ربما تَعرف أنّ جسدك مصنوع من خلايا، وهذه الخلايا أصغر جداً من أن تتمكن من رؤيتها بالعين المجردة. لكن هل لك عِلمٌ بأن داخل كلٍ من هذه الخلايا مئات الآلات الأصغر أيضاً؟
تقوم هذه الآلات الجزيئية نانوية الحجم بمهام مثل تحطيم الغذاء، وبناء بروتينات جديدة، وتقلُّص العضلات، فهي تؤدي كل المهام الصغيرة التي تسمح لجسدك بالنمو والعمل!
إحدى أهم تلك الآلات الموجودة في الخلايا هي الإنزيمات (enzyme)، المعروفة بمحفّز أدينوزين ثلاثي الفوسفات (adenosine triphosphate) أو اختصاراً ATP. يُصنّع هذا المُحفز الـ ATP، الذي يُغذي كل الآلات الجزيئية الأخرى، ويُمكن تحطيم الـ ATP إلى أدينوزين ثنائي الفوسفات (adenosine diphosphate) أو اختصاراً ADP، وبعدها إلى الفوسفات ليُحرر الطاقة.
لفهم آلية تصنيع جسدك لوقود الـ ATP، تخيّل في البداية أنك موجود في غرفة مزدحمة مع العديد من الناس، ولاحظت وجود بابٍ دوّار يقود إلى غرفة لا يُوجد أحد داخلها، ماذا ستفعل في هذه الحالة؟
ستقرر على الأرجح الاندفاع عبر الباب الدوّار لتصل إلى المكان الأقل ازدحاماً، وسيفعل العديد من الناس الأمر ذاته.
تتصرف البروتونات (ذرات الهيدروجين التي فقدت إلكترونها، أو كصيغة كيميائية +H) بالطريقة نفسها؛ فعند وجود العديد منها على أحد جوانب غشاء الخلية، فإنها تفضل العبور نحو الجانب الأقل ازدحاماً.
أثناء تلك العملية، فهي تعبر خلال مُحفز الـ ATP، وتدوّره أثناء عبورها، مما يؤدي إلى تحويل بروتينات الإنزيمات الموجودة خارج الغشاء؛ وتُحول الطاقة -التي تم ربحها جرّاء الدوران- الـ ADP والفوسفات من جديد إلى ATP.
أي أن مُحفز الـ ATP يستفيد في هذه الحالة من البروتونات العابرة للغشاء حتى يُحول الـ ADP إلى وقود الـ ATP.
مُحفز الـ ATP هو مجرد واحدة من بين العديد من الآلات الجزيئية التي تعمل داخل جسدك الآن؛ وقد ألهمت تلك الآلات الجزيئية الطبيعية العلماء ليستخدموا التقنيات النانوية (nanotechnology) لصناعة آلات ومحركات جزيئية في المختبرات.
