسمى -decays) التي كانت تنبعث منها الإلكترونات. وفقا لفرضية باولي، التي طرحها بتردد كبير، فالنيوتريونات جسيمات مراوغة تهرب بالطاقة المفقودة في الـ -decays. وقد وضعت النظرية الرياضية للـ -decay بواسطة انريكو فيرمي في العام 1934 في ورقة رفضتها مجلة نيتشر، لأنها "تتضمن تكهنات بعيدة جدا عن الواقع بحيث أنها بلا فائدة للقارئ". وقد اكتشفت النيوتريونات من مفاعل نووي، لأول مرة، بواسطة كلايد كوان وفريد رينس في العام 1956.
[2] ربما كان الاقتراح الأكثر إبداعا، هو اقتراح ستيفن هوكينغ، الذي أشار إلى أن المنطقة الوسطى من الشمس قد تحتوي ثقبا أسودَ صغيرا، وأنّ هذا ربما كان هو السبب في أن عدد النيوتريونات المشاهدة أقل من العدد المتوقع.