عندما بدأت مركبة كاسيني بتركيز اهتمامها على مدارات كوكب زحل مع بداية عام 2017، كانت قادرة على التقاط العديد من الصور للأقمار الحلقيّة الصغيرة غريبة الشكل من منظورٍ هو الأقرب على الإطلاق مما كان متاحاً سابقاً.
واكتشفتُ الصعوبة الشديدة في الإحاطة بكلّ المقاييس في نظام زحل دفعةً واحدة، لذلك اعتقدت أن الوقت قد حان لإنتاج مقارناتٍ حجميّةٍ مبتكَرة للأجرام الكوكبية. فكما اتضح لي، هناك ترتيبات للمقاييس في نظام زحل ولم يكن كافياً بالنسبة لي وضع مقياس مقارنة واحد لها جميعاً.
هذه أولى المقارنات التي قمتُ بها، وعند تكبيرها إلى الدقّة الكاملة، ستمثل 100 متر على أرض الواقع لكل بكسل في الصورة. فهذه هي جميع الأقمار الصغيرة في مدارات زحل القريبة (باستثناء فيبي (Phoebe) الخارج عن السرب قليلاً، ممثِّلاً كل الأقمار غير المنتظمة المتقلبة في المدارات البعيدة).
وقد كان التنوّع والاختلاف الحجميّ الموجود حتى بين أصغر أقمار زحل مذهلاً بالنسبة لي، فهناك انتقال غريبٌ من الوعر إلى الأملس يحدث بالنسبة لأصغر الأقمار حجماً، حيث تظهر أصغر الأقمار مغطاة بثلج حلقي سميك صقلته الجاذبية، ولا بد أنه من أكثر المواد التي يمكن تخيلها طراوة. وأراهن أنّك تستطيع اختراق إحدى هذه الطبقات والنفاذ إلى الجهة الأخرى! مخلّفاً وراءك انفجاراً ذا إيقاعٍ بطيءٍ من هذه المادة الثلجيّة الحلقية الناتجة عن الحركة التي سببها مرورك.
من الصعب الحكم على هذه المقارنة، لكنني سأخدع أيغايون (Aegaeon)، وأنث (Anthe)، وبالين (Pallene)، وبوليديوسيس (Polydeuces)، باستخدامي لقمر ميثون (Methone) ليكون مقياساً لهم؛ فهو الوحيد الذي صُوِّر بدقة كافية لإجراء هذه المقارنة.
وعلى الأقل فإننا نعلم وبسبب المشهد الهلاليّ الذي حصلت عليه كاسيني، أن بالين يشبه ميثون في شكله، أما باقي الأقمار فلا نعلم عنها إلا القليل، وبأخذ ذلك بعين الاعتبار، هنا تكبير لأصغر العوالم، الأقمار الحلقية العجينية (ringfloof moons)، في الزاوية العلوية اليسرى لمقارنتي الأصليّة، بمقياس أصغر بخمس مرات.
وما يصدمني حول المقارنة باستخدام الحجوم الأصلية هو أنّها لا تتنبأ أبداً وبأيٍّ من الطرق بأن الأقمار التالية الأكبر في السلسلة هي دائرية تماماً. وهنا مقارنة نهائية، بالتصغير هذه المرة بمقدار خمسة أضعاف، الأمر الذي يظهر لنا كافة أقمار زحل الكبيرة ما عدا قمر تيتان (Titan) (الذي سيكون حجمه بحجم هذه المجموعة بالكامل).
يتعلق هذا التحول الشكلي بالمنافسة بين الجاذبية وقوة المادة الثلجية التي تتكون منها أقمار زحل، فالجليد أقوى من الجاذبية إلى أن يصبح القمر أكبر بقليل فحسب من هايبريون (Hyperion)، لتنتصر الجاذبية بعدها على نحوٍ مفاجئٍ، وتجعد الأقمار إلى شكل كراتٍ دائريّة.
كان هذا ممتعاً، ومعظم العمل مبني على بيانات قديمة لكاسيني، ويبدو أنني سأستمتع بهذه البيانات بقية حياتي المهنية!