ماذا نعني بكلمة قانون في العلم؟

المعادلة التي صاغها السير إسحاق نيوتن: تتزايد قوة الجاذبية بتزايد كتل الأجسام وتغدو أضعف عند ازدياد المسافة بين الجسمين
المعادلة التي صاغها السير إسحاق نيوتن: تتزايد قوة الجاذبية بتزايد كتل الأجسام وتغدو أضعف عند ازدياد المسافة بين الجسمين

 

القانون العلمي عموما هو توصيف لظاهرة مشاهدة. إنه لا يفسر وجود الظاهرة أو مسبباتها، فتفسير الظاهرة يعُرف بالنظرية العلمية (scientific theory)، وفكرة تحول النظريات بوجود بحثٍ كافٍ إلى قوانين هو سوء فهم. 

 

يقول بيتر كوبينغرPeter Coppinger، الأستاذ المساعد في علم الأحياء والهندسة الطبية الحيوية في معهد روز هلمان للتكنولوجيا: "في العلم، القوانين هي نقاط انطلاق، ومن خلالها يتمكن العلماء فيما بعد من طرح التساؤلات حول السبب والكيفية".

النظرية العلمية مقابل القانون العلمي



تدعم مجموعة كبيرة من البيانات التجريبية كل من النظرية العلمية والقانون العلمي، ويتم قبولهما على نطاق واسع من أغلبية عظمى من العلماء في اختصاص معين، ويساعد كلاهما في توحيد مجال محدد من الدراسة العلمية، ومع ذلك يشكل كل من القانون والنظرية والفرضية (hypotheses) أجزاء مختلفة من المنهج العلمي (scientific method).

ووفقاً لجامعة كاليفورنيا: "تشبه كل من الفرضية والقانون والنظرية نوعا ما بالتفاح والبرتقال والبرتقال الصيني، إذ لا يمكن لأحدها أن ينمو ليصير الآخر بغض النظر عن كمية الأسمدة والمياه المقدمة". ووفقا لجامعة ولاية كينيسو: فإن الفرضية هي شرح محدود لظاهرة ما، أما النظرية العلمية فهي شرح في صميم الظاهرة المشاهدة، والقانون (law) عبارة تصف ظاهرة مشاهدة أو مفهوم موحد.

يُدلي كوبينغر لـ Live Science: "هناك أربعة مفاهيم أساسية في العلم، وهي الحقائق (facts) والفرضيات والقوانين والنظريات. القوانين هي وصف -غالباً وصف رياضي- لظواهر طبيعية، على سبيل المثال: قانون نيوتن في الجاذبية وقانون ماندل في التوزيع المستقل. ووبساطة تصف هذه القوانين عمليات الرصد، ولا تصف الكيفية وسبب عملها".

ويشير كوبينغر إلى أن قانون الجاذبية اكتشفه نيوتن في القرن السابع عشر، ويصف هذا القانون رياضيا الكيفية التي يتفاعل بها جسمين في الكون مع بعضهما البعض. ومع ذلك لا يشرح قانون نيوتن ماهية الجاذبية، أو كيفية عملها، ولم يدرك العلماء ماهية الجاذبية وكيفية عملها في القرون الثلاثة الأخيرة إلى أن طور آينشتاين Albert Einstein نظريته في النسبية الخاصة (Theory of Relativity). ويضيف كوبينغر:" قانون نيوتن مفيد للعلماء حيث تمكن علماء الفيزياء الفلكية من استخدام هذا القانون، الذي له من العمر قرونا، لهبوط الروبوتات على المريخ. ولكنه لا يشرح كيفية عمل الجاذبية أو ماهيتها، وبشكل مماثل، يصف قانون ماندل في التوزيع المستقل كيفية انتقال سمات مختلفة من الآباء إلى الأبناء، ولكن لا يصف الكيفية التي تنتقل بها ولا السبب في هذا الانتقال.


المثال الآخر عن الاختلاف بين النظرية والقانون هو حالة غريغور ماندل (Gregor Mendel). حيث اكتشف ماندل أن سمتين مختلفتين جينياً تظهران بشكل مستقل عن بعضهما البعض في سلالة مختلفة، ويوضح كوبينغر قائلاً: "لم يعرف ماندل أي شيء حول سلاسل الـ DNA أو الصبغيات، ولم تشرح الكيمياء الحيوية قانون ماندل إلا قبل قرن من الآن حين اكتشف العلماء سلاسل الـ DNA والصبغيات. وبعدها فسّر العلماء -كمورغانT.H. Morgan الذي عمل على ذبابة الفاكهة- قانون التوزيع المستقل باستخدام نظرية الوراثة الصبغية (theory of chromosomal inheritance). ويبقى ذلك إلى يومنا هذا التفسير المقبول عالميا (أي النظرية) لقانون ماندل.

القوانين والرياضيات



يمكن اختصار العديد من القوانين العلمية في معادلات رياضية، فعلى سبيل المثال يُمثَل قانون نيوتن للجاذبية الكونية بالمعادلة التالية: 

\(Fg = G (m1 ∙ m2) / d2\)
 

Fg هي قوة الجاذبية، G ثابت الجاذبية العالمي، والذي يمكن قياسه. أما m1 وm2 فهي كتل كل من الجسمين، وd المسافة بينهما، وفقا لجامعة اوهايو. 

مثال آخر على مواضع تأثير الرياضيات على القانون العلمي هي الاحتمالات (probabilities)، إذ يقول الدكتور سيلفيا واسيرثيل-سمولر Sylvia Wassertheil-Smoller، الأستاذ في كلية ألبرت آينشتاين الطبية: "قانوني العلمي المفضل هو أننا نحيا في عالم احتمالي وغير حتمي، ومع الأعداد الكبيرة تنجح الاحتمالات دائما." يمكننا حساب احتمال حدث ما ويمكننا تحديد مقدار يقيننا من استقرائنا، لكن هناك دوما فارق بين الدقة (precision) واليقين (certainty)؛ ويُدعى ذلك بفاصل الثقة. على سبيل المثال يمكننا أن نكون متأكدين بنسبة 95 % من أن ما نحاول تحديده يكمن في مجال محدد؛ أو يمكن أن نكون أكثر يقينا، لنقل بنسبة تصل إلى 99 %، وعند ذلك يكمن في مجال أوسع. وكما في الحياة عموما، علينا تقبل وجود فوارق. 

هل تتغير القوانين



ووفقا لجامعة كاليفورنيا: أن تصبح الفكرة قانونا، فإن ذلك لا يعني عدم إمكانية تغييرها نتيجة للأبحاث العلمية المستقبلية، حيث يختلف استخدام كلمة (قانون) ما بين الواضِعين والعلماء. فحين يتحدث معظم الناس عن قانون ما، فإنهم يعنون بذلك شيئا مطلقا، القانون العلمي أكثر مرونة بكثير. فيمكن أن تكون له استثناءات أو يمكن إثبات خطأه، أو أن يتم تطويره مع مرور الوقت.

يقول كوبينغر: "العالم الجيد هو الشخص الذي يسأل دائما السؤال التالي: كيف يمكنني إظهار خطأي لنفسي؟ وبالعودة إلى قانون نيوتن في الجاذبية، أو قانون ماندل في التوزيع المستقل، نرى بأن تجارب ومشاهدات مستمرة ضعضعت هذين القانونين، واكتُشفت استثناءات. فعلى سبيل المثال، ينهار قانون نيوتن في الجاذبية عند النظر إلى المستوى الكمي (دون الذري)، وينهار قانون ماندل في التوزيع المستقل عند ارتباط الصفات على نفس الصبغي". 


 

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات