ما هو جهاز إيتر والتوكاماك؟
تُولد محطات الطاقة الكهربائية الكهرباء عبر تحويل الطاقة الميكانيكية إلى طاقة كهربائية باستخدام أجهزة معينة، من مثل العنفات (turbine). وفي محطات الطاقة البخارية التي تعتمد على حرق الفحم، يساهم احتراق الفحم في تحويل الماء إلى بخار، ومن ثمّ يُدور البخار مولدات العنفة، لتنتج بدورها الكهرباء. تعتمد محطات الطاقة الحالية إما على الوقود الأحفوري، أو الانشطار النووي (nuclear fission)، أو المصادر المتجددة (renewable sources)، مثل الهيدروليكية.
التوكاماك (Tokamak)، هو عبارة عن جهاز تجريبي مصمم للاستفادة من الطاقة الناجمة عن الاندماج النووي (Fusion). وداخل هذا الجهاز، تُمتص الطاقة الناتجة عن اندماج الذرات، على شكل حرارة، بواسطة جدران الوعاء الحاوي. وتمامًا كما هي الحال في محطات الطاقة التقليدية، ستستخدم محطة الاندماج النووي هذه الحرارة لإنتاج البخار، ومن ثمّ الكهرباء، بالاعتماد على العنفات والمولدات.
كيف يعمل التوكاماك؟
الجزء المركزي للتوكاماك عبارة عن حجرة فراغ مشابهة لحلوى الدونات. داخل هذه الحجرة، ونتيجة لتأثير الحرارة والضغط الشديدين، يتحول الوقود الهيدروجيني الغازي إلى بلازما (plasma) -غاز مشحون كهربائياً وساخن. توفر البلازما داخل النجوم، كما هي الحال مع جهاز الاندماج، البيئة المناسبة لاندماج العناصر الخفيفة، ما يؤدي إلى تحرر الطاقة الناتجة عن هذه العملية.
من الممكن تشكيل الجسيمات المشحونة للبلازما والتحكم بها باستخدام ملفات مغناطيسية ضخمة تُوضع حول الوعاء. وفي العادة، يستخدم علماء الفيزياء هذه الخاصية المهمة لاحتواء البلازما الساخنة وإبعادها عن جدران الوعاء. وقد حصل هذا الجهاز على اسمه نسبة للاختصار الروسي، الذي يعني الحجرة الحلقية ذات الملفات المغناطيسية (toroidal chamber with magnetic coils).
وللبدء بالعملية، لا بدّ من طرد الهواء والملوثات الأخرى من حجرة الفراغ. وبعد ذلك، تُشغل الأنظمة المغناطيسية المستخدمة لاحتواء البلازما والتحكم بها، ويُحقن الجهاز بالوقود الغازي. ونتيجة لمرور تيار كهربائي هائل عبر الوعاء، فإن الغاز يتحطم كهربائياً ويتأين -أي تُجرد الأنوية من الكتروناتها- وبالتالي تتشكل البلازما.
ومع ازدياد طاقة جسيمات البلازما وتصادمها ببعضها البعض، فإن درجة حرارتها ترتفع أيضاً؛ وتساعد طرق التسخين الثانوية في رفع درجات حرارة البلازما لتصل إلى القيم اللازمة لتحقيق الاندماج (بين 150 مليون و300 مليون درجة سيلسيوس). وبالتالي تصبح لدى الجسيمات حينها الطاقة اللازمة للتغلب على التنافر الكهرومغناطيسي الطبيعي لتنصهر، مطلقةً بذلك كميات هائلة من الطاقة.
ومنذ تطويره للمرة الأولى بواسطة الاتحاد السوفيتي في ستينات القرن الماضي، تبنت كثير من دول العالم مبدأ التوكاماك واعتبروه التشكيل الواعد في مجال الوصول إلى جهاز الاندماج النووي. وسيُمثل "إيتر" (ITER) أكبر جهاز توكاماك موجود في العالم، إذ يفوق حجمه حجم أكبر جهاز موجود حالياً بمرتين، كما أنّ حجم حجرة البلازما أكبر بعشرات المرات.