ما هو المنهج العلمي

"أفضل تعريف للعلم هو كونه بحثا متأنيا ومنضبطاعن المعرفة حول أي جانب أو كل جوانب الكون، ويتم تحصيله من خلال اختبار أفضل أدلة متوفرة، كما أنه خاضع بشكل متكرر للتصحيح والتشذيب فور اكتشاف أدلة جديدة، أما ما تبقى فهو زيف ولن يُعتدّ به"، جيمس راندي James Randi.

استغرق الأمر وقتاً طويلاً لتحديد كيف يمكن التحقق من الكون بالشّكل الأفضل. إحدى الطرق هي بالتكلم عنه فقط (وعلى سبيل المثال صرّح الفيلسوف اليوناني أرسطو، بأن عدد الأسنان لدى الذكور مختلفة عنه لدى الإناث، وذلك من دون أن يكلف نفسه عناء التحقق، وقدم بعد ذلك حجة طويلة حول كيف أن هذا هو مسار الأمور). وهذه طريقة غير موثوقة فلا تسطيع الحجج تحديد ما إذا كان تقرير ما صحيحاً، فالأمر يلزمه براهين.

إن النهج الأفضل هو القيام بالمزيد من التجارب وتنفيذ الملاحظات الدقيقة، فنتائج هذا النهج كونية بمعنى أنه يمكن إعادة إنتاجها من قِبل أي من المشككين. ومن هذه الأفكار تم تطوير المنهج العلمي، ومعظم العلوم تستند على هذه الإجراءات لدراسة الطبيعة.

الجزء الأول


ما هو "المنهج العلمي"؟
المنهج العلمي هو أفضل وسيلة مكتشفة حتى الآن لغربلة الحقيقة عن الكذب والخداع. حيث تبدو النسخة المبسطة منه بهذا الشكل:

  1.  ارصد أو لاحظ بعض جوانب الكون.
  2.  استنبط وصفاً مبدئياً يدعي فرضية (hypothesis) ويتوافق مع ما كنت قد رصدته سابقاً.
  3.  استعمل الفرضية لإطلاق تنبؤات.
  4.  اختبر هذه التنبؤات عبر التجارب أو المزيد من الرصد، وعدِّل الفرضية على ضوء النتائج الجديدة.
  5.  كرر الخطوتين 3 و4 حتى تُلغي التناقضات بين النظرية (theory) والتجارب أو/و الأرصاد.


وعندما نحصل على التناسق تتحول الفرضية (hypothesis) إلى نظرية (theory) والتي تؤَمن مجموعة متماسكة من المقترحات القادرة على تفسير صنف من الظواهر. تصبح النظرية بعد ذلك إطار عمل تصنع بداخله التنبؤات وتفسر عبرها المشاهدات.

عدم التحيز هي الميزة الأكبر للمنهج العلمي، فليس على أحدنا أن يثق بالباحث، فبإمكان أي شخص إعادة التجربة وتحديد ما إذا كانت نتائجه\ها صحيحة أو خاطئة. فالاستنتاج يُبنى بغض النظر عن الحالة الذهنية أو المنظور الديني أو حالة وعي الباحث أو موضوع البحث.

يُعرف الإيمان (Faith) بأنه اعتقاد غير مبني على دليل مادي أو منطقي، وبالتالي لا يحدد هل يتم قبول أو رفض نظرية علمية ما.

تقبل النظرية، بغض النظر عن مظهرها أو قوة مؤيديها، عبر المراقبة و/أو التجارب والتي يمكن لأي كان إعادة إنتاجها، فالنتائج المحصّلة عبر المنهج العلمي قابلة للتكرار. في الحقيقة فإن معظم التجارب والأرصاد تم تكرارها مرات عديدة (بعض التجارب لم تكرر بشكل مستقل ولكن تم تكرارها كجزء من تجارب أخرى)، وإن لم يتم التحقق من الإدعاء الأساسي يتم ملاحقة ودراسة أصل هذا التناقض بشكل شامل.


