بشكلٍ عام، يتعلم العلماء الكثير عن الكون بالاعتماد على الإشعاع الكهرومغناطيسي (أو الضوء) الذي يُمكننا رصده أثناء قدومه من الأجسام؛ ونشاهد الضوء على شكل أمواج راديوية وتحت حمراء ومرئية وفوق بنفسجية وسينية وأشعة غاما. لكن ماذا لو كان هناك مادة في الكون لا تتوهج بطريقة يُمكننا رصدها مباشرةً؟ كيف سنعرف بوجودها؟ كيف يُمكننا معرفة مقدار كميتها؟ وكيف نعرف ماهيتها؟
بالعودة إلى العام 1933، كان الفلكي فريتز زفيكي (Fritz Zwicky) يدرس عنقود كوما المجري ولاحظ أن كمية المادة اللازمة لإنتاج السرعة المدارية الخاصة بالمجرات هناك لا تنسجم مع المادة التي تمت رؤيتها وكشفها؛ ومنذ ذلك الوقت، تم إجراء الكثير من المراقبات التي أدت إلى الحصول على مميزات مشابهة واستخدم العلماء تلك المراقبات في تحديد الكمون الثقالي اللازم لشرح المراقبات وكل ذلك أدى إلى كمية معتبرة من المادة ومفقودة كما حصل مع مراقبات زفيكي –ونُشير إلى هذه الكمية من المادة بشكلٍ شائع بتعبير المادة المظلمة (Dark Matter).
يعتقد علماء الفلك الآن أن معظم المادة الموجودة في الكون مؤلفة من المادة المظلمة؛ وهي مادة لا تصدر ضوء كافٍ ليتم رصدها مباشرةً. على أية حال، هناك عدد من الطرق التي يُمكننا من خلالها اكتشافها بشكلٍ غير مباشر. وتتضمن أكثر الطرق شيوعاً حقيقة أن المادة المظلمة –ومثل غيرها من الأشكال المرئية من المادة –تمتلك تأثير ثقالي على الضوء ومصادره التي يُمكننا رؤيتها؛ وبالاعتماد على تلك التأثيرات للجاذبية "الزائدة" والتي يُمكننا كشفها، نستنتج كمية المادة التي يجب ان تكون موجودة.
أنواع المادة التي نتعامل معها يومياً مكونة من الذرات، المؤلفة بدورها من البرتونات والنيوترونات والالكترونات ونشير إلى هذا النوع من المادة بـ "المادة الباريونية".
وكان السؤال الأول الذي عمل العلماء على مواجهته هو: هل المادة المظلمة مكونة من نفس الأشياء التي نألفها –على سبيل المثال، هل هي باريونية –أم أنها نوع من المواد الجديدة والغريبة؟
حتى الآن، يبدو أنه يُوجد مادة مظلمة باريونية وأخرى غير باريونية؛ ويظهر أن الكون مؤلف من كلا النوعين ولا يزال المجتمع العلمي نشط جداً في مجال المحاولات الساعية إلى اكتشاف طبيعة كل نوع من هذه المواد.