مسح كبير وجديد يسلط الضوء على المادة المظلمة النتائج الأولى من مسح VST KiDS

تم الإعلان عن أولى نتائج المسح الكبير والجديد للمادة المظلمة الذي يجريه المرصد الأوروبي الجنوبي European Southern Observatory أو ESO في السماء الجنوبية باستخدام تلسكوب المسح الفلكي VLT Survey Telescope أو (VST) الواقع في مرصد بارانال Paranal Observatory في تشيلي. وسيوفر مشروع المسح درجة-كيلو Kilo-Degree Survey أو (VST KiDS) للفلكيين إمكانية إجراء قياسات دقيقة حول المادة المظلمة، وتركيب هالات المجرة، وكذلك تطور المجرات والعناقيد المجرية. وتبين النتائج الأولى لمسح KiDS كيفية تحديد خصائص المجرات المرصودة من خلال تكتلات المادة المظلمة الهائلة وغير المرئية المحيطة بهذه المجرات.

تبلغ نسبة المادة المظلمة في الكون 85 % تقريبا [1]، وهي نوع غير مفهوم إلى الأن لدى الفيزيائيين. فبالرغم من أنها لا تلمع أو تمتص الضوء، لكن تحديدها ممكن لعلماء الفلك، وذلك عبر تأثيرها على النجوم والمجرات، خصوصا من خلال السَّحب الثقالي (gravitational pull) الذي يميزها. ويظهر مشروع المسح الكبير -باستخدام تلسكوبات المرصد الأوروبي الجنوبي القوية- العلاقات بين هذه المادة المظلمة الغامضة، والمجرات المشعة التي يمكن رصدها مباشرة بشكل أوضح من السابق [2].
 

يستخدم مشروع VST KiDS التصوير بالكاميرا الضخمة (OmegaCAM) لتلسكوب المسح الفلكي المثبت في مرصد البارانال التابع للمرصد الأوروبي الفلكي في تشيلي و قد خصص هذا التلسكوب لمسح سماء الليل بالضوء المرئي، كما ألحق به تسلكوب مسح بالأشعة تحت الحمراء (VISTA). لكن تبقى أهم الأهداف الرئيسية لتلسكوب (VST)، رسم خرائط لتوزع المادة المظلمة واستخدامها لفهم دور الطاقة المظلمة الغريبة في تسريع عملية توسع كوننا.
 


تعدّ طريقة العدسية الجذبية (gravitational lensing) الطريقة الأفضل لرصد أماكن توضّع المادة المظلمة، حيث أنها ترصد تشوه النسيج الكوني نتيجة الجاذبية التي تسبب بانحراف الضوء القادم من المجرات البعيدة إلى ما هو أبعد من المادة المظلمة. ويمكن من خلال دراسة هذا التأثير رسم خرائط الأماكن التي تكون فيها الجاذبية قصوية، وبالتالي معرفة أماكن تواجد المادة بما فيها المادة المظلمة.
 

وقد استخدم فريق KiDS الدولي، الذي يرأسه كوين كويجكين Koen Kuijken، في مرصد لايدن Leiden في هولندا [3] هذه الطريقة في أوراقهم الأولى التي لم تنشر، وذلك من أجل تحليل صور أكثر من مليوني مجرة تبعد بما يعد إجمالا بـ: 5.5 مليار سنة ضوئية [4]، حيث درسوا تشوه الضوء الصادر عن هذه المجرات وانحناءه أثناء مروره من التكتلات الضخمة للمادة المظلمة في طريقه إلى الأرض.
 

لم تستخدم سوى 7 % من منطقة المسح النهائية للحصول على النتائج الأولى التي تركزت على رسم خرائط لتوزع المادة المظلمة ضمن مجموعات من المجرات، حيث تعيش معظم المجرات ضمن مجموعات، بما فيها مجرتنا درب التبانة التي تعد جزءا من المجموعة المحلية. يعد إدراك محتوى المادة المظلمة اختبارا حاسما للتوصل إلى النظرية الشاملة لتشكل المجرات في الشبكة الكونية، علما أن المجرات تتحول لتحوي كمية من المادة المظلمة تبلغ 30 ضعفا مقارنة بكمية المادة المرئية، وذلك من خلال تأثير العدسية الجذبية.
 

يقول المؤلف الرئيسي لإحدى أوراق KiDS الأولى ماسيمو فيولا Massimo Viola من مرصد لايدن في هولندا: "من المثير للاهتمام توضّع ألمع مجرة دائما قرب تكتلات المادة المظلمة".
 

ويضيف كويجكين: "لم تثبت المشاهدات حتى الآن نظرية تشكل المجرات بهذه الآلية، حيث تستمر المجرات بالدخول ضمن مجموعات والتراكم في المركز".
 