مخطط انسيابي يشرح المنهج العلمي
مخطط انسيابي يشرح المنهج العلمي


بما أنه لا يمكن إجراء التجارب عند دراسة الكون، تُحصّل كل المعلومات من الرصد والقياس. تُستنبط النظريات عبر استخلاص قدر من الانتظام في الأرصاد لترمز بعد ذلك إلى قوانين فيزيائية.

هناك خاصية مهمة جداً في النظرية العلمية أو الفرضية تميزها -على سبيل المثال- عن الفعل الإيماني، وهي أن النظرية يجب أن تكون قابلة للتكذيب (falsifiable)، وهذا يعني بأنه يجب أن يكون هناك بعض الاختبارات والاكتشافات الممكنة قادرة على إثبات بأن النظرية غير صحيحة. على سبيل المثال، تنبأت نظرية أينشتاين بنتائج بعض التجارب. كان يمكن لهذه التجارب أن تنتج نتائج تتعارض مع أينشتاين، لذلك كانت النظرية (ولازالت) قابلة للتكذيب.

في المقابل، نظرية القمر المسكون من طرف رجال خضر صغار، قادرين على قراءة عقولنا، يقومون بالاختباء كلما حاول أحد ما من الأرض البحث عنهم، ويهاجرون إلى الفضاء السحيق كلما اقتربت مركبة فضائية منهم، هي نظرية غير قابلة للتكذيب، فهؤلاء الرجال الخضر مصممون بحيث لا يمكن لأحد أن يراهم. ومن جهة أخرى، نظرية عدم وجود رجال خضر صغار على القمر هي نظرية علمية، تستطيع دحضها عبر الإمساك بواحد. نفس المبدأ ينطبق على رجل الثلج المقيت والأطباق الطائرة وعلى وحش أو وحوش بحيرة لوخ نس.

ومن الانتقادات المستمرة للمنهج العلمي هو أنه غير قادر على استيعاب أي شيئ لم يثبُت بعد. تشير الحجة بعد ذلك إلى أن الكثير من الأمور كان يُعتقد بأنها مستحيلة في الماضي والآن تعتبر حقيقة يومية. وهذا الانتقاد مبنيّ على تأويل خاطئ للمنهج العلمي. فعندما تعبُر فرضية ما الاختبار بنجاح يتم تبنيها كنظرية والتي تفسر بنجاح مجموعة من الظواهر، وبالإمكان في أي وقت أن تُكذب عبر أدلة تجريبية جديدة. عند استكشاف ظاهرة جديدة يستعمل العلماء نظريات موجودة سابقاً، ولكن بما أنه مجال جديد للبحث يؤخذ دائماً بالاعتبار أن النظريات القديمة قد تفشل في تفسير التجارب والأرصاد الجديدة، وفي هذه الحالة توضع فرضيات جديدة وتُختبر إلى أن تظهر نظريات جديدة.

هناك الكثير من نظريات العلم الزائف (pseudo-scientific) والتي تغلف نفسها بحجاب الأدلة التجريبية ولكن عندما يتم اختبارها عن قرب لا تبدو سوى تعابير إيمانية. بالإضافة إلى الحجة التي ساقها بعض الخلقيين، وهي بأن العلم مجرد نوع من الإيمان وهو موقف فلسفي يتجاهل طبيعة العلم العابرة للثقافات. النظرية العلمية للجاذبية تشرح لماذا لا يطير الخلقيون والعلماء عن الأرض على حدٍ سواء. كل ما عليك أن تقوم به هو أن تقفز لتبرهن هذه النظرية، ولا حاجة إلى أي قفزة إيمانية.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المصطلحات
  • قسم استكشاف الكون (EUD): قسم استكشاف الكون، ويقع في مركز غودارد-ناسا لرحلات الفضاء. يقوم العلماء، والمهندسون والتقنيون الذين يعملون هناك بدراسة الفيزياء الفلكية الخاصة بالأجسام التي تُصدر أشعة كونية، وأشعة اكس و إشعاع غاما. المصدر: ناسا

اترك تعليقاً () تعليقات