يمكنك الاستماع إلى المقال عوضاً عن القراءة
سلسلة أنظمة الدفع: الجزء الرابع الدفع بواسطة المحرِّك النفّاث التضاغطي

هذا المقال هو جزء من سلسلة أنظمة الدفع، يمكنكم الاطلاع على أجزائها الأخرى لاستكمال الفهم عبر الروابط التالية: القوة الدافعة، مروحة الدفع، قوة دفع محركات التوربين الغازية، نظام دفع طائرة السكرام جيت، الدفع الصاروخي.


الدفع thrust هو القوة التي تُحرّك أيّ مركبة جوية aircraft في الهواء، وتتولد هذه القوة بواسطة نظام الدفع propulsion system الخاص بالمركبة، وتولِّد أنظمة الدفع المختلفة قوى الدفع بطرقٍ مختلفةٍ، ولكن جميع هذه الطرق تنتج عن بعض تطبيقات قانون نيوتن الثالث للحركة، حيث إن لكلّ فعلٍ رد فعلٍ مساوٍ له في الشدّة ومعاكسٌ له في الاتجاه.

يُسرِّع النظامُ مائعَ العمل في جميع أنظمة الدفع، ومن ثم يقوم رد الفعل لهذا التسارع بتطبيق قوة على النظام. ومن خلال اشتقاقٍ عامٍّ لمُعادلة الدفع تبيَنّ أن كمية الدفع المولَّدة تعتمد على تدفُق الكتلة خلال المحرك، وأيضًا على سرعة الخروج exit velocity الخاصة بالغاز. ويستخدم المهندسون تحليل الديناميكا الحرارية للمحرِّكات النفّاثة التضاغطية (الرامجت) ramjet لحساب كمية الدفع وتدفق الوقود، وذلك من أجل تصاميمَ معينة.

طُوِّرت بدايةً في أوائل القرن العشرين بعض الأفكار الأساسية المُتعلِّقة بالنفّاثات التضاغطية ramjet في أوروبا. ويولَّد الدفع بواسطة انطلاق العادم الساخن من الفوّهة (العادم الساخن الناتج عن احتراق الوقود)، حيث تقوم الفوّهة بتسريع التدفق، ليقوم رد فعل هذا التسارع بتوليد قوى الدفع. وللحفاظ على التدفق خلال الفوّهة لا بُدّ من حصول الاحتراق عند مستوى ضغط أعلى من مستوى الضغط الموجود عند نهاية الفوّهة.

ويُنتَج الضغط العالي في المحرِّكات النفّاثة التضاغطية بواسطة "حشو" الهواء الخارجي إلى داخل حجرة الاحتراق Combustor وذلك باستغلال السرعة الأمامية للمركبة.

ويلعب الهواء الخارجي الذي يُدخَل إلى نظام الدفع دور مائع العمل working fluid بطريقةٍ مشابهةٍ لعمل المحرِّك النفّاث العنفيّ turbojet، حيث يُنتَج الضغط المرتفع المتواجد في حجرة الاحتراق في المحرِّكات النفّاثة العنفيّة بواسطة قطعة آليّة تُسمَّى الضاغط compressor، ولكن لا وجود لهذه القطع الآلية في المحرِّكات النفّاثة التضاغطية، لذلك تكون أخفّ وأبسط من المحرِّكات النفّاثة العنفيّة.

ويُنتَج الدفع في المحرِّكات النفّاثة التضاغطية فقط عندما تكون المركبة مُتحركة، حيث إنها لا تستطيع إنتاج الدفع عند ثباتها. لهذا فلا بُدّ من وجود نظام دفع آخر يعطي المركبة السرعة المناسبة ليبدأ المحرِّك بإنتاج الدفع المطلوب. وكلما ازدادت سرعة المركبة ازدادت معها كفاءة المحرِّك التضاغطي في إنتاج الدفع وهكذا إلى أن تُصبح خسائر الديناميكا الهوائية aerodynamic عاملًا مسيطرًا.

ويحدث الاحتراق الذي يُنتِج الدفع في الرامجت بسرعةٍ أقلّ من سرعة الصوت في حجرة الاحتراق. أما بالنسبة للمركبات التي تسافر بسرعة تفوق سرعة الصوت فلا بُدّ من إبطاء الهواء الذي يدخل إلى المحرِّك عن طريق مدخل المركبة لسرعةٍ دون سرعة الصوت.


وتسبب الموجات الصادمة التي تَحدث في مدخل المركبة خسائرَ في نظام الدفع، حيث يصبح دفع الرامجت غير فعّال فوق درجة 5 ماخ، لكن نظام احتراق الرامجت فوق الصوتيّ الجديد supersonic combustion ramjet والمُسمّى اختصارًا بـ "سكرامجت" scramjet يحلّ هذه المشكلة عن طريق أداء الاحتراق في الموقد بسرعةٍ فوق صوتية.

تظهر أعلاه صورة للمركبة X-15 وهي طائرة تعمل بطاقة الصورايخ مع محرِّك نفّاث تضاغطي مُعلَّق تحت الهيكل، وصورة لنفق الرياح wind tunnel المُستخدَم لاختبار صاروخ في مقدمة الرامجت.


وفي كلا نوعَي أنظمة الدفع، يُستخدم الصاروخ لإيصال الرامجت إلى السرعة المطلوبة قبل إنتاجها للدفع. ولأن الرامجت تستخدم الهواء الخارجي من أجل الاحتراق، فإنها تُعدّ نظام احتراقٍ أكثر فاعليةً للطيران في الغلاف الجوي من أنظمة الصواريخ التي يجب أن تحمل الكثير من الأوكسجين، ولذلك فالرامجت مناسبة تمامًا من أجل التحليق بسرعاتٍ عاليةٍ في الغلاف الجوي.

ويتيح لك البرنامج التفاعلي EngineSim اختبار تصميم المحرِّك النفّاث التضاغطي، كما يمكنك تعلُّم أساسيات الدفع للمحرِّكات النفّاثة التضاغطية بواسطة المحاكاة في هذا البرنامج.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

اترك تعليقاً () تعليقات