تعد هذه النتائج بداية مشروع كبير يهدف إلى الاستفادة من مجموعات البيانات الضخمة المتوفرة من تلسكوبات المسح التي أصبحت متاحة للعلماء في جميع أنحاء العالم من خلال أرشيف المرصد الأوروبي الجنوبي.
 

وسيساعد مسح KiDS في توسيع إدراكنا لماهية المادة المظلمة، حيث سيمثل تمكننا من تفسير المادة المظلمة وتأثيراتها إنجازا كبيرا في الفيزياء.

ملاحظات:


[1] وجد الفلكيون أن مجموع محتوى الكتلة/الطاقة في الكون ينقسم إلى نسب على الشكل التالي: 68 % تمثل الطاقة المظلمة، و27 % المادة المظلمة، أما 5 % الباقية فتمثل المادة الطبيعية. لذلك، تعود النسبة 85% إلى الجزء المظلم للمادة.

[2] تظهر حسابات الحاسوب العملاق كيفية تطور كون ممتلئ بالمادة المظلمة، حيث ستتكتل المادة المظلمة مع مرور الزمن على هيئة بنية شبكة كونية ضخمة، وستتشكل المجرات والنجوم عندما تمتص التكتلات الأكثف للمادة المظلمة الغاز.

[3] يضم فريق KiDS الدولي علماء من هولندا، والمملكة المتحدة، وألمانيا، وكذا من إيطاليا، وكندا.

[4] تم هذا العمل بالاستعانة بخرائط ثلاثية الأبعاد لمجموعات المجرات، التي وفرها مشروع مسح تجمعات المجرات والكتل Galaxy And Mass Assembly project أو (GAMA)، وذلك بعد الحصول على نتائج رصد ضخمة من التلسكوب أنغلو-أسترالي (Anglo-Australian Telescope).
 


معلومات إضافية:


  • عرض هذا البحث ضمن مجموعة متسلسلة من الأوراق العلمية المقدمة للعديد من المجلات الرائدة.
     
  • ESO هي المنظمة الحكومية الدولية الرائدة في أوروبا، والأكثر إنتاجا على مستوى الرصد الفلكي في العالم حتى الآن.
     
  • المنظمة مدعومة من قبل 16 دولة و هي: ألمانيا، والنمسا، وبلجيكا، والبرازيل، وجمهورية التشيك، والدنمارك، وفرنسا، إلى جانب فنلندا، وإيطاليا، وهولندا، وبولندا، والبرتغال، وإسبانيا، والسويد، وسويسرا، والمملكة المتحدة، بالإضافة إلى الدولة المضيفة تشيلي.
     
  • تنفذ ESO برنامجا طموحا يعتمد على التصاميم، والأبنية، وتشغيل منشآت الرصد الأرضية بصورة قوية، وذلك لتمكن علماء الفلك من تحقيق اكتشافات علمية مهمة، إضافة إلى ذلك، تلعب المنظمة دورا رائدا في تنظيم وتعزيز التعاون في البحوث الفلكية.
     
  • تدير المنظمة ثلاثة مواقع للرصد فريدة من نوعها في العالم تقع كلها في تشيلي وهي: لاسيلا، وبارانال، وشانجنوتور.
     
  • تدير ESO في بارانال تلسكوبا كبيرا جدا يعتبر الأكثر تقدما في مجال رصد الضوء المرئي على مستوى العالم، كما تدير اثنين من التلسكوبات الماسحة، هما: VISTA أكبر تلسكوب ماسح بالعالم يعمل في مجال الأشعة تحت الحمراء، و(VLT) وهو أكبر تلسكوب صمم ليرصد حصريا الضوء المرئي.
     
  • وتعتبر ESO كذلك الشريك الرسمي في ALMA، وهو المشروع الفلكي الأكبر في الوجود.
     
  • كما تقوم ESO في منطقة سيرو أرمازونس، التي تقع على مقربة من بارانال، ببناء التلسكوب الأوروبي الكبير جدا (E-ELT)، حيث سيمتلك فتحة تبلغ 39 مترا، ليصبح بذلك "أكبر عين في العالم على السماء".

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المصطلحات
  • المفعول العدسي التثاقلي (gravitational lensing): المفعول العدسي التثاقلي: يُشير إلى توزع مادة (مثل العناقيد المجرية) موجودة بين مصدر بعيد والراصد، وهذه المادة قادرة على حرف الضوء القادم من المصدر أثناء تحركه نحو الراصد. ويُترجم أحياناً بالتعديس الثقالي أيضاً.
  • المجرة (galaxy): عبارة عن أحد مكونات كوننا. تتكون المجرة من الغاز وعدد كبير (في العادة، أكثر من مليون) من النجوم التي ترتبط مع بعضها البعض، بوساطة قوة الجاذبية. و عندما تبدأ الكلمة بحرف كبير، تُشير Galaxy إلى مجرتنا درب التبانة. المصدر: ناسا

اترك تعليقاً () تعليقات